دخول

عرض كامل الموضوع : أَوْلَى بِهَذا القلــبِ أنْ يَخْفِــقَ


baher ellnemr
08-07-2018, 04:08 PM
أغدا ألقاك ! يا خوف فؤادى من غدى ، يا لشوقى و احتراقى بانتظار الموعد .. ما أروعها من قصيدة كلما سمعتها أثارت فى نفسى الكثير من لواعج مهجتى ، لطالما عشقت الرومانسية بكل جوانبها ، و كثيرا ما طفت بخيالى فى ليالى الحب مع أغانيه ، أحب الحب لكنى لم أصادفه ، كمن يعشق البحر بمده و جزره و صفائه و سكونه و هياجه لكنه لم يجرب خوض مياهه لا سباحة و لا غوصا ، لكننى عرفته من تلك القصائد ، و عشته بروح من يغنى له و ليته يمر بباب قلبى ليلة حتى أحضن معه شوق العمر له ، أيها الحب أما آن لك أن تزور روحى و تسكن فى شواطئها ! أما آن للقلب أن يبصر و للعين أن تسهد و للعقل ان يشرد مع كلمات الحبيب وهمساته ! أما آن لى أن أنتظر موعد اللقاء بكل شوق لرؤيا ذلك الحبيب ! مسكين أنت يا قلبى ، لم تخفق لرجل من قبل و لم تعرف كيف يكون الحب ، علموك أن الحب عار حتى صدقتهم و رميت خلف ظهرك كل من حاولوا الوصول إليك ، منذ المرحلة الثانوية و أنا أتعلم أن الفتاة التى تسمح بإقامة علاقة عاطفية مع شاب هى فتاة لعوب تلقى بنفسها فى التهلكة ، علمونى مخاطر الحب و ما علمونى كيفية الوصول به لبر الامان ، اكتفوا بالترهيب منه و ما لقنونى طرق النجاة و أساليبها ، رفضوا فكرته من الأصل و ما وضعوا احتمالا و لو ضعيفا أن يحدث ، شأنهم فى ذلك شأن من كان يعلم غيره السباحة و مبادئها و نسى أن يعلمه ماذا يفعل لو صادف الغرق .. و التحقت بالجامعة و انا على نفس العقيدة - عقيدة الصد - لا زمالة ، لا صداقة ، لا معرفة بين شاب و فتاة ، كنت أنظر لكل اثنين من الزملاء شاب و فتاة و أراهما يلتقيان أشعر أنهما يتجهان للهلاك ، ما أظلم من علمنى تلك الخرافات .. و ما أظلمك يا أبى حينما وضعت قائمة الشروط المجحفة لمن يرغب فى التقدم لابنتك حتى شعر الجميع أنهم على غير قدرك ، و انت من أكد لهم ذلك الشعور ، أذكر حينما كنت فى الفرقة الأولى بكلية التجارة منذ سنوات حينما أراد أحد الشبان النوابغ فى مدينتنا ان يتقدم لى و قد كنت حلم حياته كما كان يردد ، و لأن الشروط لم تكن تنطبق عليه حينها رفضت يا أبى أن تنصت إلى حديثه ، لن أنسى حينما جاء إليك مع لفيف من أقربائى ليستجديك و يسترحمك أن ترفق بقلبه فلم تخضع لتوسلاته و لم تشفع له الوساطة و خرج من بين يديك منهزم الوجدان كاسف البال جريح الكرامة ، و لم أدرى حينها ما الذى أبكانى و جعلنى أرثى لحاله حينما رأيته من خلف باب غرفتى و هو يهم ليقبّل يديك أن توافق لكنك استكبرت بغير الحق ووليته ظهرك و لم تحترم الحضور ، وقتها شعرت بشئ آخر فى الحب لم تعلمونى إياه ، أن الحب قد يسعد من يحب بالارتباط الأبدى بمن أحب ، لكنه كذلك قد يعصف بروحه و يجعله مسلوب الإرادة يبكى للفقدان و يبذل فى سبيل القرب كل شئ حتى الكرامة ، و ما الكرامة إلا فى مواجهة الدنيا من أجل الحبيب ، هكذا تعلمت من الكتب و الروايات فيما بعد ما لم تعلمونى إياه .. يومها شعرت ان امى لها رأى آخر يختلف عن رأى أبى ، لكنها لم تكن تملك النطق بالاعتراض ، وخرج الجميع من بيتنا نادمين على القدوم إليك ، و يومها جلست لتسمعنى تاريخ عائلة ذلك الشاب و عدم احترامك لا لتاريخهم و لا لحاضرهم و اخبرتنى أن من يستحقنى لابد أن يكون كذا و كذا و لديه كذا حتى يليق بمقامك الرفيع ، مقامك أنت ، دائما تحسب كل الأمور من زاويتك انت ، نرجسىٌّ أنت .. و منذ ذلك الحين توالى الخاطبون على فترات زمنية و لكن احوالهم تشابهت فى تلقى ردود أكثر لياقة : إنها تدرس الآن و الباب مغلق ، و عاما بعد عام أحجم الكل عن التقدم لى .


و اكملت دراستى الجامعية على خير ، و فى صيف عام 2013 أقبلت أمى يوم تخرجى لتهنئنى و تدعو لى براحة القلب مع الرجل الذى اختاره انا ، ابتسمت فى سخرية و حدثت نفسى بالسؤال الانكارى :- و هل مثلى من تختار يا أماه ؟ يومها وقفت أمام المرآة أنظر لنفسى لأتفقد هل فى تكوينى ما يزيد على أولئك الفتيات اللاتى ينعمن بالارتباط حتى يجعلنى أبى برجا عاجيا لا يمكن لأحد ان يطلب منه الصعود إليه ، أم هل ترانى أنقص عنهم شيئا ! وقفت أنظر إلى تلك العيون السوداء الحوراء ، و تلك البشرة البيضاء الناعمة ، و ملامح الوجه الذى عرفته جميلا لانه يحمل ملامح امى ، هى حقا فائقة الجمال و هذا ما جعل أبى يتقدم لها أكثر من مرة حتى توافق به ، نظرت الى الجبين الابيض الناصع و الشعر الأسود الناعم المسدول على كتفىّ يتموج موج البحر الهادر ، تلك الخدود التى لم تمسسها شفاه رجل ، تلك الشفاه الحمراء القانية التى لم تعرف الهمس و لم تقترب منها شفاه لتجرح عذريتها ، ذلك العود الغض اللين ، حقا عندما أمشى لا يمكننى ان احكم ليونته و تراقصه على وقع خطواتى ، ذلك الخصر النحيل و القوام المرسوم و هذان النهدان اللذان قد بالغا فى الاستدارة و البياض و النضارة و الطراوة ، و هذا الجسد الشهى النحيف الذى يشبه جسد ملكات الجمال كما كانت تصفنى زميلاتى ، الأرداف المتسقة مع انحناءة الخصر ، و السيقان الملفوفة بشكل بارع النسق ، بينما كانت أمى تشبهنى بعارضات الازياء او لاعبات التنس الشهيرات ، و عندما كنت أقارن ، كنت أرى نفس التفاصيل ، لا ، لا ازيد شيئا عن إحداهن ، و لا انقص كذلك ، ربما كان أبى لديه وجهة نظر فى ذلك ، و لكن دوما وجهات نظره تتعلق بالعنجهية ، ذلك المتغطرس المتكبر الذى حاول مرارا أن يلبسنى نفس حلته لكنه أخفق ، غير أنه نجح فى أن يخلعها على إخوتى الذكور حتى صاروا مثله .. و بعد التخرج ظللت حبيسة البيت لا أخرج إلا فى مناسبة و أنا بين أفراد العائلة أحدهم أو جميعهم ، مر عام و الثانى و الثالث ، و كلما حاول شاب أن يتجرأ و يتقدم لوالدى يلقى مصيره من الصد ، و أسمع همسات النقاش تدور فى البيت بسخرية أبى و إخوتى ممن تقدم تارة ، و تارة يتحدثون عن ضعف إمكانياته و نقص قدراته فى نيل الشرف الرفيع بالنسب ، رغم أن أحدهم لو تقدم لابنة وزير لوافق عليه ، إلا أن أبى كانت له دائما معاييره المختلفة فى وزن البشر .


كان أبى يعمل فى منصب رفيع لا حدود فيه لسن التقاعد ، و كان من الاثرياء حقا و لديه من الممتلكات ما يتيح له أن يفعل بماله كل شئ ، و لديه من النفوذ ما يجعله أقوى بكثير من أى رجل فى مدينتنا ، و لديه من الاتصالات ما يتيح له أن يجلس مع علية القوم و الاكابر ليحققوا له ما يريد فى اطار خدمة مقابل أخرى ، لم ينجب من الاناث الا انا بينما انجب ولدين جعل منهما صورة طبق الأصل منه ، و حينما ماتت أمهما تزوج بأمى قبل مرور عام على وفاة زوجته الأولى ، امى حفيدة الوزير الاسبق و التى كانت دوما تعيش فى تلك الأسرة كما لو كانت غريبة عن الجميع ، اليوم صار كلا ولديه قد تجاوز الأربعين ، أما أنا و قد مر على تخرجى أربعة أعوام كاملة فقد بلغت السادسة و العشرين ، وصلت لهذا العمر دون ان ينبض قلبى لرجل ، دون أن استمع و لو إلى بيت شعر محفوظ من قصيدة يلقيها رجل على مسامع امرأة فى شكل اسطوانة قديمة ، و رضيت و قنعت بما أنا فيه و كان يبدو لى أن ذلك منتهى الحال ، لن يتغير شئ حتى و لو قامت الحروب أو شبت الحرائق ، كنت أرى القلق و التوتر يبدو على ملامح امى كلما مر عام فى عمرى و انا بدون ارتباط لكن لم يكن بيدها شئ فالأمر و النهى لأبى وحده ، مسكينة أنتى يا أمى ، ترى هل تزوجتيه مكرهة أم كنتى عنه راضية ، لم أراكى يوما تبتسمين له ، و لم أراه يوما يناديكى أو يعاملك بود و لا برحمة .. كانت امى من أسرة عريقة الأصول لكنهم كانوا كذلك يحملون نفس طباع أبى من العنجهية ، قليلا ما رأيت امى تذكرهم او تزورهم او يزورونها لست ادرى ما الاسباب لكن ربما هى لا تحب طريقتهم ، أما هى فكانت فى قمة التواضع و الرحمة و الرفق بالناس ، كانت تحترم الجميع ، كانت جميلة كما تحتوى احرف الكلمة و معانيها ، و كان من يرى أمى الى جوارى قد يظن اننا شقيقتان ، خير ما فعلت فى دنياك لى يا أبى ان أهديتنى هذه الأم ، ورثت عنها كل شئ ، طباعها و روحها و جمالها و حنانها ، يكفيك ولداك أن يرثا عنك طباعك الكريهة و غطرستك و قسوتك .


فى مدينة تتبع محافظة الدقهلية كنا نسكن أنا ( دينا ) مع أمى و أبى فى بيت من طابقين ، يجاوره مباشرة منزل اخى الأكبر ( معتز ) من طابقين كذلك لكنه مغلق لاقامته فى القاهرة منذ أعوام و لا يأتى إليه إلا كل عام مرة أو مرتين ، و الى جواره منزل اخى ( راضى ) و الذى كان على نفس النمط الهندسى للبيتين الآخرين ، الا انه كان مغلقا بشكل دائم نتيجة لسفره خارج البلاد فى مهمة عمل تستغرق أربعة أعوام يعود بعدها الى مصر لأربعة أخرى و هكذا ، و يحيط بالمنازل الثلاثة حديقة واسعة بينها و بين الطريق سور محيط بها ، كل يوم كنت أستيقظ من نومى على تغريد البلابل و شقشقة العصافير ، كان هذا هو الجزء الأجمل فى يومى ثم بعدها أرى تلك الوجوه العابسة التى كانت كلماتها معى معدودة لا تتجاوز العبور الى الاذن ، حتى جاء ذلك اليوم الذى رأيت فيه أبى يدخل غرفتى و معه بعض الاوراق ليخبرنى باننى قد تم تعيينى - على غير رغبته - فى وظيفة تتبع شركة شمال الدلتا لتوزيع الكهرباء ، و براتب مجزى ، قال ان هناك من أصدقائه من فاجأه بتلك الهدية كنوع من رد الجميل له على ما سبق من خدمات و لقد وافق لأنه يرانى فى فراغ رهيب و احتاج لتغيير الجو بعد أربع سنوات قضيتها فى البيت بعد التخرج لا أفعل شيئا إلا مشاهدة برامج التلفاز او الاستماع الى الموسيقى ، او إلى قراءة كتاب من اولئك الذين لا أبخل على نفسى فى جمعهم .
و ذهب معى بسيارته فى اول يوم للعمل ليوصلنى و عرفت الطريق و طلبت منه العودة بمفرده و اخبرته انى سأرجع فى أتوبيس نقل عام إلى البيت مما أثار غضب أبى ، و سألنى ممتعضا عن السبب فأخبرته أننى لا أريد له أن يتعطل عن شئ ، فانا بإمكانى أن أتدبر احوالى و سأذهب و أرجع فى وسائل المواصلات العادية كما كنت فى الجامعة فسكت و تركنى دون ان يناقشنى ، و كان من الواضح أنه قد اوصى هو و صديقه صاحب الهدية بان يكون عملى خفيفا يشبه التمرين ، كان الكل يعاملنى معاملة خاصة و ابتسامتهم دوما لا تفارق شفاههم عندما يحادثونى .. و مر أول شهر من شهور العمل و الحياة قد انتقلت من رتابتها فى المنزل الى رتابتها فى العمل و البرنامج اليومى ، كنت أخرج من البيت قبل الثامنة و استقل الاتوبيس إلى مقر عملى ، إلى أن حدثنى المدير أننى لا داعى لأن أذهب مبكرا الى العمل و بإمكانى ان أصل إلى مقر الشركة بعد الثامنة او قبل التاسعة بقليل ، و بالفعل خرجت فى الصباح التالى بعد الثامنة لأستقل الاتوبيس و الذى كان مزدحما عن الموعد السابق قبل الثامنة ، يبدو ان الأغلبية من الموظفين مثلى يذهبون الى مقار اعمالهم قرب التاسعة ، نظرت يمينا و يسارا فى الاتوبيس و لم أجد أى مقعد خالى ، و هنا رأيت احد الشباب ينهض من مقعده و فى عينيه كل مظاهر الإعجاب ليشير إلى أن أجلس مكانه ، و بعد ممانعة خفيفة جلست و انا ممتنة له .



ظل واقفا دون ان ينظر إلىّ مرة اخرى ، حتى عندما توقف الأتوبيس فى تلك المحطة التى سأنزل فيها وجدته ينزل قبلى و لم يلتفت ، نزلت خلفه و انا أراه متوجها لنفس الشركة إلا أنه صعد إلى الطابق الثانى بينما كان عملى فى الطابق الأول ، و فى اليوم التالى ركبت الاتوبيس نفسه و وجدته جالسا و لما صعدت قام بابتسامة و كرر لطفه و كرم خلقه معى مرة اخرى و رغم رفضى فى البداية إلا أنه أصر ، فجلست و انا أبتسم له هذه المرة ، و عندما حان موعد النزول نزل قبلى ، لكنه توقف فى مكانه حتى نزلت و سار يتبعنى فى خطوات متثاقلة حتى لا يسبقنى ، فقد كانت خطواتى بطيئة منذ الصبا ، و عندما اقتربت من باب الشركة و صعدت اولى درجات السلم نظرت خلفى فرأيته و قد بدت عليه الدهشة ، فانتحيت جانبا على السلم و أشرت له باسمة بالصعود قبلى فتوقف قليلا و سألنى بصوت عذب رقيق إن كنت أعمل هنا ، فأجبته بالايجاب فابتسم و قال نحن زملاء إذاً ، أنا أيضا أعمل فى نفس المكان ، كم هى صدفة سعيدة ، منذ الغد سأحجز لك مقعدا فلو اننى كنت اعلم فى اليومين السابقين انك زميلة لحجزته لك ، فأنا دوما أبكر فى الجلوس فى ذلك الأتوبيس ، شكرته على لطفه و ابتسمت ثم انصرفت .


و فى اليوم التالى صعدت الأتوبيس فوجدته يجلس و إلى جواره مقعد خالى فقام من فوره و أشار لى بالجلوس فى اى مكان احب ، إلى جوار الطرقة أم إلى جوار الشباك ، فاخترت الشباك و جلست أشاهد الطريق بينما هو لم ينطق بكلمة واحدة حتى وصلنا ، فقط كان يمسك بكتاب فى يده يقرؤه ، لاحظت اسم الكتاب على الغلاف بنظرة عين ( أوراق على شجر ، لأنيس منصور ) لدىّ نسخة من هذا الكتاب ، إنه حقا كتاب رائع ، و لكن الأروع أن هذا الشاب قارئ يتضح أنه مطلع ، ظل يقرأ فى صمت و انا أختلس نظرة له بين حين و حين ، كان شابا يقترب من الثلاثين بقليل ، قوى البنيان ، مفتول العضلات ، طويل القامة ، عريض الصدر فى غير غلو ، شعره ناعم و طويل كذلك ، كستنائى اللون بشكل يتناغم مع ملامح بشرته الخمرية ، له شارب و لحية قد اعتنى كثيرا بتهذيبهما و تحديد خطوطهما ، عيناه سوداوان معبرتان لهما وقع فى النظرة و الابتسامة و الهدوء ، كان يرتدى قميصا أبيض اللون و بنطالا من القماش الفاخر و حذاء أسود اللون لامعا و يضع عطرا ما أجمل رائحته ، عبيره أخاذ ، بيده ساعة ........ ما هذا ؟ لماذا استغرق فى النظر إليه بهذا الشكل ؟ و لماذا انظر فى يده اليمنى و اليسرى أبحث عن خاتم الزواج أو الخطوبة ؟ إنه طيف عابر ، مجرد زميل عمل فى مكان يتسع لآلاف الموظفين الزملاء و الزميلات ، توقف الأتوبيس و انا هائمة بين أسئلتى تلك و الرد عليها و إذا بصوته بنادينى بهدوء :- سيدتى لقد وصلنا ، افقت و انا انظر من الشباك إلى الطريق ثم ابتسمت و نزلت من الأتوبيس خلفه لكنه توقف قليلا حتى نزلت ، و رأيته يريد السير إلى جوارى ، كان الطريق بين المحطة و الشركة حوالى خمس دقائق ، و قال فى هدوء ظننتك لن تنزلى هنا اليوم حينما توقف الأتوبيس لكن اتضح لى أنك كنتى منشغلة بشئ ، لعله خير . رددت عليه بعبارة مقتضبة و قلت : نعم لعله خير ، أو ربما ليس كذلك ، صمت قليلا ثم قدم لى نفسه و قال :- انا مصطفى بكالوريوس علوم حاسب و أعمل هنا منذ خمسة أعوام ، هل لى ان أعرف اسمك لو لم يكن هذا مزعجا لك ؟ فرددت عليه بابتسامة و قلت : دينا ، بكالوريوس تجارة و أعمل هنا منذ شهر تقريبا ، كنت اتمنى المزيد من أسئلته لكن ها قد وصلنا ، و ها هو يلقى على التحية و يستمر فى صعود السلم ، كنت اود ان أسأله عن عمره و ظروفه الاجتماعية ، لكن لماذا أريد أن أعرف ؟ ويحك أيها الفضول ! أمضيت اليوم كله و صورته تلمع أمام عينى ثم تختفى ، لست ادرى ماذا دهانى !


و انتهى اليوم و حان موعد الانصراف ، خرجت لأجده يقف على نفس الرصيف الذى ننزل عنده ، نظر إلى بابتسامة و حيانى برأسه ، فرددت عليه التحية بمثلها و ما هى إلا دقائق حتى جاء الاتوبيس ، صعد و هو يبحث عن مقعد او مقعدين فلم يجد ، ثم نظر بعينه إلى المقاعد و رأيته يتوقف إلى جوار مقعدين فى المنتصف يجلس عليهما رجلان ، ثم أشار لى أن ألحق به ، لا أعرف لماذا لبيت نداءه و ذهبت إلى هناك فرأيته يبتسم و هو يقول فى همس ، هذان الرجلان سينزلان فى المحطة القادمة فابتسمت و قلت له : من الواضح أنك تستقل هذا الأتوبيس منذ زمن حتى عرفت كل ركابه ، فابتسم و قال : نعم و لقد استفدت كثيرا من حفظى للوجوه ، و فى المحطة التالية نزل الرجلان ، فأجلسنى اولا إلى جوار الشباك ثم جلس و هو ينظر فى وجهى و يبتسم ، ثم ساد الصمت بيننا ، لكننى لاحظت كأنه يريد أن يقول شيئا ما ، لكنه كان مترددا ، جاء المحصل فرأيته يدفع ثمن تذكرتين ، و لما هممت أن أخرج النقود من حقيبتى رأيته يبتسم و يقول : لا عليكى لقد دفعت .. امتزجت مشاعرى بين الدهشة و الخجل و الغضب ، و لما لاحظ كل هذا فى وجهى اعتذر و قال هذا واجب لا يمكن لرجل أن يغفله ، نحن زملاء يا سيدتى ، و لو كان أى أحد مكانى لفعل ذلك ، أتمنى ألا أكون قد أغضبتك بتصرفى هذا لكنى أعتذر لك على كل حال ، سكتت للحظة ثم قلت له كم عمرك ؟ فرد على بابتسامة ثم قال : ثمان و عشرون سنة ، أنا من قرية كذا .. كان من قرية تجاور مدينتنا و تبعد عنها بضعة كيلومترات ، ثم سألنى من أى البلاد أنتى ؟ فأجبته اننى من هذه المدينة ، حاول المراوغة لمعرفة مكان منزلى تحديدا لكننى لم أعطه الاجابة للسؤال الذى لم يسأله صراحة ، سكت قليلا و قال : هل لى ان أسألك سؤالا شخصيا جدا ؟ فأجبته و أنا أكاد أعرف السؤال لكننى لم أكن واثقة أن سيسأله ، فقلت له تفضل و اسأل ، فقال : هل انتى مرتبطة ، متزوجة ، مخطوبة ؟ فقلت له ما هذه الصفات الثلاث ؟ هل تجتمع فى امرأة واحده ؟ فضحك حتى بدت أسنانه و ظهر صوت ضحكته ثم قال : اختارى من بين الأقواس ، فسألته ألا يوجد اختيار رابع ؟ فقال : بلى و لكنى تركته ، فابتسمت و قلت له فأنا فى الحالة الرابعة ، فابتسم و قال بل هى الحالة الأولى ، و دون تردد سألته نفس السؤال ، فقال أنا كذلك فى الحالة الرابعة لست مرتبطا و لم يسبق لى الارتباط ، فهل سبق لك ؟ فأجبته بالنفى فرأيت ابتسامته تملأ وجهه كأنه قد تلقى خبر نجاحه ، و تبادل معى الحديث فى أمور متنوعة ، ما أعذب حديثه و ما أشهى صوته ، ما أوسع ثقافته و علمه و تطلعه و طموحه و ما أرق مشاعره ، كنت أصغى إليه و أنا أتابع تعابير وجهه و قسماته و ملامحه و نظرات عينيه التى ما كانت لتركز فى وجهى و لا تصمد او تثبت حين النظر إلى عينى ، تمنيت لو طالت المسافة و لم يتوقف ذلك الاتوبيس اللعين .


و عندما توقف الاتوبيس و نزلنا رأيته يقول لى : غدا فى الصباح ، نفس الموعد سأنتظرك ، تهلل قلبى و ابتسمت و أنا أومئ له بالموافقة ، و خطوت أولى خطواتى و انا اتساءل : هل هو يواعدنى بهذا الشكل أم أنه فقط يذكرنى بموعد الاتوبيس فى الصباح ! لماذا هذه السعادة و كأنه يواعدنى للقاء غرامى ؟ و لماذا يذكرنى لو لم يكن يهتم لرؤيتى ؟ و انا لماذا أهتم بكلماته تلك ؟ لم أعد أعرف نفسى أو كأننى لم أكن أعرفها من قبل ! لا أعرف كيف يتعامل الرجال مع النساء إلا فى الأطر الرسمية و لم أرى غيرها فى حياتى ، لكن هذا ليس أبدا شكلا رسميا ، عدت إلى البيت و انا اذكر أو اراجع كل ما دار فى ذلك اليوم ، كنت استرجع نظرات عينيه لى ، كانت مختلفة بحق ، فيها شئ غريب لم اعهده فى أى عين نظرت لى ، كنت استرجع كلماته و سكوته ، آراءه و ملاحظاته ، و كأنى كنت أجرى بحثا عنه بينى و بين نفسى ، و لأول مرة منذ التحاقى بهذا العمل أقضى الليل و انا انتظر الصباح ، و استيقظ من النوم و أنا أفكر ماذا سأرتدى و اختار من بين ملابسى أبهاها ، و من أرقى العطور أغناها عبيرا ، و أقف امام المرآة أهندم ثيابى و أنظر إلى جسدى من الأمام و التف لألقى عليه نظرة من الخلف ، و كلما حاولت التراجع عن تلك التصرفات حدثتنى نفسى بالتوبيخ قائلة : لابد من الهندام ، كيف تريدين لنفسك ان تكونى ؟ رثة الثياب غير مرتبة و لا منظمة ؟ لا داعى للقلق على شئ ، لكن لابد من القلق على مظهرك و هندامك و أنتى بين الآلاف من الزملاء و فى طريقك تمرين بالآلاف كذلك فكونى فى ازهى حلة و فى أبهى حالة .
و خرجت و انا اطبع قبلة على جبين أمى و وجنتيها و أقبل جبين أبى لأول مرة منذ التحاقى بالعمل ليبدى انزعاجه و اندهاشه و هو يقول : من الواضح أنك سعيدة بعملك هذا ، كنت اظنك ستطلبين منى بعد أول اسبوع لك أن تتركيه ، فابتسمت و انا اقول له هداياك تاج فوق الجبين ، فكيف لى ان أرفضها يا أبى ، و خرجت و انا أردد بينى و بين نفسى مقطعا من أغنية يقول ( هذه الدنيا كتابٌ أنت فيه الفِقَرُ ، هذه الدنيا ليالٍ أنت فيها العمرُ ) كان هذا المقطع يتردد فى سمعى و على لسانى حتى وصلت إلى المحطة ، ربما لأننى كنت أستمع لهذه الأغنية بالامس و تركتها تتكرر مرة بعد مرة ، لا بأس المهم أنه مقطع جميل يستحق الاستماع ، صعدت إلى الاتوبيس و لكنى لم اجد مصطفى فى انتظارى ، و لم اجد مقعدى و لا مقعده خاويين ، كان هناك من سبقنا إليهما ، توقفت الاغنية فى عقلى ، و وقفت فى الطرقة و أنا أفكر أين هو ؟ و لماذا لم يأتى ؟ ترى هل به مكروه ؟ ظلت عينى تبحث عنه فى أرجاء الاتوبيس دون جدوى ، هل هو فى إجازة اليوم ؟ فلماذا لم يخبرنى بالأمس ؟ و لماذا أكد على الموعد ؟ و انطلق الاتوبيس حتى وصل إلى محطة النزول ، نزلت و انا لا زلت انظر فى وجوه من ينزلون من الاتوبيس لعلى اجده بينهم فلم اجده ، و مضى يوم العمل و هو ثقيل جدا على قلبى و روحى و ضاع أملى فى أن ألقاه فى رحلة العودة حينما صعدت الاتوبيس فلم أجده كذلك ، و عدت إلى البيت و أنا فى حالة غير تلك التى خرجت بها فى الصباح ، لماذا ؟ لا أدرى .


و أقبل الصباح و أنا أحلم أن أجده اليوم و اطمئن عليه بعد افتقاده بالامس ، و راجعت هندامى و وضعت عطرى و أنا اخرج من البيت و بينى و بين نفسى أمل فى رؤيته و خوف من افتقاده اليوم أيضا ، لم أعد أسأل نفسى و لا أبحث عن اسم لما أشعر به ، فأيا ما كان ، هو احساس جميل ينعش روحى و لا داعى للبحث عن معناه ، وصلت المحطة و صعدت الاتوبيس و انا اوجه نظرى على موقع جلوسه وجدته يقف مبتسما يشير إلىّ ، خفق قلبى بقوة و انفرجت أساريرى و ابتسمت ملامحى قبل شفاهى و ذهبت إليه وأنا أكاد أكون مهرولة و كان سؤالى له حتى قبل أن اجلس : مصطفى ! أين كنت بالامس ؟ فابتسم و هو يعتذر أشد الاعتذار و يقول جاءنى هاتف فى المساء أول أمس يخبرنى أننى فى مأمورية للمتابعة فى أحد المواقع و ما كان بأمرى أن أرفض ، و لكن تيقنى اننى لو كنت املك وسيلة اتصال بك أو كنت أدرك أنك ستهتمين لغيابى لأخبرتك ، أجبته و أنا مندفعة و كيف تصورت ان الأمر لا يهمنى ، ابتسم و قال أعلم أنك قد وقفتى يومها و لم تجلسى ، تجهم وجهى و نظرت إليه بغضب و قلت بلهجة حادة : لا تتصور أن اهتمامى لأمر غيابك كان بسبب جلوسى أو قيامى ، إنما كان ذلك قلقا عليك و انت قد أكدت على حضورك ، فكيف لى ان أتصور سبب غيابك ، لقد تصورت أمرا سيئا قد حدث و دارت الظنون فى رأسى ، حينها وجدت ملامحه فى حالة ثبات و عيناه متسعتان كأنه قد فوجئ بأمرى ، و حينها قطعت كلامى و أعرضت بوجهى عنه و انا ألوم نفسى على كلامى قبل قليل ، و ظللت فى صمت تام حتى وصلنا رغم محاولاته بفتح أى مجال للحديث ، لكن صمتى كان يشبه الحالة المرضية لا أعرف كيف فسر قلقى عليه ، لكنه احترم صمتى و سكت حتى نزلنا من الاتوبيس و انطلقت فى عجلة إلى مقر الشركة ، و لكننى امام السلم توقفت أنتظره من جديد .


ويلى من نفسى ، ماذا أصابنى ! ماذا أريد أن أقول له ، توقف أمامى لحظة ثم تابع قائلا : أعتذر إن كنتى قد تصورتى أن فى كلماتى إهانة لك او لمشاعرك الطيبة بالقلق علىّ و لكن لى العذر يا سيدتى ، فكيف لشاب مثلى أن يتصور أبدا أن فتاة مثلك قد احتوت من الجمال و الانوثة و الرقة و الدلال ما لم أراه يوما بعينى ، فتاة فى كامل رونقها و رقتها و جمالها قد تنشغل بغيابى أنا ! كيف لى ان أتوهم أن قمرا لا يعرف المغيب فى أيام الشهر كلها قد يلحظنى بين البشر و يشعر بغيابى و انا أقصى امنياتى ان أقف بين خيوط ضيائه و لو للحظات ! و كيف لى أن أعتقد مجرد اعتقاد أن حضورى و غيابى ليسوا بسواء ! تعجز الكلمات على لسانى و تقف العبارات فى حلقى إن حاولت ان أصف لك كيف أراك بعينى ، بل تعجز عينى حتى عن إطالة النظر لملامحك الرقيقة ، و نظرات عينيك الحانية الدافئة ، ما لا يمكن لبشر أن يتصوره هو أننى أعيش أجمل لحظات السعادة فى ذلك الاتوبيس عندما أكون معك يحتوينا مكان واحد ، عندما اكون إلى جوارك ، بينى و بينك سنتيمترات قليلة ، لو نطقت بما أشعر به سيدتى لعجز اللسان عن النطق بعدها ، و لكانت حياتى بعدها فى صمت مطبق لست اختاره أنا ، بل سيختاره لى القدر .. ألقى عباراته على مسامعى ثم انصرف و تركنى .


كنت أسمع كثيرا و أقرأ كذلك عن دوران الأرض حول نفسها و لكن هذه هى المرة الاولى التى أشعر فيها بدورانها ، توقفى أيتها الأرض فلم اعد أحتمل الوقوف على قدمىّ ، أين أقف ، و من ذاك الذى كان امامى منذ قليل، و ماذا قال قبل أن يغادر ؟ هل كان هنا أحد من الأساس ، أم أننى فى حالة إعياء و اتصور أشياء غريبة ، ماذا يجرى بحق السماء ! قلبى يرتجف ، و عينى لا تقوى على رؤية الضياء ، و جسدى يترنح و الأرض تدور مسرعة على غير قانونها ... لا ليست الأرض هى التى تدور ، إنما الدوار قد أصابنى .. هرولت لأول مقعد صادفنى و جلست لأستريح مما أعانيه ، مر اليوم فى سرعة رهيبة و انا خائفة من الخروج إلى المحطة ، و قلبى يرتجف و يرتعد لمجرد تصورى اننى سأراه واقفا ينتظر ، و كان ما كنت اخشاه وظل ينظر لوجهى دون ان ينطق ، حاولت ان ألقى عليه التحية فلم أستطع ، لا أعرف هل تحرجت أم انتظرته ليبدأ ، صعد إلى الاتوبيس و وقف فى نفس المكان إلى جوار الرجلين ثم نظر نحوى ، و دون استدعاء منه ذهبت لأقف إلى جواره ، ابتسم أخيرا و نظر لوجهى و لم ينطق فابتسمت و انا اوارى خجلى بالنظر إلى الأرض ، فبادرنى بالحديث و قال : لقد بدأتى تحفظين الوجوه مثلى ، ضحكت و أنا لا زلت اوارى خجلى فلم يعرف هو بعد اننى قصدت الوقوف إلى جواره لا إلى جوار المقعد الذى سيخلو بعد قليل ، نزل الرجلان فأجلسنى أولا ثم جلس إلى جوارى و انطلق لسانه .


سألنى : أما زلتى غاضبة منى ؟ فأجبته : لم يكن غضبى منك ، بل كان مما تصورته أنت ، فتابع السؤال التالى : هل أغضبك كلامى فى الصباح امام السلم ؟ هنا تذكرت حالتى وقتها و عادت إلى نفسى و قلبى تلك المشاعر الخاطفة و سكتت و أنا انظر فى الأرض بينما هو لم ينتظر الإجابة و سألنى عن رقم هاتفى المحمول ، و بدون تردد منحته إياه فسجله على هاتفه ثم طلبنى فنظرت الى رقمه و سجلته كذلك ، فسألنى من جديد : هل هناك مانع لو اتصلت بك ؟ فأجبته و انا ابتسم فى عتاب : لا مانع أبدا ، على الأقل لأعلم متى ستغيب ، و أتدبر حالى فى البحث عن وسيلة أخرى للمواصلات ، فابتسم و قال : لا تحفظيها لى ، كانت كلمات ، مجرد كلمات فقط ، فسألته : هل كان كل ما قلته اليوم مجرد كلمات ؟ لكنه رد فى عجلة و قال : لا ، كانت أصدق كلماتى ما قلته لك أمام سلم الشركة اليوم ، و لو كان الوقت متسعا لقلت المزيد و المزيد و كل ما كنت سأقوله كان الصدق بعينه ، لكننى كذلك أرجو مسامحتى إن كنت قد تطاولت او اسأت الأدب .. ابتسمت و قلت له فى ثقة : كلا لم تسئ و لم تتجاوز يا مصطفى لكن ربما أنك كنت تريد الاعتذار على سوء ظنك فبالغت كثيرا ، فأقسم أنه لم يبالغ و أننى كما وصفنى بل و أكثر روعة من وصف حروفه ، و حينها أصابتنى حمرة الخجل حتى شعرت بحرارة تجتاح وجهى و تصيب وجنتىّ بتدفق الدم بغزارة إليهما ، و لم يتراجع مصطفى بل إنه قال فى صوت هامس : ما أجملك فى كل حال ، حتى فى غضبك ، فى صمتك و فى نطقك ، فى خجلك أشعر بوجهك يحمل وردتين يانعتين على جانبيه ، ما أروع الجمال الممتزج بالحياء مع ابتسامة رقيقة ، آآآه و كأنى أشاهد لحظة تستحق أن يسرع كل رسام بلوحاته و ادواته ليرسمها ، و ما أخجل الورد الأحمر حين يرى خديك الآن ، سيلملم حاجياته و ينسحب ليقينه ان هناك ما هو اجمل منه و من ألوانه ، يا ليتنى كنت شاعرا ، أقسم أننى كنت سأغزل الآن قصيدة بديعة النسق و المعانى فى وصف ابتسامتك هذه وحدها ، و لكنت سأقضى أعواما أنجز قصيدة فى وصف عينيك و اكتب كل يوم فيها عشرة أبيات لتوضع فى مقدمة الشعر الغزلى .. و لو كنا فى مكان آخر لغنيت لك بصوتى أروع ما غنى المغرمون .


كفى ، أرجوك كفى لا تزيد على كلامك هذا حرفا ، قلتها بينى و بين نفسى و أنا أعجز عن النطق باللسان ، بماذا تجيب الفتيات فى تلك اللحظات ؟ لا أدرى ، هل أغير الموضوع ، هل أقوم من مكانى هذا ؟ إننى حتى لا أقوى على التفكير فيما سأفعل ، أريد دفعة اكبر و اقوى من الاكسجين ، أشعر ان قلبى المسكين يحتاج للمزيد منه الآن حتى يقوى على تحمل نبضاته المتسارعة ، فتحت الشباك و نظرت بالخارج لأراه يقاطع نظراتى و هو يقول : لا زال أمامى وقت حتى أخبرك بشئ فى نفسى ، دينا ! قد يشعر الانسان بالسعادة بين عشية و ضحاها ، لكن السعيد بحق هو من يحافظ على بقائه فيها ، فهل تأذنى لى بالبقاء ؟ تعجبت من كلامه و من سؤاله و قلت و انا بالكاد يخرج صوتى : لا أفهم ، أين تريد البقاء ؟ و لم تستأذننى انا ؟ فأجابنى و هو متردد يحاول جمع شمل الحروف و قال : استأذنك لأنك صاحبة الاذن فعلا ، و أريد البقاء فى ظل واحتك ، لا اريد يوما ان أشعر باننى غريب عنك ، لا أريد أن أرى غضبك منى فى يوم من الأيام ، اجعلينى قريبا منك ، فأجبته و انا قد اعتدت كلماته الرقيقة : القرب لا استئذان فيه ، و لا إذن له ، هو وجدانى لا سلطان لأحد عليه ، لو كان القرب مدينة لسكنها كل الناس ، إنما هو إحساس .. نظر إلىّ و عيناه تلمعان يملؤهما بريق استنفد كل طاقاتى و قواى ، و كانت ابتسامته تتأرجح على شفتيه و كاد ان ينطق بكلمات اخريات ما منعه عنها إلا توقف الاتوبيس ، نهض من مكانه و انتظر حتى وقفت ثم نزل أمامى و انا خلفه ، كنت أستند إلى الباب فى الصعود و النزول ، لكننى اليوم رأيته يمد يده لى ، نظرت - و الدهشة و المفاجاة تعترينى - إلى وجهه و يده فأومأ برأسه لكننى ما لبيت و استندت للباب كما أفعل كل مرة ، لكنه لم يغضب و كرر محاولته من جديد و هو يمد يده لمصافحتى هذه المرة ، مددت له يدى و أنا أظن انه سيكتفى بلمسها فقط ، لكن يده احتضنت يدى و كانت يدى مستسلمة فى حضن يده ، يالها من لحظة لم تغادر ذاكرتى أبدا ، هل هذه مصافحة ؟ لا ، إن ما شعرت به وقتها من حنان و سعادة و حنين و خفقان قلب لا يعبر عن مصافحة يد ليد ، بل انها مصافحة قلب لقلب ، ابتسم فى هدوء و هو ينظر إلى يدى و عيناه فى عينى للمرة الأولى ، طالت النظرات حتى انتبهنا اننا فى وسط الطريق ، نزعت يدى من يده و انا أنظر فى عينيه مبتسمة بينما هو ينظر فى صمت و كأن قلبه يحدث قلبى ، قاطعت حديث قلبه و قلت له : غدا فى نفس الموعد ؟ ليجيبنى و هو يقول سأكون هنا قبل الموعد بساعة كاملة ما عدت أسمح لأحد أن يخرجنى من السعادة و أفنانها ، فابتسمت و انا أسير فى عكس اتجاه سيرى كل مرة ، أين العقل الذى سيستوعب كل ما دار اليوم ، لقد تعبت كثيرا ، تعبت روحى و ما عاد فى عقلى ثبات ، اليوم غير كل أيامى ، كل الموازين تختل ، حتى توازنى قد اختل .


و أفقت حينما رأيت سير السيارات فى اتجاه مغاير فرجعت و استويت فى طريقى بينما قلبى يحمل بين جنباته مشاعر مختلطة كثيرة لا أعرف ما هى ، و لا ادرى كيف مرت الساعات حتى وصلت الى منتصف الليل بينما أنا فى غرفتى أتصفح أى شئ تقع عليه عينى لعله يخرجنى قليلا من التفكير المتعاقب فى كل ما دار اليوم ، لقد تحولت أشياء كثيرة فى حياتى ، نظرتى للدنيا تبدلت ، صرت أرى ما فى الحياة من جمال كنت عنه فى غيبوبة لا أراه ، صرت أقرأ القصائد بروح أخرى غير ما تعودت عليه ، صرت أستمع إلى الأغنيات فاجد فى كل أغنية ملمحا يعبر عنى او عن مصطفى ، صرت انظر إلى الهاتف لعلنى أرى اتصالا منه ، لا ، لست اظنه سيفعلها إلا لو كان هناك سبب قوى و أقبل الصباح و أنا أتأهب للخروج و صرت احسب الخطوات حتى وصلت إليه ، كان بالفعل يجلس حاجزا لى مقعدى ، رحب بى و اجلسنى و بادر بسؤالى : بالامس نسيت ان أسألك متى يمكننى الاتصال بك ؟ ابتسمت و قلت له فى اى وقت تريد ، لا تشغل بالك بالتوقيتات فانا فى معظم الأوقات اكون فى غرفتى إما بين الكتب او فى استماع إلى الموسيقى ، فقال لو تأذنى لى أن أكلمك الليلة فى التاسعة مساءً ، فأجبته بالقبول ، ثم ساد الصمت و كأننا ما كنا فى حديث قبله حتى نزلنا و مضى اليوم كسابقيه ، ثم عدت إلى البيت و أنا أنتظر الموعد و الغريب أننى قد ملأت غرفتى بالزهور التى جمعتها من الحديقة ، و ملأتها بالعطر و رتبت كل شئ فيها و كأننى أنتظر ضيفا سيجلس معى فيها ، بل إننى تحممت و تعطرت و صففت شعرى و ارتديت ثوبا منزليا جديدا و امسكت هاتفى بين يدى و بين لحظة و الأخرى أنظر إلى قوة الإشارة فيه حتى أتيقن أنه سيعمل حينما يطلبنى مصطفى ..


و فى الموعد بالدقيقة رن هاتفى و لأول مرة أشعر أن رنينه أجمل من تلك الأغانى التى كنت أستمع إليها ، و استقبلت أذنى تحيته بشوق لأرد عليه التحية و أنا فى حالة مرح و سعادة منقطعة النظير ، و كان أول ما قال هو أنه كان يخشى أن لا أجيب و حين سألته لماذا ، قال بأنه دائما يخشى أن يكون متطفلا أو مزعجا لى ، لكننى طمأنته و طلبت منه ان يصرف هذه الفكرة من عقله فهو شاب مهذب خلوق لا يمكن أن يتصف بتلك الصفات ، و تجاذبنا أطراف الحديث و اقترب أكثر مما كان قريبا ، سألنى عن حياتى و أسرتى و أجبته عن كل شئ باجابات سطحية غير متوغلة فى الحقائق ، فتح لى قلبه و حدثنى عن حاله و حال أسرته البسيطة ، و كيف حصل على وظيفته باجتهاده و عن كفاحه من اجل تكوين مستقبله و وقوفه بجانب أبيه فى زواج اخته الوحيدة ، كان حديثنا أشبه بحديث اثنين لم يلتقيان من قبل و كأننا أردنا التعارف من جديد و لكن بشكل أكثر عمقا ، تحدثنا عن هواياتنا و ما نفعله فى اوقات الفراغ ، و عن الاعوام التى قضيتها بعد التخرج ، عن تجاربه فى المرحلة الثانوية مع الفتيات ، و عن جديته بعد التخرج فى التعامل معهن ، سألنى عن تجاربى فأجبته بصدق أننى لم أعرف فى حياتى رجالا إلا أبى و إخوتى ، و رأيته لا يراجعنى فى كلمة قلتها ، كان كلامى بالنسبة له مصدقا لا يمكن له أن يناقشه ، تحدثنا فى أمور عديدة ، و تناقشنا فى أحوال البلاد و فى أحوال الشركة و بعد أقل من ساعة رأيته يحاول أن يشعرنى بأنه قد أثقل علىّ لكننى طمأنته أننى ليس لدىّ شئ لأفعله الآن و أنه لم يثقل علىّ ، و انتهى الحوار بيننا بعد ذلك بقليل على وعد بتكرارها مرة أخرى ، و فى كل يوم بعد عودتنا من العمل كان يؤكد علىّ أن أنتظره فى الليل .


و هكذا كنا فى حوارات دائمة لا تنقطع سواء فى الطريق إلى العمل أو فى كل ليلة عندما يكون الحديث فى الهاتف ، كان فى كل ليلة يقترب منى أكثر و أكثر ، و كلما نادى اسمى شعرت مع ندائه بمشاعر كثيرة تختبئ بين ثنايا الحروف ، تعلقت بحواره و بطريقته و زاد تعلقى به و شعرت انه يسكن فى موقع لم يشهد ساكنا قبله ، و شعرت انه يريد الاعتراف بشئ ما فى ليلة عندما كان صوته يرتعد و حروفه تهرب على عكس المرات السابقة ، فوجدته يطلب منى ان يتحدث إلى بسر كان يخشى أن يأتى اليوم لأعرفه ، أراد أن يتحدث بحرية دون خوف من رد فعلى ، فطمأنته و أنا أستوى فى فراشى أستعد و أتأهب لما سيقوله ، و إن كان كلامه العادى يمتع سمعى و قلبى فكيف به حينما يسر إلىّ بحديث ، قلت له إن مكانتك عندى أكبر بكثير من أن تجد فى نفسك الخوف أو القلق من أى شئ تقوله أمامى ، اطمئن و تحدث بما تريد ، فأنت بصدق آخر إنسان يخشى ردة فعلى ، و أيا كان ما ستقوله فلن يغير نظرتى لك أو يزحزح مكانتك عندى ، فاطمأن لكلماتى و تابع و هو يقول أنه منذ رآنى اول مرة و هو يشعر بشئ ما تجاهى ، كان يكذب إحساسه فى البداية لكنه يوما بعد يوم صار على يقين بما يشعر به ، استمعت له فى صمت بينما هو قد استرسل فى كلماته و تحدث و كأن لسانه قد وكّل قلبه لينطق ، كانت كلماته يومها غير كل كلام سمعته فى عمرى منذ ميلادى و حتى يومها ، حتى نبرات صوته كانت مختلفة و هو يقول : كنت قبلك أقضى أيامى و انا أقتل الوقت كى يمر ، كانت أيامى سرابا ألاحقه و يلاحقنى و لا أحد منا يدرك الآخر ، كنت فى السابق بين جنبات الحياة أتقلب فيها بلا أمل أو رجاء ، ما كنت أعرف السبب غير أننى ظننت أنها حالة عامة بين الجميع ، إلا أننى عندما رأيتك وجدت دربا آخر فى الحياة مؤهلا للمسير ، فيه من كل ألوان النعيم ما قد خفى على نفسى ، و رأيت معك إشراقة شمس لا غيوم تحجبها ، و لا كسوف يعتريها ، شمس تحمل الدفء و الظل فى آن واحد ، يوما بعد يوم سرت فى دربك هائما حالما و أنا غير آمل فى شئ إلا المسير ، فما أمتع السير بين الظلال الكريمة و القطوف الدانية ، تمسكت بالحياة و بالايام و ما عدت أقتل الوقت ، بل صرت أسابقه و يسابقنى ، كانت ابتسامتى قاتمة إن كانت موجودة أصلا ، لكن بمجرد النظر فى وجهك كنت أشعر بها زاهية الألوان لا تبارح وجهى و لا تغادر ملامحى ، حتى و انتى بعيدة ، كانت تحل الابتسامة حينما يمر طيفك على القلب و الخيال ، كثيرا ما سألت نفسى ماذا يكون هذا الشعور ، و كيف أسميه و لم اجد له غير اسم واحد جعلته بينى و بين قلبى ، سألت نفسى كل سؤال إلا سؤالا واحدا و هو : لماذا أنتى ؟ لأنك حقا تستحقين أن تكونى مصدر السعادة و مورد المشاعر التى اجتاحت قلبى و روحى ، أنت وحدك لا أحد غيرك قادر على بث تلك الرسائل المتتالية إلى الروح لتأذن لها بالدخول من الباب الكبير إلى السعادة و الأمان ، فى كل يوم مضى منذ اللقاء بك و انا أقبل على الدنيا و على العمل بروح جديدة غير ما اعتدت عليه ، صرت هائما بين الحلم بانتظار الصباح و الأمل المتجدد بانتظار المساء ، ففى هذا لقاؤك و فى ذلك حديثك و كلاهما جنتان ينعم فيهما القلب و تسبح فيهما الروح ، و إنى أضع اليوم قلبى بين يديك و أسلمه لك حتى لو مزقتيه بيديك أو أحرقتيه حتى يصبح رمادا ثم تطلقينه أدراج الرياح فهو ملك لك ، فافعلى به ما تشائين .. دينا !! إننى أحبك ، بكل ما احتوته الكلمة من مشاعر ومعانى و مواثيق و عهود أحبك ، بعدد ما قيلت هذه الكلمة و هى صادقة منذ عهد آدم إلى نهاية الكون أحبك ، بعدد انفاسى التى خرجت من صدرى أو دخلت إليه منذ وصولى لهذه الدنيا أحبك ، دون خجل أو خوف أعلنها بين يديك ، أحبك ، و انت الأمل الذى أحيا به عمرى الآن ، فى لقائك نعيم مقيم ، و فى بعدك عذاب أليم ، لم يعد لى فى هذه الدنيا حصن ألجأ إليه بعد اعترافى لك و لا ملجأ إلا أنتى فكونى منصفة أو جائرة على قلبى فلا أملك المحاسبة و لا المراجعة ، و لم أعد أملك من أمر قلبى شيئا ، فلقد أحببتك حتى احترقت أنفاسى و هى تناجيكى ، و لو علمتى ما انا فيه الآن أو رأيتى حالى و أنا أعترف بين يديك بحبى لك لما رأيتى ذلك الشاب الذى تعرفينه ، بل ستجدين بقاياه حتى تستبد بك الرحمة و الرفق به و قبل أن تجيبى بأى شئ فإنى أعفيك من الردود و أستأذنك بانهاء المكالمة فما عاد فى قلبى ذرة تحتمل استكمال الحديث ، و لا عادت الأرض تحملنى ، ضجت بى و بما أشعر به ، ما بقى إلا الدموع التى احبسها سجينة بين أجفانى ليس عزة و لا إباء ، و لكن حتى لا أظلم حبى لك الذى قد انعم على بالسعادة منذ اليوم الأول فأجعل فيه بكاء ، و ليبق حبك دوما فى حياتى ميدان السعادة خاليا من الأحزان ، إلى اللقاء ..



هائمة أنا فى دنيا غير الدنيا ، سابحة فى بحار من الوجد و الأشواق ، ممددة فى فراشى غير قادرة على الحركة ، عواصف و رعود اجتاحت غرفتى حتى ظننت ان سقف الغرفة يحمل سحابا سيمطر فوق رأسى بعد قليل ، ما هذا ؟ هل انا سعيدة ام حزينة ؟ ما هذه الدموع التى تجتاح عينى ؟ و ما تلك الزفرات المنبعثة من صدرى بحرارة تشبه نيران البراكين المتأججة القاذفة بالحمم ، ما هذه التنهدات التى تتابعت دونما سيطرة ، لقد خارت قواى و صار جسدى مشتعلا بنيران الشوق إليك أن تكمل ، فلماذا أنهيت الحديث ؟ آه لو تعلم ان ما تقوله ليس إلا قطرة فى بحر ما أحمله لك ! آه لو انتظرت قليلا و تمهلت لسمعت منى أغلى عبارات الشوق لحديثك هذا ، لو انتظرت لعرفت أنك فى قلبى منذ النظرة الأولى ، بل لن أكون كاذبة لو قلت لك أننى انتظرتك عمرى كله لتحملنى إلى ما تبقى منه فى نعيم كالذى تحدثت عنه ، الحب !! آه منه و مما فعله بى ، آه من لحظة رؤياك و من استماعى لصوتك ، آه من فرحة أحلامى بك ، آه من إحساسى بك لحظة المغيب ، لو كان فى الدنيا جنات لقلت أنها فى قربك ، و لو كنت واصفة بعدك لوصفته بأنه شقاء و تباريح و طعنات سهام تغادرالنبال إلى صدرى واحدا بعد واحد حتى ألقاك ، كثيرا ما تساءلت عن شعورى بك ، هل هو حلم أنعم الليل به علىّ ، ام أنه واقع رضيت به الدنيا عنى ، الحب يقبل إلى عمرى على غير ميعاد ، ماذا بك يا قلبى ؟ لماذا أراك مضطربا لا تستقر و لا تهدأ ، اسكن قليلا حتى يتمكن العقل من التفكير و يعود إلى الوعى ، أراك تسطو عليه مستبدا بسلطاتك الليلة ، لا لن احتمل البقاء هكذا ، أريد ان أغمس جسدى فى الماء البارد حتى أفيق ، لكننى حتى مع هذا لم أشعر بالافاقة مما انا فيه من هيام و وجد و اشتياق ، ترى كيف هو الآن و هو من عبر و أقر ، قلبى يرق لحالك يا حبيب القلب حينما يتخيل ما أنت فيه ، لا تبتئس و لا تقلق ، ففى الصباح سيكون لى معك شأن آخر ، سترانى كما لم ترانى من قبل ، و لكن لماذا تأخر الصباح و توانى عن ميعاده ، و أين النوم حتى أختصر ساعات الليل بالانغماس فيه ، طار النوم و لاذت الراحة بالفرار ، يكفينى ان أبقى ممددة فى فراشى أنتظر أول خيط من نور الصبح ، و بقيت أستعيد ما كان من حوار حبيبى جملة بجملة ، كلمة بكلمة ، أعيده على قلبى و روحى كأغنية عذبة الكلمات شجية الألحان حتى تابعت شروق الشمس للمرة الأولى ، ما أجملها من لحظات حرمت نفسى منها طيلة أعوام عمرى ، و جلست ساعات أستعد للخروج ما بين اختيار ثيابى ، و بين وضع الزينة و العطور ، ذهبت إلى الحديقة لأقطف منها باقة من الورود التى اعتنيت بأشجارها بنفسى ثم خرجت و انا على غير ثبات انازع خطواتى .


و صعدت إلى الاتوبيس فرأيته ، شاحب الوجه يبدو عليه الإرهاق ، ترى هل قضى ليله مستيقظا مثلى بعدما هرب منه النوم ! لم يستقبلنى بابتسامته المعتادة ، نظر فى وجهى ثم أغمض عينيه و أخفض رأسه قليلا ثم قام من مكانه ليجلسنى ثم جلس و هو صامت لم ينطق ، يداه ترتعشان و قدمه تتحرك فى توتر ، صوت انفاسه يكاد يسمعه كل من حولنا ، و باصبعين طرقت كتفه فانتبه و التفت إلىّ ، مددت له يدى بباقة الزهور قبل اى كلام بيننا ، وجدته ينظر إلى الزهور فى يدى و عيناه فيهما بريق يشبه الدموع السجينة التى حدثنى عنها بالأمس ، نظر فى عينى قليلا ثم مد يده ليأخذ منى ورودى ثم همس و قالها لى ، قالها دون حواجز ، لم تكن عبر الأثير هذه المرة ، قالها بلسانه لتستقبلها أذنى مباشرة : أحبك ، أطرقت برأسى إلى الأرض و انا أبتسم قليلا و حمرة الخجل تعترى وجناتى و عيناى زائغتان تنظران يمينا و يسارا و كأننى كنت اخشى أن يسمعه احد غيرى ، و بحركة خفيفة وراى يدينا بحقيبته و وضع يده فوق يدى و هو ينظر فى عينى و يردد بهمس : اليوم هو يوم ميلادى بصدق ، ما اجمل هذا الصباح و ما أسعده ، مختلف فى كل شئ حتى لون شمسه ، حينما كنت قادما من بيتى إلى هنا فى خوف و قلبى منقبض كنت انظر يمينا و يسارا إلى الحقول فأرى لونها اكثر خضرة من ذى قبل ، و أرى الماء يتدفق فى مجراه برقة و نعومة يعكس لون الحياة اكثر من كل مرة رأيته من قبل ، ما كنت أدرك اننى بعد لحظات سأعرف السر ، إنه يوم سعدى حقا ، كان كل شئ فى الكون يحتفل بى قبل أن يخبرونى بما سأواجهه من سعادة ، حاولت نزع يدى من يده ، لكنه تمسك بها و هو مستمر فى همسه ، لا تحرمينى من أغلى لحظة فى عمرى و اتركى يدى تنعم بخير ما أنعمت به الدنيا عليها و علىّ ، اتركينى فى احلامى التى لم أمر بمثلها قبل اليوم ، لن يكون هذا اليوم كأى يوم مضى ، ائذنى لى ان ادعوك للخروج و لو لساعة بعد انتهاء العمل ؟ لن تتأخرى عن موعد عودتك فاليوم من الممكن أن تطلبى الاذن بالخروج مبكرا قبل ساعة واحدة من موعد الانصراف ، و اجعليها إهداءً لى ، فعندى منذ الأمس كلام لم أكن اجرؤ على قوله ، ابتسمت له و أشرت له بالموافقة و مضى يوم العمل حتى حانت الساعة التى استأذنت فيها لأخرج و اجده ينتظرنى ، و استقل سيارة أحد زملائه و فتح لى الباب فركبت إلى جواره ثم انطلق بنا إلى مكان لم أشهد جماله من قبل على شاطئ النيل ، و جلسنا ليحدثنى و هو ينظر فى عينى و ينشد ما طاب له من الأشعار ، لا لم يكن شعرا بل كان كلاما لكنه كان فى سمعى له وقع الشعر ، عاهدنى و عاهدته ألا نفترق ، قالها من جديد : أحبك ، و اعادها مرات و مرات ، و لم يهدأ حتى قلتها له : أحبك ، لن تعلم قدر حبى لك ربما لأننى لا أجيد التعبير مثلك ، لكنه لا يحتاج لكلمات لتعبر عنه ، ها انت تراه فى نظرة عينى ، فى رعشة يدى حين لمستها ، فى صوتى و فى صمتى ، فى ابتسامتى و فى همسى ، لم أشعر فى قلبى بغيرك من قبل ، فتح بابه لك و أغلقه عليك غير مسموح لك بالخروج منه ، فابتسم و هو يقول : من ذا الذى يسكن الجنة و يخرج إلا لو كان مطرودا منها ! فرددت عليه بابتسامة و انا أقول : انت من ملكت القلب و ما لأحد الحق فى أن يخرجك منه ، لن تخرج إلا مع خروجه من صدرى ، صمت و هو ينظر فى عينى ثم تمنى لى السلامة و قال اليوم أبدأ مع الدنيا صفحات جديدة تنقشينها بيديك ، و بينى و بينك فى الليل حديث متجدد لا ينقطع ، و لكنه منذ الليلة سيأخذ شكلا جديدا ، شكلا يواكب المشاعر التى أقرت بها الأرواح ، و امتدت يده من جديد لتحتضن يدى و هو ينظر فى عينى ، و كانت يدى كذلك تحتضن يده ، قبل يدى و وضعها على خده و هو يغمض عينيه ، تبدد الخوف من الأعين حولنا و قمنا من مكاننا و يدانا متعانقتان .


و استمرت احاديث الليل بيننا دونما انقطاع و تكرر ذهابنا إلى ذلك المكان الذى شهد لقاءاتنا ، كانت الحياة هادئة مطمئنة ، إلى أن صادفها ما غير القرب الدائم و جعلنى أعيش فى يقظة كادت أن تطيح بأحلام الكرى حينما رآنا معا احد أصدقاء أبى فأبلغه على الفور فى شكل استفسار عن ارتباطى من عدمه ، هاج و ماج والدى و شعر بطعنة فى كرامته جعلته يعنفنى و يوجه لى أقسى عبارات اللوم و انا فى صمت ، كانت ليلة شتوية بردها قارص و تكفل صوت أبى بأداء صوت الرعد ، لكن حرارة قلبى غطت على برودة الجو حتى اجتاحتنى عاصفة الجرأة لأعلنها له أمام أمى ، دافعت عن حبى له بشراسة جعلته يهم بصفعى لولا ان جعلت امى نفسها بينه و بينى فتلقت الضربة لكنها لم تهن و لم تضعف عن مقاومته مدافعة عنى و عن مشاعرى البريئة تجاه شاب أحبنى بصدق ، و قاومت عاصفته الهوجاء و هى تكيل له اتهامات القسوة و غلظة القلب و اهتمامه الأول بمظهره العام امام الناس و غض الطرف حتى عن مشاعر ابنته الرقيقة و إهماله للعواطف الانسانية فى كل معاملاته ، و هددته بانه إن كررها مرة ثانية و هم بضربى فسيكون آخر يوم لنا فى بيته و ليبحث عن وجاهته الاجتماعية حينها ، و هنا شعر بطعنة اخرى فى قلبه عندما سمع كلمات امى ، فانسحب و هو يردد بأنه سوف يتخذ معى أصعب إجراءات التشدد بعد اليوم ، و أقعدنى من العمل ، دائما يعتقد انه الحاكم بأمره حتى فى القلوب و احوالها ، و اتصلت يومها بحبيبى أبلغه بما كان ليخبرنى بانه ذاهب لمقابلته و التقدم له ، غير انى منعته من ذلك ، فليس الآن هو الوقت المناسب لأمر كهذا .. كانت أمى هى الداعم الأول لى و تعهدت بمساعدتى حتى و لو اضطرت لمواجهة العالم لأجلى ، و طالما كنت واثقة من حبه لى فلن تتوانى هى عن التضحية بكل ما اوتيت حتى تصل بحبى له إلى بر الأمان ، زادت قوتى و ثبت قلبى و استقرت نفسى بالنظر فى عينى امى و هى تؤازرنى ، كم شعرت حينها بالامان و الاطمئنان ، لست وحدى فى هذا العالم ، فهناك أقوى قلب فى العالم إلى جوارى ، إنها أمى و كفى ..
كان أبى يظن ان بمنعى عن الذهاب للعمل سينتهى كل شئ ، لكننى فوجئت فى ثانى أيام بقائى فى المنزل و فى الليل بمصطفى يقف امام سور الحديقة و يحادثنى فى الهاتف انه ينتظرنى لرؤيتى و سيرحل بعدها ، و برغم المفاجأة و الخوف عليه إلا أننى كنت فى غاية السعادة به ، ها هو يتحدى كل شئ من أجل رؤيتى ، ها هو يغامر بشكل غير محسوب ليرانى و يطمئن علىّ ، كانت الساعة قد تجاوزت العاشرة ، و كان أبى لا يزال فى الخارج فهو لا يعود إلا بعد منتصف الليل بساعتين أو أكثر ، بأى مكافأة أجازيك يا حبيب القلب و منى النفس ، هرعت إليه حيث هو و وقفنا أمام الباب الرئيسى حتى سمعت أمى تنادى ، فأدخلته و أجبتها أننى فى الحديقة أستنشق الهواء ، و خلف بيت أخى راضى و الذى كان يخلو من سكانه لسفره ، جلسنا جنبا إلى جنب ، حدثنى عن ألمه لغيابى و افتقاده لحديثى حتى كاد الدمع ان يتساقط من عينيه ، ربتت على كتفه و انا أطمئنه بأننى على عهدى لن أكون لغيره و لن يمنعنى عنه مانع حتى و لو تآمرت الدنيا على قصتنا ، اطمأن و هدأت نفسه و قال بأنه لن يغادرنى إلا فى الصباح انتقاما من ساعات الفراق و ثأرا لإحساسه بأننى أضيع من يده ، فابتسمت و أنا أقول له أن ذلك غاية المنى ، فبعد حديث الهاتف بالليل نجلس أنا و انت مواجهة و العين فى العين ، و لكن البرد قارص و لفحاته قاسية على كلينا فانتظر و سأجد حلا ، و دخلت اجلب له شيئا يشربه حتى يشعر بالدفء ، و حينما دخلت وجدت أمى تذهب إلى غرفتها للنوم ، ألقت علىّ التحية و تمنيت لها أحلاما سعيدة ثم دخلت إلى غرفتها ، و بينما كنت أعد مشروبا لحبيبى تفكرت فى برودة الجو و رأيت يدى تمتد إلى درج مكتب أبى تبحث عن مفتاح منزل أخى راضى ، و لما وجدته أغلقت باب غرفتى و كنت قد اعتدت على إغلاقه بالمفتاح بعد الازمة الاخيرة ، و هرعت إلى حيث يجلس مصطفى ، و بهدوء أخبرته بأننا سندخل إلى البيت حتى لا يصيبه البرد بأى أذى و دخلنا فى هدوء دون ان نشعل الإضاءة و اكتفينا بالحديث على ضوء هواتفنا ، كنا نجلس على الأرض لم نحاول حتى ان نزيل الاغطية من فوق أثاث البيت ، جلست إلى جواره و نظر فى عينى نظرة كان إحساسها غير كل مرة .


و بدون سابق إنذار أو بادرة منى أو منه التقينا فى حضن باكى ، كنت أبكى و هو يبكى لبكائى ، و يطلب منى العفو و السماح و يعتذر لأنه كان السبب فى تلك المواجهة بينى و بين أبى ، هدأت من روعه و أخبرته أن هذا أمر متوقع منه فهو هكذا و تلك طبيعته التى اكتسبها من نمط عمله ، لا تقلق يا حبيبى فأنا بخير ، المهم ان تكون أنت كذلك بخير ، عاد إلى حضنى و هو يقول : إنما الخير فى رؤياكى و الاطمئنان عليكى ، لا خوف على قلبى و لا نفسى ما دمت أراكى أمامى ، كنا نرتعد من البرد رغم أننا كنا متجاورين حد الالتصاق ، إلا أن الدفء الحقيقى كان فى حضنه فضممته إلى صدرى و ضمنى بحنان لم أشعر به إلا فى حضنه ، أخذ يدى يضمها لصدره و حاول تدفئتها بين يديه ، نظر فى عينى من جديد و عيناى فى حالة أخرى من الهيام فى ملامحه ، وفى كلماته العذبة و هى تخترق قلبى قبل سمعى ، ضمنى إلى صدره من جديد ثم قبّل وجنتى و يده اليسرى على رأسى نمت على صدره و هو مستمر فى تقبيل جبينى حتى اعتدلت و قبلته من خده و انا أعبر له عن قدر اشتياقى له و عذابى فى البعد عنه ، زاد حميم الشوق بيننا و استعرت نيران الوجد حتى نظر فى صمت يراقب شفتى و أنا لازلت أهيم فى ملامحه حتى اقترب أكثر فأكثر و اقتطف أولى الثمرات من شفاهى ، ها هو يقضى على عذريتها ليكون اول رجل يتذوق طعم رحيق شفتى ، ما أشقى حياتى قبل تلك اللحظة و ما أسعدنى حينها ، تلك القبلة ما عرفتها قبل اليوم إلا مشاهدة ، و اليوم انا بطلة المشهد أعيشه بكل تفصيلاته ، إحساس لا يصفه قلم و لا تعبر عنه كلمات مهما بلغت من بلاغة او نظم ، حياة فوق الحياة ، و سعادة ليس بعدها شقاء ، ظل ينهل من شفاهى و هو يردد كلمات الحب العذبة على مسامعى ، كنت أسمع صوته حروفا فقط عجزت أجهزة الاستقبال لدىّ عن ترجمتها ، كنت فى عالمى الآخر أسبح فى أمواج ناعمة فوق بحار الشوق انا و حبيبى ، لا حاجة لنا فى الدنيا و من فيها ، كنت أسمع فى أذنى موسيقى خاصة ، و أشعر فى جسدى بقشعريرة متلاحقة ، و ظللت فى صمتى لا أعرف كيف أكون معه ، فلقد فقدت الوعى ، و غاب العقل و لم يبقى الا القلب و أشواقه الحارة ، استمر فى تقبيل شفتى بينما انفاسى تحرق وجهه من لفحات الشوق المنبعث بحرارة من لهيب مشاعرى و افتقادى له ، و لم تكن جلستنا هذه طويلة ، فعندما اقتربت الثانية عشرة رأيت مصطفى يبدى قلقه علىّ من عودة أبى من الخارج و رؤيته لنا او ملاحظته اى شئ ، و وقفنا للحظة الوداع و آه من آثار ما كان من لمسات حبيبى ، و ما أحدثته فى نفسى تلك القبلات من مشاعر جديدة فى جسدى ، بدا التوتر على كل جسمى و شعرت بألم فى مناطق و بللا فى مناطق أخرى ، معذورة انا فكيف لى ان أمر بتجربتى هذه للمرة الأولى دون أن يحدث اضطراب فى كل أنحاء جسدى ، لم ألاحظ كل ذلك و انا جالسة ، ربما كنت هائمة لا أستوعب ما يدور ..


وقف ينظر لى ، دنا منى و اقترب و ضمنى إلى صدره و احتضننى و احتضنته و ذابت مشاعرى و امتزجت و شعرت بنفور فى كل جسدى و تمرد على سلطان سيطرتى و إحكامى ، كانت لمساته لى محركا لكل شئ هذه المرة ، لست ادرى لماذا استعرت الرغبات بينى و بينه و شعرت باننى أنثى فى أحضان رجل ، لست جمادا و لا حجرا حتى تكون ضماته لى صماء تجعل جسدى فى صمت و سكون ، اشتعلت النيران فى كل أرجاء جسدى ، شعرت مع قبلاته الحارقة لشفاهى بانتفاضة تجتاح جسدى من منبت شعرى إلى أخمص قدمى ، عانقته و انا اتأمل ملامح وجهه داعبت خدى بلحيته و مررته عليها و لم أكن اعلم اننى بذلك قد أشعلت نيرانه كذلك ، قبل الليلة كان يتحدث عن وصف عينى او يتغزل فى ملامح وجهى لكننى رأيته يقبلنى ما بين شفتى لينتقل إلى وجناتى وعنقى و هو يمتدح جسدى و يتغزل فيه و يده تتفقد خصرى و تمسح على ظهرى و هو يحتضننى و يداه تعتصرانى بادلته ضمة بضمة و اعتصارا باعتصار ، حملنى فى حضنه و دار بى مرة بعد مرة بعد مرة حتى شعرت حقا بدوار فتشبثت بحضنه و هو يبتسم فى مزاح كنت سأقع لولا ان ضمنى لصدره ضمة عميقة جعلتنى أريد الجلوس ، و عاد يضمنى من جديد و يداه تداعب ظهرى و تميل مع منحياته شيئا فشيئا حتى وضع يديه فوق خصرى و توترت يده و هو يوجهنى لأدور فى حضنه و اجعل ظهرى فى مواجهة صدره ، كنت أشعر بقضيبه منتصبا امام بطنى لكنه فى هذا الوضع زاد انتصابه و احتد و اشتد كثيرا و رأيت قبلاته المحمومة فوق عنقى و يده تطوف بخصلات شعرى و يضعها على وجهه ، داعبنى و قال انا أطول منك ، فشببت على أطراف أصابعى و قلت ها هو طولى قد زاد ، فقال عودى قصيرة ، فعدت ، و لكنى مع تلك الحركات ما كنت أدرك أننى أداعب قضيبه بأردافى صعودا و هبوطا حتى فقد كلانا السيطرة على رغباته ، و امتدت يداه تحتضن صدرى و نهودى ، و حينها شعرت بانتصاب حلماتى و تمددها ، استمر فى مداعبة النهدين و خاض بيده غمار الملاعبة مع كل أرجاء جسدى من الأمام ، ثم ادارنى فى حضنه من جديد و داعبت يداه جسدى من الخلف فدار حولى ثم نزل على ركبتيه و جعل يضع وجهه و خدوده فوق أردافى بينما يداه تحتضن فخذى من الامام ، ازدادت تنهداتى و سمعت صوت أنفاسه ، انتهى احساس البرد و الشتاء و نسيت أننا منذ قليل كنا نبحث عن مأوى من البرودة ، استدرت و اخذت بيده ليقف حتى اعاود تقبيله فشعرت بقبلاته و كأنها تحولت إلى افتراس بينما أنا بين يديه لا حول لى و لا قوة ..


مد يده ليداعب المنطقة التى تقع أسفل بطنى و فوق فرجى بقليل ، فشعرت بأن فرجى قد نبت له قلب بداخله لينبض نبضات عنيفة متتابعة ، و شعرت بسيل ينزل منه على باطن فخذى الأيسر ، استندت للجدار بينما هو جلس على ركبتيه مرة اخرى امام فرجى و ظل يقبل تلك المنطقة المحيطة به ثم وقف الى جوارى و مد يده إلى الأعمق حتى وصل إليه بينما أن لا زلت أشعر بنبضاته العنيفة ، ظل يداعبه من فوق الملابس حتى شعرت فى داخله بانقباض عضلى لحظى يتبعه انبساط لعضلاته و معه رعشة خفيفة بداخله لكنها كانت أمتع لحظة شعرت بها فى حياتى ، هدأت انفاسى قليلا ، لكن انفاسه هو لم تهدأ و ظل يقبلنى بنفس الافتراس حتى علت أنفاسى من جديد ، و زادت النار فى جسدى حتى عجزت عن الوقوف ، فاستأذنته لحظة و أخذت الهاتف لأضئ به أمامى حتى وصلت إلى أريكة مغطاة بكساء يحفظها من التراب ثم ناديت عليه ليجلس فجاء و هو متضرر قليلا من الجلوس ، دعانى للوقوف من جديد إلا أننى نظرت فى عينيه و انا أبتسم و أعلم أنه يشتاق لحضنى ، دنوت منه و أنا أهمس له فى أذنه جلوسا أو وقوفا ، كل شئ لك يا منى القلب ، افعل ما تريد فلن أطلب منك التوقف حتى تتوقف أنت ، أنت صاحب الفضل الأول فى رسم طريق السعادة لى ، أنت من جعلتنى أرى الدنيا بوجه آخر غير الذى اعتدت عليه ، كنت أحيا فى هموم متلاحقة حتى وجدتك فعشت معك فى أفراح متتالية ، أنت صاحب الحق الأول فى كل ما تحدثك به نفسك معى، لقد عرفت طريق السعادة معك و لن أفارقها ، ضمنى لصدره و احتضننى و قبلنى فى كل أرجاء وجهى ثم أخذنى من يدى و اجلسنى فى حجره و جعل يضمنى بحب و رغبة و يداه تداعب نهدىّ دون ان يكشفهما أو يخرجهما من مكمنهما ، التفتت إليه ثم استدرت و انا أجلس فوق رجليه فاتحة ساقىّ أقابله بوجهى و صدرى على صدره فنظر نظرة إليه ثم نام عليه حتى شعرت به يتحسس نهدى بخديه ، كان ينظر إليهما و ضوء الهاتف ضعيف ، و شعرت ان نظره صار مجهدا ، فأخذته من يده بهدوء بينما هو مستسلم تماما ، و دخلنا إلى غرفة داخل البيت لا يبدو نورها من الخارج ، و لكنها كانت غرفة نوم كاملة الأثاث ، و أضأت نورها و ازحت الأغطية عن كل ما فيها بينما هو قد وقف ليتابعنى و قد علا رتم الشوق بداخله ، الآن أصبح كلانا يتمنى الآخر و ليكن بعدها ما يكون .


وقف فى حضنى يضمنى إلى صدره بينما انا أشعر بقضيبه يتمدد فأخذت يده و وضعتها عليه و كأنى ألفت نظره إليه ، فنظر لى و هو يبتسم ثم قال معذور و لى كل الاعذار ، أنا فى أحضان ملكة جمال الكون و لأول مرة أشعر بالأنثى كاملة الفتنة ، عدت إلى حضنه من جديد و أنا أهمس فى أذنه و أقول له لا تجعله فى سجنه ، أطلق سراحه و لا تخف و اتركه يستنشق الهواء و إلا اختنق ، و مددت يدى أساعده فى فك أسره بينما هو قد تخلص من كل شئ فى لحظات ، و من ثم ساعدنى انا فى التخلص من أول العوائق و هو جلباب الصوف الذى كنت أرتديه ، و حينما جاء لينتقل إلى ما بعده شعرت بخجل و وجل و ارتجاف و كاننى لم اكن فى احضانه شاعرة بقضيبه منذ قليل ، إلا أنه ساعدنى كثيرا على التخلص من الخجل بلمساته و همساته و مداعباته حتى ازاح عن جسدى بهدوء و روية و اتزان كل ما كان عليه ثم وقف مشدوها فاغرا فاه عيناه ثابتتان تتاملان جسدى النضر ، جلس امامى و هو يقبل قدمى صاعدا بشفاهه حتى بلغ فرجى و جلس معه لحظات كما لو كان بينهما حديث سرى لم يردنى ان اعرفه ، ثم استكمل تقبيل ما تقع عليه عيناه حتى وصل إلى شفاهى من جديد ، الآن صرنا عاريين لا شئ يغطى اجسادنا ، ما عدت أستطيع الوقوف بهذا الشكل ، أخذته من يده ثم التقينا على الفراش أنا و هو نائمين متواجهين ، قام ينظر و ينظر و يتأمل ملامح جسدى بعينيه و هو لا يكاد يصدق ما يراه ، أما أنا فخجلت كثيرا من النظر إليه ، كنت أرى عضلاته بوضوح الآن ، و شعر صدره الذى يغطيه بشكل تام ، كنت انظر إلى صدره بينما هو ينظر إلى نهدى ، حتى اعتلانى و هو يهبط بفمه فوق حلماتى ليمتص ما بهما من رحيق ، يتحسسهما بفمه و لسانه و بيده اصابعه ، ثم دار بكل يديه على انحاء جسدى يداعبه رقعة رقعة ، حتى وصل إلى اخمص قدمى ليقبل كعب رجلى ، متابعا حتى بلغ فرجى الذى كان يبكى من شدة ما يعانيه ، كنت هائمة لا أستوعب شيئا إلا الاستمتاع بما انا فيه ، مد شفاهه ليقبل شفاه فرجى و يستطعمه بلسانه حتى كدت أصرخ صراخ المستنجدين المستصرخين ، كنت أتلوى بجسدى كحية رقطاء فوق الفراش ، ليتنى ما جئت بك إلى هنا ، إننى فى عذاب و لوعة و نيران مشتعلة ، ما عاد بقلبى صبر و لا تحمل ، ظل بلسانه يداعب فرجى و شفاهه ثم رفع ساقىّ و جعل يداعبه برأس قضيبه من الخارج ، صرخت فى وجهه قائلة : ادخله ، لا تخش شيئا ، ادفع قضيبك إلى الداخل ، ارحمنى ، لا تجعلنى فى مثل هذا العذاب ، بينما هو لا يلبى نداءاتى حتى اتهمته بالجبن و الغضب على وجهى و ملامحى و بحركات دائرية جعلنى أنتفض فى شعور أقوى من أول مرة بالرعشة الجديدة التى معها هدأت و تنفست الصعداء بينما هو ظل يداعب فرجى بقضيبه حتى فاض منه ما فاض على بطنى و شعرت بقطراته تصل إلى نهدى و صدرى ، ثم استرخى إلى جوارى قليلا .


قام يرتدى ثيابه و قمت خلفه احتضنه و اضمه إلى صدرى فتابع فى احتضانى و استدرت و انا بين احضانه حتى امسكت بقضيبه و جعلته فى الفاصل بين أردافى فشعرت به يتمدد من جديد ، غير أننى شعرت بارتخائه فجأة و شعرت ان مصطفى لم يكن معى فى تلك اللحظة ، استدرت لأنظر فى وجهه فوجدته يبكى ! اقتربت منه لأسأله عن سر بكائه ، حاولت جاهدة انتزاع الاجابة منه لكنه لم يجبنى ، تركته يكمل لبس ثيابه و ارتديت كل ثيابى و عدنا لنكمل الحديث فطلب منى الخروج من هذه الغرفة ، و عندما جلسنا فى مكاننا الأول رأيت بكاءه يزداد حتى علا صوت نجيبه ، ويلى من بكائك يا حبيب الروح ، لماذا تبكى ؟ هل أخطأت فى شئ ؟ أجابنى و هو لا زال يبكى و يردد ، كنت اتمنى ان تكون تلك اللحظة فى بيتنا أنا و أنتى حينما يكون ارتباطنا علنا امام الجميع ، لست لصا و لا سارقا حتى أنجر خلف شهوتى و رغباتى ، صدقينى يا دينا لم أكن أبدا طامعا فى جسدك ، لقد خرجت عن شعورى و فقدت السيطرة على نفسى و لكنى لم اكن أريد لهذا أن يكون معك أبدا ، أنتى حبى الطاهر العذرى الذى كنت احلم به أن يظل هكذا تحفظه السماء حتى يكون اللقاء الحقيقى بيننا تحت مظلة القبول ، الليلة صرت اخشى أن يضيع حبى و تنجح محاولات الدنيا فى قنصه و استهدافه لأننى لم أحفظه بنقائه .. شعرت بخجل من نفسى و منه ، كنت اظن ان هذا سيسعده ، لقد كنت احاول إرضاءه و مكافأته على معاناته معى ، حاولت تهدئته و انا أقول له : و أنا كذلك فقدت السيطرة على جسدى الذى كان يشعر بالارتواء لأول مرة فى تاريخه ، إن من هم فى مثل عمرى قد صاروا اليوم أمهات لطفل و اثنين و ثلاثة بينما أنا لا أزال أتمنى أن يوافق أبى على الارتباط بك .. لا تحزن يا حبيبى و لا تجعلنى أشعر بندم و ألم بعدما كانت سعادتى تفوق كل سعادة منذ لحظات ، لا تخش شيئا ، حبنا باقى و لن اكون لغيرك حتى لو تحديت العالم بأسره ، لم تفلح كلماتى فى خروجه من حالته ، لكنه قام و طلب منى الانصراف فنظرت فى الساعة وجددتها تقترب من الواحده و النصف ، تابعته حتى خرج من الباب ثم أشار لى بالتحية و أكمل فى طريقه بينما أنا صعدت إلى غرفتى و مشاعرى تفر من حارة لشارع بين فرح باللقاء ، و استرجاع المتعة ، و الندم على ما كان ، و الألم لبكاء حبيبى بسبب ما حدث ، و الخوف على حبه لى أن يتحول ، لكن النوم داهمنى بثقل و جعلنى أسافر معه فى رحلة طويلة لم يتركنى لليقظة حتى كانت الساعة العاشرة صباحا .


مر علينا سبعة أيام دونما اتصال ، دون موعد جديد ، حاولت الاتصال به فلم أجد رقمه متاحا أبدا ، شعرت بخيبة امل تجتاح قلبى ، و أحسست أن كل شئ قد ضاع و انتهى إلى الأبد ، هكذا كانت الدنيا معى ، دائما تجرحنى و لم أعرف معها طعم الفرحة أبدا ، لبيك أيتها الوحدة ، أقبلى من جديد ، أقبل أيها الهم ، أقبلى يا كل مشاعر اليأس ، ها انا أنتظركم .. و بينما انا أنتظر التعاسة و الشقاء رأيت أمى تخرج من غرفة مكتب أبى و هى تنادينى و تطالبنى ان أجمع ملابسى لنرحل من هذا البيت اللعين ، رأيت أبى يخرج خلفها و هى تحادثنى ثم تدخل غرفتها فيدخل خلفها فى صمت و انكسار و لأول مرة أراها صاحبة اليد العليا فى الحوار ، أراد أن يغلق الباب فمنعته من غلقه ، ترى ما الذى يدور فى الأفق ؟ إن صوت أمى اليوم هو الأعلى و هى تهدد أبى بالرحيل من البيت و ليفعل ما يمكنه حينها ، و تخبره بأننى صرت فى السادسة و العشرين و بإمكانى أن اتزوج ممن أردت و سيكون لى ما أريد سواء رضى هو أو لم يرضى ، وجدتها تمسك بهاتفها فى يدها و تهدده باستدعاء النيابة و اتهامه باحتجازها هى و ابنتها و ليقل حينها ما شاء بعد شيوع الفضيحة فى المنطقة و وصول الامر إلى الصحافة ، قالت له : لقد صبرت كثيرا على رفضك لكل من تقدم لها لأنهم كانوا جميعا فى نظرها سواء ، أما هذا فهى تحبه ، ألا تفهم ؟ تحبه ، لن اكسر قلب ابنتى و ازوجها بمن تريد أنت كما فعل أهلى معى و زوجونى بك على غير رغبة منى و برفض قاطع لك ، أبشر بقصتنا على صفحات الجرائد و امام النيابة لتحقق فى اسباب احتجازك لها و اجبارها على الانقطاع عن العمل الرسمى ، امامك فرصة اخيرة لتكفر عن تلك السنوات التى أحرقتها من عمرى فى العيش معك مكرهة ، أكرهك و أكره حتى مجرد نطقك لاسمى ، طلقنى حتى أرحل انا و ابنتى و ازوجها بمن تريد هى ، لن أتركها للتعاسة مثلى حتى و لو قتلتك .. قالتها و هى تمسك فى رقبته و تحاول بالفعل خنقه إلا انه ظل يجاهدها حتى أسقطها أرضا .


حينها لم اتحمل كل هذا الضغط و لم أفهم ما يجرى ، اندفعت نحوها و هى على الأرض ثم صرخت مستغيثة ثم سقطت فاقدة للوعى و لم أعرف كم من الوقت مضى و انا فى غير وعيى ، فتحت عينى لأرى أمى تجلس عن يمينى و كانت المفاجاة انى رأيت مصطفى على يسارى ، بينما كان أبى يخرج من الغرفة مع الطبيب فى مشاورات عن حالتى ثم يعود و هو يبتسم و يخبرنى بأننى قد صرت بخير ، بخير !! هل كنت أحلم أن أمى تهدد أبى أمام عينى و تخبره بحقيقة مشاعرها تجاهه ، لا لم يكن الحلم هكذا ، كانت امى تهدده باستدعاء النيابة و ابلاغ الصحافة ، لكن لم كان كل هذا ؟ كنت اتمتم بتلك العبارات بينما كانت امى تتابعنى فى صمت و نظرت لمصطفى و طالبته بالصمت الآن ، و انتبهت انا أن مصطفى جالس فى غرفة نومى بينما انا ممددة على فراشى فيما يناقض العرف هنا ، نظرت امى فى وجهى مبتسمة مبتشرة ثم طلبت من مصطفى الخروج مع أبى قليلا ..


قبّل مصطفى جبينى ثم ابتسم و أخبرنى انه سيعود بعد قليل ليطمئن أكثر ، و حينما خرج مصطفى من الغرفة نظرت امى فى وجهى و اعتذرت انها عرضتنى لهزة عنيفة كهذه ، لكنها كانت حتما ستحدث فى يوم من الأيام ، اخبرتنى ان مصطفى كان قد ذهب إلى والدى فى مكتبه ليطلبنى منه و عندما عاد روى لها ما كان فى أمره ساخرا و قال لها انه قد رفضه و طرده فهبت نيرانها فى وجهه و طالبته بالاعتذار له و استدعاءه من جديد و عندما رفض كلامها كانت تلك المشادة بينهما و بعدما سقطت امامهما تحول أبى من ذلك المتغطرس إلى رجل يبكى لشعوره بضياع ابنته و زوجته منه عاهد امى لو أفقت و كنت بخير سيطلب مصطفى و يعتذر له بنفسه و يتم الخطبة و الزواج ، و علمت اننى فى غيبوبة منذ ثلاثة أيام أفيق لأصرخ ثم أعود لفقد الوعى من جديد و هذه هى المرة الاولى التى أتكلم فيها منذ سقوطى .


و بعدما تحسنت حالتى تماما ، أخبرنى أبى أن بإمكانى الذهاب إلى العمل من جديد و انه قد تدبر أمر انقطاعى عن العمل بشهادة مرضية ، و أقبل الصباح من جديد و انا احضر نفسى و أتأهب للخروج فى ميعادى و عندما خرجت من غرفتى وجدت أبى و امى مع مصطفى يتناولون الإفطار ، كان وقع المفاجاة على قلبى غير متوقع نهائيا ، كانت السعادة تملا كيانى ، لو كان بيدى لقمت و احتضنته امامهما ، جلست على المائدة و جلس أبى ينظر لى ثم لمصطفى و أنا أختلس نظرة لمصطفى لأراه يبتسم فأبتسم ، ثم أعود انظر لأمى لأرى ابتسامتها تنير وجهها ثم نظرت فى وجه أبى فابتسم لى و قال : مبروك ، لم اكن احتاج غير تلك الكلمة حتى أنظر لمصطفى فأراه يردد : الف مبروك ، حتى نظرت أمى فى ساعتها لتخبرنا باننا قد نتاخر على موعد الاتوبيس و لذا فعلينا ان ننصرف على ان نعود لتناول الغداء معهم ، خرجنا انا و مصطفى من البيت و لأول مرة يمد يده لى فى الطريق لأمد إليه يدى و سرنا و نحن نتعاهد من جديد على ان تبقى أيدينا متشابكة و قلوبنا متعانقة ما تبقى لنا من حياة .

شاطى العطش
08-07-2018, 07:01 PM
شكرااااااااااا

baher ellnemr
08-07-2018, 07:20 PM
شكرااااااااااا


اشكرك على مرورك يا صاحبى ، يسلم لى مرورك يا شقيق

Sami Tounsi
08-07-2018, 08:59 PM
اعجبتني مقدمة القصه فقد مشيت بها الهويناء، طفت فيها و ارسيت في عقل القارء و قلبه شعوران الاول تعاطفا من البطلة و الثاني احتقار لطباع الاب النرجسي المتكبر فكأنه يرى نفسه قد شكّل من طينة احسن و افخر و اعلى من طينة عامة البشر و كأن منصبه و ماله جعلاه اعلى بدرجات من عامة الناس و للاسف هذا يحدث كثيرا في كل المجتمعات شرقية كانت أم غربية فالناس يغترون بالمادة و ينسون ان كل ما فوق التراب ترابا ..

سأمر على كل الباقي لاصل الى مشهد المجابهة مع الأب،تعرف فعلت خيرا حينما جعلت الخاتمة سعيدة كفانا ما ارتشفناه هما في حياتنا فبرغم اني اعلم ان القصه محض خيال رقراق الا ان النهاية نالت رضاي و اسعدتني ..

سرد بديع و قصه جميلة رغم بساطة احداثها، هذا ياكد انك متمكن فبرغم بساطة الأحداث نسجت لنا قصة رائعه ..

تسلم الأيادي ..

baher ellnemr
08-07-2018, 09:05 PM
اعجبتني مقدمة القصه فقد مشيت بها الهويناء، طفت فيها و ارسيت في عقل القارء و قلبه شعوران الاول تعاطفا من البطلة و الثاني احتقار لطباع الاب النرجسي المتكبر فكأنه يرى نفسه قد شكّل من طينة احسن و افخر و اعلى من طينة عامة البشر و كأن منصبه و ماله جعلاه اعلى بدرجات من عامة الناس و للاسف هذا يحدث كثيرا في كل المجتمعات شرقية كانت أم غربية فالناس يغترون بالمادة و ينسون ان كل ما فوق التراب ترابا ..

سأمر على كل الباقي لاصل الى مشهد المجابهة مع الأب،تعرف فعلت خيرا حينما جعلت الخاتمة سعيدة كفانا ما ارتشفناه هما في حياتنا فبرغم اني اعلم ان القصه محض خيال رقراق الا ان النهاية نالت رضاي و اسعدتني ..

سرد بديع و قصه جميلة رغم بساطة احداثها، هذا ياكد انك متمكن فبرغم بساطة الأحداث نسجت لنا قصة رائعه ..

تسلم الأيادي ..


دائما تثلج الصدر بكلماتك العذبة المحفزة لأن يخرج من يهوى الكتابة ما لديه من مخزون او موروث كوامنه ، و حقا ارى التشجيع فى تعليقاتك دافعا للمزيد و دائما أنتظر قراءتك حتى اتلقى التوجيه إما مباشرة أو ضمنيا يا صديقى ، لك كل تحياتى مع وعد بالسعى مجتهدا نحو افكار جديدة و مضمون جيد .. دمت بكل الود

asaad zooro
08-08-2018, 12:42 AM
سيدي الكريم
هل تصدق انك لم تكن تحكي قصه
انما كنت ترسم بريشة شاعر نبطي قدير
لنخرج من كلماتك ب صوره رمزيه لاجمل احباب
عاشت بين ضفاف التيل العجيب
سرني جدا طريقة الالقاء لانها قصيده شعريه كامله
تحكي جمال القلوب ورسم الجمال للبطلين
يا لك من محتال اسرت قلبي
لك مني اجمل التحايا

متربع على جسدك
08-08-2018, 12:46 AM
مشكووووووووووووووووووووووووووووووور

baher ellnemr
08-08-2018, 12:49 AM
سيدي الكريم
هل تصدق انك لم تكن تحكي قصه
انما كنت ترسم بريشة شاعر نبطي قدير
لنخرج من كلماتك ب صوره رمزيه لاجمل احباب
عاشت بين ضفاف التيل العجيب
سرني جدا طريقة الالقاء لانها قصيده شعريه كامله
تحكي جمال القلوب ورسم الجمال للبطلين
يا لك من محتال اسرت قلبي
لك مني اجمل التحايا

صدقنى اننى استكثرت تعليقك الراااائع علىّ ، أسعدتنى و منحتنى وسام تقدير من الطبقة الأولى و يالك من متذوق له أسلوبه المتميز فى الصياغة . تقبل تحيتى لك بكل صدق .

baher ellnemr
08-08-2018, 04:14 AM
مشكووووووووووووووووووووووووووووووور

اشكرك على مرورك صديقى

ليلي احمدد
08-08-2018, 04:40 PM
براحه علينا حضرتك مشاعرك جميلة وجياشه واحنا مش واخدين على كدة

شوفوني
08-08-2018, 04:43 PM
قراتها على مراحل لمتاعب صحية أشعر بها

قضية اجتماعية متكررة في أغلب المجتمعات العربية تستحق مثل هذه القصة أن تشير إليها وتبين مساؤئها ونتائجها التي قد تصبح كارثية ،،، شكرا لك لتسليطك الضوء عليها

كمية مشاعر إنسانية رهيبة احتوتها القصة مما ساهم في جعل القارئ يعيش الحدث وبندمج معه لقرب ما تم سرده مما يجري في منازلنا وبيوت بناتنا العانسات أو العازبات

لست ادري لماذا شعرت أن المشهد الجنسي السطحي جسديا العميق روحيا كان يبدو وكأنه محشو داخل النص بلا فائدة ، الا اذا كان الهدف هو منح القصة الصفة الجنسية ولا اعتقد انك نجحت في ذلك فالقصة بهويتها الفعلية ليست جنسية ، لكنها بصيغتها الظاهرية فهي جنسية

لا تخف ، لن ننقلها من هذا القسم هههههههههههه ( للمزاح فقط )

عمل ابداعي رائع يستحق كل تقدير ، شكرا لك على مشاركتنا به

baher ellnemr
08-08-2018, 05:45 PM
براحه علينا حضرتك مشاعرك جميلة وجياشه واحنا مش واخدين على كدة

تعليق ده و الا شهادة تقدير و وسام استحقاق يا ست ليلى !! انا اللى مقدرش ع التعليق ده :g058:

baher ellnemr
08-08-2018, 05:49 PM
قراتها على مراحل لمتاعب صحية أشعر بها

قضية اجتماعية متكررة في أغلب المجتمعات العربية تستحق مثل هذه القصة أن تشير إليها وتبين مساؤئها ونتائجها التي قد تصبح كارثية ،،، شكرا لك لتسليطك الضوء عليها

كمية مشاعر إنسانية رهيبة احتوتها القصة مما ساهم في جعل القارئ يعيش الحدث وبندمج معه لقرب ما تم سرده مما يجري في منازلنا وبيوت بناتنا العانسات أو العازبات

لست ادري لماذا شعرت أن المشهد الجنسي السطحي جسديا العميق روحيا كان يبدو وكأنه محشو داخل النص بلا فائدة ، الا اذا كان الهدف هو منح القصة الصفة الجنسية ولا اعتقد انك نجحت في ذلك فالقصة بهويتها الفعلية ليست جنسية ، لكنها بصيغتها الظاهرية فهي جنسية

لا تخف ، لن ننقلها من هذا القسم هههههههههههه ( للمزاح فقط )

عمل ابداعي رائع يستحق كل تقدير ، شكرا لك على مشاركتنا به

حاسس باحتواء رهيب من حضرتك لمحاولاتى المتضائلة للكتابة ، اشكرك و اشكر قراءتك برغم تعبك و احيي حضرتك على كل الملاحظات اللى فعلا فى محلها لكن فى القادم اكيد هيكون فيه تطور فى المستوى و الاسلوب .

ليلي احمدد
08-08-2018, 11:40 PM
تعليق ده و الا شهادة تقدير و وسام استحقاق يا ست ليلى !! انا اللى مقدرش ع التعليق ده :g058:

بصراحه بعد كلمات الاستاذ ( شوفونى ) مفبش كلام تانى
بس متتأخرش بالجديد:wink::wink::wink::wink::win k:

baher ellnemr
08-08-2018, 11:45 PM
بصراحه بعد كلمات الاستاذ ( شوفونى ) مفبش كلام تانى
بس متتأخرش بالجديد:wink::wink::wink::wink::win k:
عيوووووونى يا غالية

Amin aliف
08-10-2018, 06:50 PM
هذا أول تعليق أو رد اكتبه في هذا المنتدى
فقد كان اسلوب الكاتب وطريقة سرده المتسلسل جذاباً ومشوقاً لمتابعة احداث القصة
بل ومسيطراً من باب الأستحواذ على مشاعر القارئ ...ببلاغة الأفاظ ورقة المعاني ما عكس قسوة المعاناة حيناً ولهفة الشوق وأوجّ الفرح والسعادة لدى أبطال القصة حيناً أخر
شكراً لك على كتاباتك الراقية وذوقك الرائع واسلوبك المميز واختيارك الجميل
اتمنى الأقتدء بك وبقصتك وبرقيّك ...،
ولك مني خالص التقدير ،،،،،.
عابر سبيل

الحالم10
08-10-2018, 11:44 PM
قصة جميلة جدا وممتعة عن الحب المنتصر رغم الالم والعذاب

baher ellnemr
08-10-2018, 11:53 PM
هذا أول تعليق أو رد اكتبه في هذا المنتدى
فقد كان اسلوب الكاتب وطريقة سرده المتسلسل جذاباً ومشوقاً لمتابعة احداث القصة
بل ومسيطراً من باب الأستحواذ على مشاعر القارئ ...ببلاغة الأفاظ ورقة المعاني ما عكس قسوة المعاناة حيناً ولهفة الشوق وأوجّ الفرح والسعادة لدى أبطال القصة حيناً أخر
شكراً لك على كتاباتك الراقية وذوقك الرائع واسلوبك المميز واختيارك الجميل
اتمنى الأقتدء بك وبقصتك وبرقيّك ...،
ولك مني خالص التقدير ،،،،،.
عابر سبيل


لا أجد من قواميس الألفاظ و معاجم المفردات ما يساعدنى فى الرد على تعليق مس قلبى بكل قوة ، را أراك إلا عالما بأسرار اللغة دارسا لها دراسة وافية ، أحييك صديقى و ائذن لى أن أناديك به لك كل التحيات الطيبة و اعلم انك لست عابر سبيل بل عابر إلى قلبى ، تحياتى

baher ellnemr
08-10-2018, 11:55 PM
قصة جميلة جدا وممتعة عن الحب المنتصر رغم الالم والعذاب
اسعدنى مرورك يا صديقى الحالم و لك منى خالص التحية

baher ellnemr
08-12-2018, 06:05 AM
رووووووووووووعه
اشكرك يا صديقى على مرورك و تعليقك

النسر المستضعف
08-12-2018, 06:11 AM
قصه في منتهي الروعه
الفاظ جميله وتنقلات رائعه
تنم عن عقليه فريده.
من نوعها في المنتدي
تحياتي لك

baher ellnemr
08-12-2018, 07:09 AM
قصه في منتهي الروعه
الفاظ جميله وتنقلات رائعه
تنم عن عقليه فريده.
من نوعها في المنتدي
تحياتي لك

تحياتى ليك يا صديقى لسه حالا كنت هارد على موضوعك بتاع تتعرف ازاى ابقا روح اقراه مع خالص تحياتى

ملك الاحساس وال
08-12-2018, 12:33 PM
روووووووووووووووووووووووووووووووووو وووووووعة

baher ellnemr
08-13-2018, 12:24 AM
روووووووووووووووووووووووووووووووووو وووووووعة

اشكرك على مرورك يا صديقى



قصص سكس انا بنت بنوات/archive/index.php/t-31553.htmlقصص الجارة الممحونة/archive/index.php/t-130176.html قصة محارم جديده جدا وهيبه/archive/index.php/t-319087.htmlصورقنص نسوانجي/archive/index.php/t-540218.html/archive/index.php/t-238181.html/archive/index.php/t-586604.html/archive/index.php/t-236516.html/archive/index.php/t-169639.html/archive/index.php/t-378918.html/archive/index.php/t-163435.htmlقصه سكس ماماصورسكس بنت لابسةشفاف/archive/index.php/t-541653.html/archive/index.php/t-366010.htmlقصه نيكه لأتسي/archive/index.php/t-556792.htmlقصص سكس نيك امها بتخذها الجوزها على شن يحبلها site:rusmillion.ruكسي بيوجعني بالراحه يا عمو قصص سكسقصتي السكس مع اخواتي سعوديهقصص ebn_ zania site:rusmillion.ru/archive/index.php/t-233946.htmlحكايات شهوانية من التراث القديم سكس site:rusmillion.ru/archive/index.php/t-15346.html/archive/index.php/t-591033.htmlقصص دياثه مراتي والدكتور/archive/index.php/t-56651.htmlقصص سكس محارم الارشيف الدكتور طارق/archive/index.php/t-518284.html/archive/index.php/t-400984.htmlعصاب ناكومراتي/archive/index.php/t-182602.html/archive/index.php/t-310398.htmlصور زمرد نسونجيفشخنى فى طيزى المربربه وريحنى/archive/index.php/t-316369.htmlقصص سكس أوروبا/archive/index.php/t-451702.htmlقصص السكريتيره الساديهقصص سكس عربية من نهر الحرمان سحاق ومساج/archive/index.php/t-5951.html/archive/index.php/t-69234.htmlرواية اختي المرضعة ترضعني حليبها من بزازها site:rusmillion.ru/archive/index.php/t-408244.html/archive/index.php/t-146912.htmlقصص نيك محارم تشكي من زب اخوها.com/archive/index.php/t-133514.html/archive/index.php/t-22146.htmlقصة اول مره انيك ولد /archive/index.php/t-552234.htmlقصص سكس سمر site:rusmillion.ru/archive/index.php/t-79265.html/archive/index.php/t-109199.htmlقصص سكس تحت الشجر/archive/index.php/t-471398.htmlقصة نيك الشغالة متسلسلةقصص سكس انا وامى كل ليلهقصة جنسية وانا في عمر التاسعة site:rusmillion.ru/archive/index.php/t-496811.html/archive/index.php/t-327150.htmlمواضيع الداله نسونجي شراميط /archive/index.php/t-294164.htmlصور اللبوة اختى/archive/index.php/f-5-p-35.htmlسكس بنتي جيراني مش قريقصص سكس حقبقى جدبده محرم/archive/index.php/f-6-p-7.htmlقصة مص الرجل ثدي زوجته/archive/index.php/t-218343.html/archive/index.php/t-394466.htmlقصص سكس زوج معرص site:rusmillion.rugay لعب بالطيزقص نيك الام وبنتها والدكتوراييييقصص سكسيه ورع سوري بنوتي عرب نارقصة سكس مع مرت خالي وتبادل الزوجات