aprilman
09-13-2020, 04:06 AM
سيدة القطار
الدّنَسْ
"تقول وصية قديمة لأحد الحكماء : يابنى إيّاك وأن تُدّنسَ حوضَك فهو وِردك وزَادَك ، وإياك إن تَدّنْسَ حوضُك أن تأخذ من ماءك العكر فتُدنسّ به ماء غيرَك ."
توقفت عينى عن متابعة ما تلى تلك العبارة فى الصفحة ذات اللون الباهت ،، حاولَتْ ان تقاوم أمر عقلى بألا تعود أدراجها نحو بداية السطر.. ولكن هيهات ، فقد عاد العقل ذاته مرغماً إلى البداية .. تتتابع المشاهد على الستار الاسود لجفنى المغلق كما لو كان عرضاً سينمائياً أشاهده وحدى ،، نعم فأنا الشاهد الوحيد على تلك الحكاية .. وانا بطلها ،
انا الجانى ، وانا المقتول صلباً على معبد الشهوة .. يتأرجح جسدى يميناً ويساراً مع حركات القطار .. جاحظ العينين دون أن أرى طريقاً نحو الخلاص ، تغيب أصوات حشود المشاهدين من حولى - ربما سئموا مشهد موت قد انتهى .. فهكذا نحن يجذبنا مشهد الموت الطازج ،، تشتم أنوفنا رائحتة وتقودنا نحوه لنقيم طقوس الهلع والخوف وربما الشماتة والفضول حول الموت الحاضر .. ثمّ ننفضّ سراعاً بعد أن ينتهى المشهد لنبحث عن موت آخر نقيم حوله طقوس الحياة ،،،
يرتفع الصوت شيئاً فشيئاً ، نحوى ، انا فقط .. فكيف لأحد أن يسمع فحيح الماضى سواى !؟ وانا الماضى متجسداً فى حكاية ،
يدنو الصدى من روحى فيمحو ذاتى من الذاكرة
من قال بأن العِشقَ مُباح !؟ استبحتُ انا العشق بكل عُنفوان قلبى ، فأورثنى ذبحةً فى قلبى ، وترك على أيامى آثار الجراح
يعلو الصوت ويعلو يصمّ آذانى : انت قاتل قااتل قااااتل
تصطدم رأسى بمسند المقعد خلفها وقد أسلْمتُ نفسى لذاتى لتفعل بها ما تشاء ، صوت بكرة الفيلم وهى تدور ، وميضٌ على شكل خفقات متتالية ثم تبدأ أولى المَشاهد ..
الأنثى
توشحت السماء بالغيوم وبدأت ستائر الليل تنسدل ...فبدت كأنثى فى حداد صامت..
ربما لم يعرف - وهو يسير على غير هدى بمحاذاة الشاطئ – أن ذلك نذير بليلة عاصفة ...
وأن تلك الأنثى ستبكى فقيدها حتى تصير دموعها انهاراً وبركاً تعوق المسير ....
وقد اختنقت تلك النسمة الوحيدة قبل ان تلامس جسده....
الأنثى تتلوى فى حزنها ...
تستنجد صارخةً : " عُد ...من أجلى من أجل ولدك "
وكلما رفع عينيه الى السماء شاهدها وهى تبكى طفلها الرضيع ....
وتلعن يوماً عاقر فيه أنثى أخرى لا ترحم..
أنثى تستدرجه ...
تعانقه...
تعبده...
تصير جارية له حتى تذوب فى أحشاءة فلا يدرى للسؤال إجابة...
تسحبة كل ليلة من أحضانها ....لترتمى هى فى أحضانه ...
والليلة لم تلبى نداء صاحب الحانة .....فقد مات الصغير
فلم تره وقد وضعوه أمام باب الدار وأنصرفوا...
هو يهذى .... من نشوة الحب الملتهبة فى داخلة..
يهذى .... يحطم الأوانى...
يهذى ...يقطع الأحبال ويلفها حول رقبته ..ويخرج لسانه للجميع...
يهذى ...يضحك من حملقتهم فى وجهه ..
يهذى ....ويهذى .....
حتى رآها كما يراها الآن فى مرآة السماء ...تتشح بالسواد وهى تبكى الصغير فى صمت ....
يتوقف...
تصرخ الأنثى فى داخله...تهمهم...تهمس...تستجدى ، تضرب بكل قوتها...
فهى لم ترى الصغير بين يدى أمه كشرنقة فارقت الحياة قبل ان تدخلها...
ولكن هو رآه.....وابتعد مهرولاً يقصد الشاطئ ....
ما زالت السماء صامتةً والهواء يختنق...
وقف يتأمل أضواء السفن فى عرض البحر... وتحت أقدامه على بعد أمتار كثيرة..
راحت الأمواج تلطم خد الصخر ... ربما حزناً على الصغير
تُظلم الشاشة ثم تعود على مشهده وقد صار شاباً يافعاً يناهز العشرين من عمره حسنُ الهندام لا عن تكلّف ولا غنى وإنما عن اهتمام وذوق ،، هكذا كان ذوقه ، وهكذا كان مذاقه على مئات الشفاه .. يجيد التقبيل كما يجيد الهندام ، يختار رفيقته كما يختار عطره ، ليس شرطاً أن يكون العطر غالياً ولكنه يعرف أين وكيف ومتى يضع عطره وكذا يعرف كيف يختار فتاته .. بسيطة .. رقيقة .. تحب الحياة ، هكذا ابتعد لسنوات عديدة عن الهموم والمشكلات التى كانت يصادفها اصدقائه ربما بعد أول علاقة مع فتاة ،، ففى رأيه ان الفتاة البسيطة لن ترهقه بمتطلباتها كما يفعل الاغنياء .. يرضيها لقاء فى مكان هادئ يبثها فيه لوعة أشواقه ويشعل بيد الخبير نار الوله بداخلها ،
الفتاة الرقيقة ستنساب كالماء بين اصابعه ستتشكل حتماً كما يريد ليس لديه من وقت ليضيعه فى اعادة هيكلة شخصية فتاة سيقضى معها اياماً ان طالت فلن يتغير رقم الشهر لموعد اللقاء والفراق الا برقم واحد لا اكثر ، ملول هو مع الجنس الآخر بعد ان يتذوق الحلوى يزهدها هكذا كان منذ الصغر ولم يتغير فيما يفعله بحلواه ونسائه ،، يختار الفتاة التى تحب الحياة تلك التى لن تسكب الدموع وتبذل الصراخ رجاءً ألا يهجرها التى لن تتابعه فى مسارات يومه بحثاً عن فرصة أخرى قرر هو منذ البداية أنه لا وجود لها فترهق روحه وقد تفسد سعيه نحو صنف جديد من الحلوى يضاف الى قائمة الحلوى على مائدة شهوته العامرة .
هكذا كانت اختياراته دوماً ناجحة ، دوماً سعيدة ، دوماً قصيرة قِصرَ ايام عمله فى أى مكان يلتحق به ، هو " الفنان " كم يحب أن يدعوه اصدقائه وربما رفيقاته .. انهى دراسة الفنون الجميلة وهو ابن الحادية وعشرين عاماً وبدأ بعدها رحلة الفن كما يحلو له أن يسميها يلتحق بإحدى الصحف رسّاماً ثم ما يلبث أن يترك العمل بعد ايام أو ربما شهور قليلة لا تعدو اصابع الكف الواحد لانه وعلى حدّ قوله : " لا أحد يقدّر فنّى " يبحث له اصدقائه حثيثاً عن عمل اخر .. ربما بجهد لا يبالى أن يبذله هو بذاته وهو يلهو فى احضان النساء منفقاً كل ما أدخره من عمله السابق ليعود فيلتحق بصحيفة أخرى أو معرض يقلدّ اللوحات هنا أو مطبعة هناك ،،
هكذا كانت حياته " فنّ و نساء وكِيفْ " فكما يحلو له أن يقول دائماً هى وجهة نظره فى الحياة : "خُلقت أجساد النساء لتمنحنا الالهام ، وخُلق الحشيش ليجعل أيدينا تترجم الالهام لابداع "
الأنثى
أفاق على ضوء الشمس الحارق وقد ألهب جبينه ، ظمأ يجتاح كامل جسده وضجيج الحاضرين لمولد يوم جديد يضرب رأسه فيغذى صداعاً جائحاً كما تغذى اللبؤة صغيرها ، يغمض جفنيه فى تثاقل وهو يضع كف يده يحجب بعضاً من شعاع الشمس عنها يعتدل من نومته ليكتشف أنه قد سقط مغشياً عليه بعد ليلة جديدة من مضاجعة الخمر ، وقد ظن للوهلة الأولى أنه سيفيق على سريره كما اعتاد .. فحتى فى تلك الليالى التى كانت تضربه فيها الخمر بشدة ليسقط غائباً عن الوعى كان بعض اصدقائه ممن رافقوه السهر أو العاملين بالحانة يحملونه ليضعوه امام باب داره ثم تتكفل نهال بالباقى .. " نهال " .. وكأنما اعاد الاسم وحده لعقله كل ذكريات البارحة هبّ مذعوراً كمن لدغه عقرب ذو سمّ زعاف ، وضع رأسه بين راحتيه وقد انسابت الذكريات تباعاً الى وعيه تذكر منظر نهال وهى ترتدى عبائة منزلية سوداء وقد تبللت بفعل دموعها التى حفرت أخدودين على خديها البضين ، تذكر سامر وليده الصغير الذى لم تتعدى ايامه بالحياة بضعة أشهر قليلة وهو يرقد بين يدى نهال جثة هامدة ، تذكر الحملقات والضحكات تذكر المجون والخمر ، ، تذكر كيف نسى انها طلبت منه الذهب بالصغير للطبيب وقد تضاعفت آثار الحمى على جسده الصغير ولم تعد تجدى فيه أية مسكنات أو خافضات للحرارة وكيف وعدها بانه سيفعل ذلك فور عودته من لقاء احد اصدقائه الذى اخبره بانه قد جلب له فرصة عمل ذهبية بأحدى الصحف القومية الكبيرة ،، تذكر جيدا انها لم تكن الكذبة الاولى .. ولن تكون الاخيرة التى يكذبها على نهال ..
فمنذ عرفها فى عامها الثانى لنفس الكلية التى كان يدرس فيها وهى تصدق كل حرف يصدر من فمه ،، لم تكن تحبه ذاك الحب الذى ربما قرأ أو سمع عنه أو اخبرته به احدى عشيقاته وسط أتون الجنس الملتهب بينهما ،، بل كانت تعبده يرضيها منه مجرد وجوده فى حياتها .. لم يكن ينتوى الاستمرار معها ،، ولم يخطر بباله انه قد يأتى يوم لتحمل فيه ولداً من صلبه ، بل لم يكن ذلك على جدول الاحتمالات عنده بأى شكل ، ، ولكنه حين اختار نهال من بين مئات الفتيات فى صفها أغفل أنها تحب الحياة أكثر من اللازم ، ، تحب الحياة حدّ انها قد أحبت الحياة فيه ، وبه ، ومعه .. فسلمته كل شئ فى اول لقاء لم تسلمه جسدها فقط - وان كان يعنى لها الكثير بحكم تربيتها المحافظة ورغبتها فى الاحتفاظ بشريط ذاك الجسد ليقصه زوجها ليلة عرسهما - ولكنها سلمته مع جسدها روحها وعقلها كاملين ، ، سلب لبها بكلماته ونبرات صوته ورومانسيته واناقته فسلمت كل ما اصابته سهامه له طوع امرها ...
تذكر كيف أصرت على أن يكون لقائهما الاول فى احدى الفنادق المرموقة بشرم الشيخ حيث رحلا ضمن رحلة تنظمها الكلية بشكل دورى ، كان قد تخرج من الكلية بالفعل منذ عامين ولكن لم تزل علاقاته تسمح له بمصاحبة تلك الرحلات ، ، تذكر كيف فاجأته بأن تلك الليلة هى ليلة دخلته عليها بكل ما تحمله الكلمة من معنى ، ، هكذا اوفت نهال بوعدها لجسدها .. القت بتلك القيود خلف ظهرها ، ، لا حاجة لها لمأذون أو عقد أو شهود أو أهل .. صار هو منذ ولج حبه قلبها كل ذاك واكثر صار هو اهلها والوصى عليها وحبيبها وزوجها ..
تذكر كيف كانت تلك الليلة الماجنة وقد لبست نهال فستانا وطرحة عروس وتزينت قبل الموعد الذى حددته ليطرق بابها ، ، وحين طرق الباب انفتحت له ابواب الجنة بحضنها وانفتحت معه كل ابواب جسدها .
نهال بجسدها البضّ الصغير فكما كان يحلو لها دوماً ان يناديها " الصغنن " تنساب بين يديه مع الموسيقى الهادئة حملها وقد لثّم كل ما طالته شفتاه من وجهها ، ، كان يلتهم جلدها بشفاهه فتنطلق اهاتها تحرق صدره العارى بفعل اظافرها التى شقت قميصه بحثا عن ملاذ طال اشتياقه ..
سلبت هى الاخرى لبه بتلك المفاجأة .. كان يتوقع ليلة عادية أو ربما صاخبة ومجنونة مثل لياليه المعتادة أو أكثر قليلاً ، ، ولكنه ما توقع ان يشاهد عرسه بنفسه دون ترتيب او ارادة منه ، ، تذكر خجلها رغم اتون النيران المشتعلة فى جسدها حين عراها بيديه لاول مرة .. جسد مرمرى يتحدى مصادر الهامه الاخرى فى ثقة وكبرياء .. نهدان لا يعرف وهو الفنان كيف يُرسما فيوفيهما حق جمالهما الباذخ ، ، بطن كالعاج فى طبيعته قبل ان تمسه يد انسان ، ، فخذان يضربان كعمودى برق صاعق من شدة بياضهما وبينهما ... بينهما حيث تاهت اخر ذكرياته وجد بيته وملاذ شهوته الجامحة .
عام وبضعة اشهر مرت على تلك الليلة الليلاء ، ، ليلة اختلفت حياته قبلها عن ما تلاها ليلة فى جمال وجه نهال وهى تتألم وتبكى من فرط اللذة وهو يفتض بكارتها وقد نشبت اظفارها بظهره تجذبه نحوها كما لو كان لا يرضيها ذاك الجزء المغروس بداخلها من جسده فتريده كاملاً بداخلها ، كثيرا ما كانت تخبره انها لن تشبع الا حين يحتويه رحمها فيصير هو ولدها من نفسه . . هكذا كان عشقها له . . وهكذا حمل رحمها سامر فى تلك الليلة .
إلى لقاء ..
الدّنَسْ
"تقول وصية قديمة لأحد الحكماء : يابنى إيّاك وأن تُدّنسَ حوضَك فهو وِردك وزَادَك ، وإياك إن تَدّنْسَ حوضُك أن تأخذ من ماءك العكر فتُدنسّ به ماء غيرَك ."
توقفت عينى عن متابعة ما تلى تلك العبارة فى الصفحة ذات اللون الباهت ،، حاولَتْ ان تقاوم أمر عقلى بألا تعود أدراجها نحو بداية السطر.. ولكن هيهات ، فقد عاد العقل ذاته مرغماً إلى البداية .. تتتابع المشاهد على الستار الاسود لجفنى المغلق كما لو كان عرضاً سينمائياً أشاهده وحدى ،، نعم فأنا الشاهد الوحيد على تلك الحكاية .. وانا بطلها ،
انا الجانى ، وانا المقتول صلباً على معبد الشهوة .. يتأرجح جسدى يميناً ويساراً مع حركات القطار .. جاحظ العينين دون أن أرى طريقاً نحو الخلاص ، تغيب أصوات حشود المشاهدين من حولى - ربما سئموا مشهد موت قد انتهى .. فهكذا نحن يجذبنا مشهد الموت الطازج ،، تشتم أنوفنا رائحتة وتقودنا نحوه لنقيم طقوس الهلع والخوف وربما الشماتة والفضول حول الموت الحاضر .. ثمّ ننفضّ سراعاً بعد أن ينتهى المشهد لنبحث عن موت آخر نقيم حوله طقوس الحياة ،،،
يرتفع الصوت شيئاً فشيئاً ، نحوى ، انا فقط .. فكيف لأحد أن يسمع فحيح الماضى سواى !؟ وانا الماضى متجسداً فى حكاية ،
يدنو الصدى من روحى فيمحو ذاتى من الذاكرة
من قال بأن العِشقَ مُباح !؟ استبحتُ انا العشق بكل عُنفوان قلبى ، فأورثنى ذبحةً فى قلبى ، وترك على أيامى آثار الجراح
يعلو الصوت ويعلو يصمّ آذانى : انت قاتل قااتل قااااتل
تصطدم رأسى بمسند المقعد خلفها وقد أسلْمتُ نفسى لذاتى لتفعل بها ما تشاء ، صوت بكرة الفيلم وهى تدور ، وميضٌ على شكل خفقات متتالية ثم تبدأ أولى المَشاهد ..
الأنثى
توشحت السماء بالغيوم وبدأت ستائر الليل تنسدل ...فبدت كأنثى فى حداد صامت..
ربما لم يعرف - وهو يسير على غير هدى بمحاذاة الشاطئ – أن ذلك نذير بليلة عاصفة ...
وأن تلك الأنثى ستبكى فقيدها حتى تصير دموعها انهاراً وبركاً تعوق المسير ....
وقد اختنقت تلك النسمة الوحيدة قبل ان تلامس جسده....
الأنثى تتلوى فى حزنها ...
تستنجد صارخةً : " عُد ...من أجلى من أجل ولدك "
وكلما رفع عينيه الى السماء شاهدها وهى تبكى طفلها الرضيع ....
وتلعن يوماً عاقر فيه أنثى أخرى لا ترحم..
أنثى تستدرجه ...
تعانقه...
تعبده...
تصير جارية له حتى تذوب فى أحشاءة فلا يدرى للسؤال إجابة...
تسحبة كل ليلة من أحضانها ....لترتمى هى فى أحضانه ...
والليلة لم تلبى نداء صاحب الحانة .....فقد مات الصغير
فلم تره وقد وضعوه أمام باب الدار وأنصرفوا...
هو يهذى .... من نشوة الحب الملتهبة فى داخلة..
يهذى .... يحطم الأوانى...
يهذى ...يقطع الأحبال ويلفها حول رقبته ..ويخرج لسانه للجميع...
يهذى ...يضحك من حملقتهم فى وجهه ..
يهذى ....ويهذى .....
حتى رآها كما يراها الآن فى مرآة السماء ...تتشح بالسواد وهى تبكى الصغير فى صمت ....
يتوقف...
تصرخ الأنثى فى داخله...تهمهم...تهمس...تستجدى ، تضرب بكل قوتها...
فهى لم ترى الصغير بين يدى أمه كشرنقة فارقت الحياة قبل ان تدخلها...
ولكن هو رآه.....وابتعد مهرولاً يقصد الشاطئ ....
ما زالت السماء صامتةً والهواء يختنق...
وقف يتأمل أضواء السفن فى عرض البحر... وتحت أقدامه على بعد أمتار كثيرة..
راحت الأمواج تلطم خد الصخر ... ربما حزناً على الصغير
تُظلم الشاشة ثم تعود على مشهده وقد صار شاباً يافعاً يناهز العشرين من عمره حسنُ الهندام لا عن تكلّف ولا غنى وإنما عن اهتمام وذوق ،، هكذا كان ذوقه ، وهكذا كان مذاقه على مئات الشفاه .. يجيد التقبيل كما يجيد الهندام ، يختار رفيقته كما يختار عطره ، ليس شرطاً أن يكون العطر غالياً ولكنه يعرف أين وكيف ومتى يضع عطره وكذا يعرف كيف يختار فتاته .. بسيطة .. رقيقة .. تحب الحياة ، هكذا ابتعد لسنوات عديدة عن الهموم والمشكلات التى كانت يصادفها اصدقائه ربما بعد أول علاقة مع فتاة ،، ففى رأيه ان الفتاة البسيطة لن ترهقه بمتطلباتها كما يفعل الاغنياء .. يرضيها لقاء فى مكان هادئ يبثها فيه لوعة أشواقه ويشعل بيد الخبير نار الوله بداخلها ،
الفتاة الرقيقة ستنساب كالماء بين اصابعه ستتشكل حتماً كما يريد ليس لديه من وقت ليضيعه فى اعادة هيكلة شخصية فتاة سيقضى معها اياماً ان طالت فلن يتغير رقم الشهر لموعد اللقاء والفراق الا برقم واحد لا اكثر ، ملول هو مع الجنس الآخر بعد ان يتذوق الحلوى يزهدها هكذا كان منذ الصغر ولم يتغير فيما يفعله بحلواه ونسائه ،، يختار الفتاة التى تحب الحياة تلك التى لن تسكب الدموع وتبذل الصراخ رجاءً ألا يهجرها التى لن تتابعه فى مسارات يومه بحثاً عن فرصة أخرى قرر هو منذ البداية أنه لا وجود لها فترهق روحه وقد تفسد سعيه نحو صنف جديد من الحلوى يضاف الى قائمة الحلوى على مائدة شهوته العامرة .
هكذا كانت اختياراته دوماً ناجحة ، دوماً سعيدة ، دوماً قصيرة قِصرَ ايام عمله فى أى مكان يلتحق به ، هو " الفنان " كم يحب أن يدعوه اصدقائه وربما رفيقاته .. انهى دراسة الفنون الجميلة وهو ابن الحادية وعشرين عاماً وبدأ بعدها رحلة الفن كما يحلو له أن يسميها يلتحق بإحدى الصحف رسّاماً ثم ما يلبث أن يترك العمل بعد ايام أو ربما شهور قليلة لا تعدو اصابع الكف الواحد لانه وعلى حدّ قوله : " لا أحد يقدّر فنّى " يبحث له اصدقائه حثيثاً عن عمل اخر .. ربما بجهد لا يبالى أن يبذله هو بذاته وهو يلهو فى احضان النساء منفقاً كل ما أدخره من عمله السابق ليعود فيلتحق بصحيفة أخرى أو معرض يقلدّ اللوحات هنا أو مطبعة هناك ،،
هكذا كانت حياته " فنّ و نساء وكِيفْ " فكما يحلو له أن يقول دائماً هى وجهة نظره فى الحياة : "خُلقت أجساد النساء لتمنحنا الالهام ، وخُلق الحشيش ليجعل أيدينا تترجم الالهام لابداع "
الأنثى
أفاق على ضوء الشمس الحارق وقد ألهب جبينه ، ظمأ يجتاح كامل جسده وضجيج الحاضرين لمولد يوم جديد يضرب رأسه فيغذى صداعاً جائحاً كما تغذى اللبؤة صغيرها ، يغمض جفنيه فى تثاقل وهو يضع كف يده يحجب بعضاً من شعاع الشمس عنها يعتدل من نومته ليكتشف أنه قد سقط مغشياً عليه بعد ليلة جديدة من مضاجعة الخمر ، وقد ظن للوهلة الأولى أنه سيفيق على سريره كما اعتاد .. فحتى فى تلك الليالى التى كانت تضربه فيها الخمر بشدة ليسقط غائباً عن الوعى كان بعض اصدقائه ممن رافقوه السهر أو العاملين بالحانة يحملونه ليضعوه امام باب داره ثم تتكفل نهال بالباقى .. " نهال " .. وكأنما اعاد الاسم وحده لعقله كل ذكريات البارحة هبّ مذعوراً كمن لدغه عقرب ذو سمّ زعاف ، وضع رأسه بين راحتيه وقد انسابت الذكريات تباعاً الى وعيه تذكر منظر نهال وهى ترتدى عبائة منزلية سوداء وقد تبللت بفعل دموعها التى حفرت أخدودين على خديها البضين ، تذكر سامر وليده الصغير الذى لم تتعدى ايامه بالحياة بضعة أشهر قليلة وهو يرقد بين يدى نهال جثة هامدة ، تذكر الحملقات والضحكات تذكر المجون والخمر ، ، تذكر كيف نسى انها طلبت منه الذهب بالصغير للطبيب وقد تضاعفت آثار الحمى على جسده الصغير ولم تعد تجدى فيه أية مسكنات أو خافضات للحرارة وكيف وعدها بانه سيفعل ذلك فور عودته من لقاء احد اصدقائه الذى اخبره بانه قد جلب له فرصة عمل ذهبية بأحدى الصحف القومية الكبيرة ،، تذكر جيدا انها لم تكن الكذبة الاولى .. ولن تكون الاخيرة التى يكذبها على نهال ..
فمنذ عرفها فى عامها الثانى لنفس الكلية التى كان يدرس فيها وهى تصدق كل حرف يصدر من فمه ،، لم تكن تحبه ذاك الحب الذى ربما قرأ أو سمع عنه أو اخبرته به احدى عشيقاته وسط أتون الجنس الملتهب بينهما ،، بل كانت تعبده يرضيها منه مجرد وجوده فى حياتها .. لم يكن ينتوى الاستمرار معها ،، ولم يخطر بباله انه قد يأتى يوم لتحمل فيه ولداً من صلبه ، بل لم يكن ذلك على جدول الاحتمالات عنده بأى شكل ، ، ولكنه حين اختار نهال من بين مئات الفتيات فى صفها أغفل أنها تحب الحياة أكثر من اللازم ، ، تحب الحياة حدّ انها قد أحبت الحياة فيه ، وبه ، ومعه .. فسلمته كل شئ فى اول لقاء لم تسلمه جسدها فقط - وان كان يعنى لها الكثير بحكم تربيتها المحافظة ورغبتها فى الاحتفاظ بشريط ذاك الجسد ليقصه زوجها ليلة عرسهما - ولكنها سلمته مع جسدها روحها وعقلها كاملين ، ، سلب لبها بكلماته ونبرات صوته ورومانسيته واناقته فسلمت كل ما اصابته سهامه له طوع امرها ...
تذكر كيف أصرت على أن يكون لقائهما الاول فى احدى الفنادق المرموقة بشرم الشيخ حيث رحلا ضمن رحلة تنظمها الكلية بشكل دورى ، كان قد تخرج من الكلية بالفعل منذ عامين ولكن لم تزل علاقاته تسمح له بمصاحبة تلك الرحلات ، ، تذكر كيف فاجأته بأن تلك الليلة هى ليلة دخلته عليها بكل ما تحمله الكلمة من معنى ، ، هكذا اوفت نهال بوعدها لجسدها .. القت بتلك القيود خلف ظهرها ، ، لا حاجة لها لمأذون أو عقد أو شهود أو أهل .. صار هو منذ ولج حبه قلبها كل ذاك واكثر صار هو اهلها والوصى عليها وحبيبها وزوجها ..
تذكر كيف كانت تلك الليلة الماجنة وقد لبست نهال فستانا وطرحة عروس وتزينت قبل الموعد الذى حددته ليطرق بابها ، ، وحين طرق الباب انفتحت له ابواب الجنة بحضنها وانفتحت معه كل ابواب جسدها .
نهال بجسدها البضّ الصغير فكما كان يحلو لها دوماً ان يناديها " الصغنن " تنساب بين يديه مع الموسيقى الهادئة حملها وقد لثّم كل ما طالته شفتاه من وجهها ، ، كان يلتهم جلدها بشفاهه فتنطلق اهاتها تحرق صدره العارى بفعل اظافرها التى شقت قميصه بحثا عن ملاذ طال اشتياقه ..
سلبت هى الاخرى لبه بتلك المفاجأة .. كان يتوقع ليلة عادية أو ربما صاخبة ومجنونة مثل لياليه المعتادة أو أكثر قليلاً ، ، ولكنه ما توقع ان يشاهد عرسه بنفسه دون ترتيب او ارادة منه ، ، تذكر خجلها رغم اتون النيران المشتعلة فى جسدها حين عراها بيديه لاول مرة .. جسد مرمرى يتحدى مصادر الهامه الاخرى فى ثقة وكبرياء .. نهدان لا يعرف وهو الفنان كيف يُرسما فيوفيهما حق جمالهما الباذخ ، ، بطن كالعاج فى طبيعته قبل ان تمسه يد انسان ، ، فخذان يضربان كعمودى برق صاعق من شدة بياضهما وبينهما ... بينهما حيث تاهت اخر ذكرياته وجد بيته وملاذ شهوته الجامحة .
عام وبضعة اشهر مرت على تلك الليلة الليلاء ، ، ليلة اختلفت حياته قبلها عن ما تلاها ليلة فى جمال وجه نهال وهى تتألم وتبكى من فرط اللذة وهو يفتض بكارتها وقد نشبت اظفارها بظهره تجذبه نحوها كما لو كان لا يرضيها ذاك الجزء المغروس بداخلها من جسده فتريده كاملاً بداخلها ، كثيرا ما كانت تخبره انها لن تشبع الا حين يحتويه رحمها فيصير هو ولدها من نفسه . . هكذا كان عشقها له . . وهكذا حمل رحمها سامر فى تلك الليلة .
إلى لقاء ..