ناصف الليثى
02-15-2018, 08:16 PM
الجزء الاول ..
* يلا بقا يا هشام هانتأخر كده ..
** عشان خاطرى يا حبيبتى خلينا قاعدين شوية كمان
* طب هاقول لهم ايه فى البيت ؟
** قولى لهم اتاخرتى شوية فى الجامعة عادى يعنى يا دعاء .. عارفة لما بنكون مع بعض ، باحس اد ايه الدنيا جميلة و حنينة على قلبى .. باتمنى انى افضل طول العمر قاعد معاكى ، قدام عيونك دى، سيبينى أتأملهم شوية كمان .. ياااااه ، أد إيه ملامحى أجمل و انا شايف نفسى جواهم .. أنا بحبك اوى يا دعاء ، يمكن العمر يعدى بينا و انا مش قادر اوصف لك اد ايه بحبك .
* و انا كمان يا هشام ، بعد ما بارجع البيت و افضل افتكر كلامك و اراجعه حرف حرف باحس انى واصلة لأعلى نجمة فى السما ، و حياتى عندك يا هشام ما تخلى الزمن يقدر على حبنا فى يوم من الأيام ، انا عندى اموت و لا انى ابعد عنك يا حبيبى ..
** انا اللى تحرم عليا الدنيا لو تبعدى عنى يا روح قلبى ، انا من غير حبك مش هالاقى حاجة فى الدنيا اعيش عشانها .. خلينا مانفكرش فى الفراق و لا نجيب سيرته ، عمرى ما هاسمح لاى حاجة فى الدنيا تبعدنى عنك ، حتى لو انتى اللى حاولتى ، هاوصل لك حتى لو كنتى فى قصر حواليه الف حارس ، و هاجيبك من شعرك و اقولك : بتحبينى يا بت ؟
* و انا هارد عليك و اقولك لا مابحبكش
** و انا هاروح خابطك بقالب طوب فى دماغك و اشيلك و ارجع بيكى هنا تانى و اسالك : بتحبينى يا دعاء ؟
* بموت فيك يا هشام ، بحبك اوى فوووووق ما تتخيل ، ده انا اللى لو لقيتك بعدت عنى هاجيلك اخطفك .. يلا بقا عشان اروح ، انا مش هاين عليا امشى .. بس اعمل ايه ؟ و بعدين هو بكرة بعيد ؟ ده فاضل عليه يادوب 16 ساعة بس ..
** لا ، 16 ساعة و 22 دقيقة و 40 ثانية .. اهه بصى فى ساعتك .
* خلاص بقا يا هشام قوم احسن يبقوا اكتر من كده لو خدت علقة من ماما ..
** لا و على ايه ؟ يلا بينا نلحق الاتوبيس ..
-------------------------------------------------
هشام و دعاء ، نفس الجامعة ، نفس الكلية ، نفس الفرقة ، و نفس العمر ، بينهم شهور بسيطة .. الحب عرف طريق قلوبهم من ثانوى ، قصتهم اتكتب لها البقاء لحد ما وصلوا للسنة النهائية فى كلية الحقوق سنة 1998.. كانت الدنيا فى عيونهم كبيرة اوى مليانه احلام حلوة ، و آمال مضيئة ، دايما كانوا شايفين حكايتهم اغلى حكاية حب عاشها قلبين .. كان يومهم بيبتدى بالاشتياق ، و ينتهى بالأمل فى لقاء جديد يجمع بينهم ..
كان الحب اللى بيملا قلوبهم حب صافى عمره ما عرف حتى لمسة الايد الا علشان يسلموا .. عهد و كان واخده هشام على نفسه بينه و بين قلبه ، عمره ما هايلمسها الا فى بيته لما تبقا شريكة حياته ..
هشام كان الابن الوحيد لأب موظف بسيط فى وزارة التموين ، و ام ست بيت ، كان حبهم ليه و حبهم لبعض يكفى انه يطلع انسان رومانسى ، حالم ، مشاعره رقيقة ، و اخلاقه عالية .. شهم و شجاع ، عمره ما عرف اى انحرافات سلوكية .. كانوا فى المنطقة عندهم فى الجيزة بيسموه هشام الطيب ..
دعاء كانت البنت الكبرى ، ليها 3 اخوات ذكور ، و ابوها كان مهندس بترول .. بيسافر كتير و يتنقل لبلاد كتير كل فترة ، و والدتها كانت دكتورة فى مستشفى خاص ..
و اخواتها كانوا فى مراحل تعليمية مختلفة .. و فى منطقتهم فى منيل الروضة كانت زينة البنات ، فى الرايحة و الجاية عيون الشباب تطل عليها و كل واحد بيحلم انها تبص عليه .. لكنها كان فى قلبها الحب الكبير اللى مخلى حياتها مليانة ..
طول النهار مع بعض هشام و دعاء ، و بالليل برضه مع بعض اما بتليفون ، او بالتفكير .. كان بيكلمها فى اوقات مختلفة عشان ما يلفتش نظر حد لموعد ثابت ، و غالبا كانت هى اللى بتتصل بيه لما تلاقى الظروف مناسبة ، و لو مامة هشام هى اللى ردت عليها كانت تسلم عليها و تفرح بمكالمتها و تنادى لهشام فورا علشان ياخد تليفونه و يدخل بيه اوضته و يفضل كلامهم مستمر لحد هى ما تقول له ان خلاص كفاية كده بقا عشان ماما ..
ينام هشام يحلم بدعاء ، و دعاء تصحى من النوم على صورة هشام .. وصل بيهم الحب و التفاهم و الانسجام لانهم بقوا تقريبا روح واحده بس فى جسدين ، تسكت يبقا عارف هى بتفكر فى ايه ، يسكت تبقا فاهمة هو ساكت ليه .. يحلم تفسرله حلمه ، تحلم هى يحكى لها تفاصيل حلمها ..
كان هشام بيخطط انه بعد الكلية يشتغل فى وظيفة عاليه او يسافر لاى بلد و لو حتى سنة علشان يرجع و هو قادر انه يعمل اللازم لخطوبته و جوازه من دعاء .. افكاره و هو فى السنة النهائية كانت دايما بترمى للحظة ما يتقدم لها .. و كان بيفكر و بيدور على اى باب برغم انه لسه ما خلصش دراسته ، لكنه كان خايف جدا ان الوقت يسرقه بعد ما يتخرج ، و هو عارف ان الناس كلها واقفين على باب دعاء و هى قافلاه بحجة دراستها .. و طبعا بعد الدراسة مش هايكون فيه اى حجة ..
دعاء لما لقيته فى دوامة الافكار دى قدمت له الحل اللى مكانش يتخيله ابدا .. اقترحت عليه انها تسقط و تعيد السنة و هو يستعد براحته على ما هى تخلص ، و لو سنة مش كفاية هاتسقط كمان سنة ..
و برغم فرحة قلبه بكلامها ده إلا انه رفض و بشدة انها تعمل كده .. و قال لها لا ، احنا طول عمرنا سوا ، و هانتخرج برضه سوا .. ما سمعتش كلامه و خططت لانها تعيد السنة بالفعل لحد هو ما يشق طريقه و يدور على اى باب يساعد معاه ..
و لما ظهرت النتيجة ، كان رد فعله معاها قاسى جدا ، فضل يلومها و يأنبها على اللى هى عملته ، و يقول لها انه ما فرحش بنتيجته هو و بنجاحه و حاسس بمرارة بسبب سقوطها ده .. ضحكت دعاء و قالت له فداك عمرى كله مش بس سنة واحدة يا هشام ..
و لو السنة الجاية كمان ماكنتش جاهز صدقنى هاعيدها و هافضل اعيد لحد ما الاقيك جاى تخبط على بابى ، و تلبسنى الدبلة و تقولى مبروك يا حبيبتى ، اخيرا اتحقق حلمنا ..
و مع الخيال نسى هشام زعله على النتيجة و ابتسم من قلبه و قال لها صدقينى يا دعاء ، فى يوم من الايام هاعوضك عن تضحيتك دى ، و لو دفعت عمرى كله تمنها ..
ضحكت دعاء و قالت له سلامتك يا حبيبى و سلامة عمرك بكل ايامه .. هو انا اصلا عايشة عشان مين ؟ علشانك انت ، و لحد ما نبقا لبعض هافضل استنا اليوم ده ، و بعدين هو انت ما فكرتش يا استاذ هانتقابل ازاى لو انا كنت اتخرجت زيك ؟ كنت هاعرف اخرج من البيت كل يوم علشان اشوفك زى ما بنتقابل دلوقتى ؟
رد هشام و قال لها طب افرضى انى سافرت بقا ؟ قالت له حتى لو سافرت و روحت اخر الدنيا برضه هنتقابل انا و انت كل ليلة فى احلامنا .. و دايما هايكون بيننا معاد حتى لو ما رتبناهوش ..
و ابتدى هشام يدور على اول خطوة فى رحلته ناحية يوم الخطوبة ، و يفكر و يدور هنا و هناك على اى وظيفة تخليه يبنى نفسه .. و جات له الفرصة انه يسافر ، ما اترددش .. فورا سافر على بلد عربى و اشتغل هناك مندوب توزيع فى شركة كبيرة للمواد الغذائية ..
كان بيشتغل بدال الوردية اتنين علشان يسابق الزمن ، و كان ماعندهوش اى وقت فى يومه الا للنوم و بس بعد ما يرجع من شغله و هو مفيش مكان فى جسمه مش بيوجعه من التعب طول اليوم .. و كل ما يكون قدامه اى فرصة يبعت لدعاء جواب على بيت صاحبتها ( هبه ) زى ما اتفقوا و هى توصلهولها ..
كانت دعاء بتحضن جوابات هشام قبل ما تقراها ، و تفضل تقرا الجواب عشر مرات قبل ما تشيله فى وسط الكتب بتاعتها .. و تكتب له الرد و تبعته و هى بتجدد وعدها ليه بأنها مستنياه و كلها شوق و لهفة للحظة رجوعه .. و حياتها كلها ليه هو ..
كان هشام يقرا جوابات دعاء و هو فرحان و دموعه بتنزل من الحنين ليها و لمقابلتها .. و هى كانت فى كل جواب تبعت له صورة من صورها .. و هو كمان كان بيعمل نفس الشئ علشان يحسوا انهم لسه عايشين القرب مهما كان بينهم بلاد و بلاد ..
الحب عايش فى قلوبهم ، و الاخلاص و التفانى و التضحية هما المواثيق اللى بينهم .. كان الأمل فى ان الدنيا تفضل كده ، و القدر يكون رحيم بيهم و يحافظ على وجودهم داخل جنات الحب و بساتينه .
الجـــزء التانى
ما بين لهفة و حنين و اشتياق ، فاتت سنة كاملة على غربة هشام ، و اتخرجت دعاء ، و فضلت تماطل فى اى مشروع خطوبة و تطلع عيوب فى اى حد حاول يتقدم لها .. هو هناك بيشقى و بيتعب ماكانش عاوز يرجع الا و هو قادر .. كانت الامانة عنوانه ، الكل هناك كانوا بيحبوه و بيستأمنوه على أى شئ.. كانت المراسلات بينه و بين دعاء مستمرة .. عمره ما عدى اسبوع من غير جواب ليها يطمنها على احواله و يقوى قلبها على تحمل البعد اللى عمرهم ما اتعودوا عليه ..
كان قال لها فى آخر مكالمة ، انه راجع بعد ست شهور بالتحديد .. و هايرجع يتقدم لها و يبدأ معاها حياة جديدة فى وطنه بأى شكل ، طمنها انه بقا معاه فلوس يقدر ياخد شقة ، و يقضى التمرين فى مكتب محامى كبير لحد ما يقدر يفتح مكتب لنفسه ، و هى معاه .. قالت له انها هى كمان كانت بتستعد لليوم ده و معاها مبلغ كويس هاتساعده بيه ..
فجاة توقفت مراسلاته ، و انقطعت الأخبار مرة واحدة .. كانت مستمرة فى جواباتها ليه واحد ورا واحد ، و مفيش اى رد ، و اصبحت الايام مرة جدا على دعاء ، مش قادرة تتحمل فراقه و كمان مفيش اخبار عنه ، قلقت ، اتوترت ، انهارت من البكا كل ليلة على مدى شهور كاملة ، قرب المعاد اللى قال انه راجع فيه .. لكنه ما رجعش ..
و فى نهاية المطاف ما قدرتش تستحمل اكتر من كده ، راحت بيته .. لقيت حال والده و والدته ما يفرقش عن حالها ، ما بين البكا و القلق اللى وصل لحد الرعب على هشام .. لكن ما باليد حيلة .. مابقتش عارفة تروح فين و لا تسأل مين ، ياترى ايه مصير كل جواباتها ؟ و فات كمان ست شهور و هى بتماطل فى أهلها و رافضة اى مشروع جواز .. منتظرة الغايب اللى محدش عارف عنه اى خبر ..
و تحول انتظار رسالة من هشام لانتظار خبر عنه ، و تحول انتظار اى خبر ، لانتظار خبر وحيد و هو وفاته ، كانت لما بييجى فى خيالها انه ممكن يكون مات ، تحس ان قلبها بينخلع من مكانه ، و تفضل تبكى و تبكى لحد ما ياخدها البكا لأبعد ركن فى اوضتها و تقعد فيه و تلم رجليها فى حضن ايديها و هى مرعوبة انه يكون ده اللى حصل فعلا ..
و أصبحت السلوى الوحيدة لدعاء فى بُعد هشام هى زيارة والدته و والده فى بيتهم و مشاركتهم البكا و النحيب ، مش عارفه تصبرهم و لا تصبر نفسها .. و فى يوم راحت تزورهم كالعادة ما لقيتهومش فى البيت ، و لما سألت عليهم قالولها انهم فى المستشفى ، والدته من كتر البكا جاتلها حالة اغماء ، و لما راحتلها المستشفى لقيتها اتوفت .. اصبحت الأحزان متضاعفة فى قلبها ..
كان والد هشام بيعزيها و هى بتعزيه و اصبح والد هشام فى حزنه على ابنه و زوجته و بقا عايش ينتظر الموت .. بص لدعاء و الدموع فى عيونه و قال لها خلاص يا دعاء مابقاش ليا حد فى الدنيا غيرك يا بنتى ، بكت و هى بتقوله ماتقولش كده ، هشام ضرورى يكون بخير و هايرجعلنا بالسلامة .. ما تفقدش الامل يا عمى ..
و فاتت كمان سنة ، و دعاء لسه باقية على العهد ، كانت بتتحجج بالدراسات العليا علشان تبعد نظر اهلها عن انتظارها للغايب اللى مش عارفه هو فين و لا حصل له ايه .. فات على غيابه عنها 3 سنين كاملة ، سنة كانوا متواصلين مع بعض ، و سنتين مفيش لا حس و لا خبر ..
زادت رغبة والد دعاء و والدتها فى انهم يشوفوها عروسة ، و أصروا انهم يجوزوها لانها وصلت 25 سنة و ده سن كبير فى نظرهم ، و مفيش داعى انها تفضل كده لحد دلوقتى .. و المرة دى كان العريس اللى متقدم لها بيشتغل فى وظيفة محدش يحلم بيها و ما يترفضش ، بكت دعاء ، غضبت ، عملت كل اللى تقدر تعمله بنت فى ظروفها مع اهلها ، راحت لوالد هشام فى البيت و هى بتبكى و مش قادرة تستحمل ..
و باحساس الاب فهم على طول ايه اللى بيحصل .. قام باس راسها و قال لها علشان خاطرى انا ، اسمعى كلام اهلك ، ابنى انا اعتبرته مش راجع ، و انا جربت الحزن مرتين مرة عليه و مرة على والدته ، خلاص الحزن انا اتعودت عليه و مافاضلش فى عمرى كتير ، لكن انتى لازم تبدئى حياتك من جديد يا بنتى ، انا و انتى محتاجين نخرج من اللى احنا فيه ، و لو كان عليا انا فانا كمان باضم صوتى لصوت والدك و والدتك ، و الجواز قسمة و نصيب يا بنتى .. محدش يملك فى قدره شئ ..
لو كنتم مكتوبين لبعض ماكانش فيه حاجة قدرت تفرق بينكم .. اسمعى كلامهم يا حبيبتى ، فرحيهم و فرحينى انا كمان بدعوتى لفرحك علشان افرح معاكم .. اوعى تكملى عمرك وحيدة ، انتى شايفة الوحدة عاملة فيا ايه يا دعاء .. انا باموت كل يوم الف مرة .. اتجوزى و ابدئى حياتك ، اعملى اسرة و خلفى اولاد و بنات ، حياتك هاتتملى بيهم و تخرجى شوية من همومك ..
كانت دعاء بتسمعه و هى فى غيبوبة عن الواقع و مش قادرة تقول له يسكت و ما يكملش ، و لا قادرة تسمعه و هو بيكمل كلامه .. فى النهاية قام و خدها فى حضنه و قال لها : لو كان عندى بنت فى نفس ظروفك ، كنت هاقول لها نفس اللى انا باقولهولك دلوقتى ، لو ما سمعتيش كلامى و نفذتيه يا دعاء تبقى بتدوسى على آخر أمنية ليا بعد أمنيتى انى اشوف ابنى هشام قبل ما اموت ..
ردت عليه و دموعها مغرقة عيونها و قالت له : هشام هايرجع يا عمى ، انا عارفه انه هايرجع و ساعتها هاقوله ايه و هاقابله ازاى و انا خنت العهد اللى بينى و بينه ؟ عمرى ما تخيلت انى اكون لحد غيره ، عمرى ما فكرت حتى فى اللى حضرتك بتقوله ده ، بيت و اسرة .. من غير هشام ؟ أولاد و بنات .. و ابوهم مش هشام ؟ لا يا عمى مش هاقدر ، انا آسفة ده الطلب الوحيد اللى هارفضهولك ..
كان بيكلمها و هو لسه بيبكى و بيقول لها انا عارف انه لو حتى رجع رغم انه احتمال صعب ، عمره ما هايلومك و لا يعاتبك لو كنتى خايفه من كل ده ، و ولادك و بناتك دول لما تشوفيهم مش هايفرق معاكى مين يكون ابوهم ، اسألينى انا يا بنتى ، الحب فى القلب و الروح و عمره ما بيشترط جواز أبدا ، و ياما ناس كتير كانوا بيحبوا بعض و ما اتجوزوش ، يعنى هو قيس كان اتجوز ليلى ؟ ما انتى عارفه ، و ناس كتير كانوا بيحبوا بعض و لما اتجوزوا ما قدروش يكملوا و فشلوا فى حياتهم الزوجية ، حبكم لبعض مش شرط يكون نهايته الجواز و لا مقياس ابدا لحياة زوجية ناجحة ، و انا شايف ان حبكم كان طاهر مش هايفرق معاه القرب ، صدقينى ، خلى حبك فى قلبك زى ما هو لو عاوزة تحتفظى بيه ، لكن جوازك عمره ما كان خيانة للعهد ، انتى انتظرتى كتير و كفاية اوى كده ، اعملى معروف اسمعى كلامى ..
راحت تقعد مع هبه صديقتهم اللى كانت دايما شاهده على مقابلاتهم و جواباتهم ، و بعد البكا المتبادل بين الاتنين ، فضلت هبه تقول لها نفس الكلام اللى قاله ابو هشام و اتخذت نفس الموقف بتاع اهلها .. و قدمت لها نفس النصايح و قالت لها لو فضلتى كده تبقى بتحكمى على اهلك و نفسك بالتعاسة مدى الحياة ، و حتى والد هشام هايزيد حزنه طول ما هو بيشوفك و تفكّريه باللى هو فيه .. انتى بنتظرى سراب محدش عارف مداه ..
و يوم ورا يوم و الالحاح بيزيد من كل الناس حوالين دعاء ، و فى النهاية سكتت على اتفاقاتهم و قلبها بيتقطع مع كل يوم بيقرب فيه موعد الزفاف ، و فى اليوم الموعود و هى فى قلب القاعة ، لقيت والد هشام داخل و معاه صحبة ورد و الابتسامة المصطنعة على وشه ، رغم انها ما عرفتهوش المعاد ، و لقيته بيقدملها الورد و هو بيقول لها : الف مبروك يا بنتى ، خدت منه الورد و بدون شعور ارتمت فى حضنه و هى بتبكى و هو ما قدرش يستحمل بكاها ،بكى معاها فى وسط دهشة من كل الموجودين ، لكنه خرجها من بكاها و من دموعها لما سحب الميكروفون و غنى لها مع الفرقة الموسيقية ..
و انتقلت دعاء لبيتها الجديد فى الدقى ، و مرت عليها ليالى كانت أتعس لياليها ، و هى بتحاول تهرب من النوم معاه ، لكنه بدأ يقلق منها ، و يحايلها بهدوء و بهزار و يفهمها من بعيد لبعيد ان ده اول حقوقه عليها و الا هاتكون مقصرة ، لحد ما استسلمت للمرة التانية انها تكون زوجة بجد و هى بتتهم نفسها بخيانة العهد و انها خلاص مابقتش تستحق اى كلمة حب قالها هشام ليها فى يوم من الايام ، كانت بتستسلم و الدموع فى عنيها ، لكن و هى فى حضن جوزها كانت بتديله حقوقه و بس ، كانت دايما بدون إحساس ..
و كانت دايما تقلل من لقاءاتها بيه بحجة التعب مرة و بحجة النوم مرة ، و بحجة المرض مرة تالتة ، لكنه كان إنسان لطيف و طيب معاها ماكانش بيتاقل عليها .. و فى اول خروجة ليها لوحدها عدت على والد هشام تزوره و تسلم عليه ، قابلها بكل ترحيب و اتغدى معاها ، كان دايما بيحاول يخفى سيرة هشام من الحوار ، و كل ما تحاول تسأله عنه ، يغير الحوار و يسألها هى عن حياتها الجديدة و يطمنها انها هاتكون احسن زوجة و اجمل ام فى الدنيا ..
و بعد سنة كانت دعاء أصبحت أم بالفعل ، و بدأت بنتها ( سهر ) فعلا تملا عليها حياتها ، و تحس معاها بمشاعر حب من نوع جديد ، ابتسامتها ، بكاها ، لعبها ، كل ده خلاها تحس شوية ان الدنيا بتعوضها بحب جديد ، لكنها من وقت للتانى تفتكر هشام و ايامه و كلامه و تبكى من قلبها على كل يوم بيعدى و هى لا تزال مش عارفه ايه اللى حصل له ..
فاتت خمس سنين كاملة على سفر هشام ، اربع سنين منهم من غير اى رسالة و لا خبر عنه ، و دعاء عايشة حياتها لبيتها و بنتها على اد ما تقدر ، و من وقت للتانى تزور والد هشام و معاها بنتها و تقعد معاه طول النهار و كانها فى بيت والدها ، و هو كان بيحاول يقدم لهم كل اللى يقدر عليه ..
دايما الحياة بتستمر ، حتى لو فيها مرارة بتستمر ، لو فيها حاجات كتير ناقصة لكنها لا يمكن تقف ، و الدنيا ماشية بنفس السرعة سواء ضحكنا او بكينا .. عمر و مكتوب لكل واحد يعيشه بطريقته ، فيها الحزن و فيها الافراح ، عيشها زى ما تشوفها ، و لو ركزت فى احزانك حياتك هاتفضل ماشية و انت اللى هاتقف ، و لو ركزت شوية فى الجوانب المضيئة ، حياتك برضه هاتفضل ماشية و انت كمان هاتفضل ماشى معاها .. هى دى كانت فلسفة والد هشام اللى علمها لابنه ، و اللى بيعلمها النهارده لدعاء و هو بيوصيها تحب الحياة زى ما هى ، و تكمل فيها و هى قوية ، دلوقتى بقا ليها بنت لازم تستحمل عشانها اى متاعب .
الجزء الثالث
و تمر الأيام و تعدى بحلوها و بمرها ، و دلوقتى عدى على انقطاع اخبار هشام ما يزيد عن ست سنوات ، وصلنا لسنة 2005 و دعاء انخرطت فى حياة الأمومة بقالها فترة ، و زياراتها لوالد هشام قلت كتير عن الأول ، و حتى اتصالاتها بصديقتها هبة مابقيتش زى الأول ، و الحياة كده يوم قرب و تواصل و يوم بعد و جفاء ..
والد هشام اصبح على المعاش و عايش حياته بشكل يائس من الحياة .. قاعد و بيفكر هايموت امته و يحصل اللى راحوا ، و من كتر حزنه عيونه جفت من الدموع ، رن جرس الباب فى يوم فتح لقا قدامه انسان زى الشبح ، جسم عريض و جامد ، وش مليان و اسمر شنب و دقن و عيون مفتحة فى جراة و تحدى ، شعره مجعد و جسمه خشن زى الخيش .. كل اللى معاه شنطة يد صغيرة ..
بص عليه مرة و اتنين و اتأمل ملامح وشه زى اللى يكون بيشبه عليه ، ثوانى و هما ساكتين بيبصوا لبعض فجأة الدموع نزلت من عيون الأب ، صرخ بعلو صوته و هو بيحضنه و بيقول هشــــــام ، ابنى ، انا مش مصدق ، كنت دايما باكدب احساسى انى مش هاشوفك تانى ، صوت بكاه كان يجيب اول الشارع ، و دموعه كانت من كترها عاملة زى مطرة نازلة فى يوم صيف ..
بإيدين مرتخية و وش جامد من المشاعر حضن هشام والده و طبطب عليه بهدوء من غير ما ينطق ، دخلوا البيت و الأب مش عارف يسأل السؤال اللى حير عقله من سنين و لا يسيب هشام يحكى ، و بصوت خشن مليان زفير سأل هشام عن والدته ، و بدون تردد والده رد عليه بالحقيقة ، و انتظر دموع هشام تنزل أو أى رد فعل ، لكن مفيش غير نفس عميق و بهدوء قام على الحمام غسل وشه ..
رجع لوالده لقاه بيجهز غدا علشانه ، لكنه سابه و دخل على سريره ، و قفل الباب وراه بهدوووء و نام من سكات ، والده فضل بين فرحته و حيرته مش عارف يعمل ايه ، فى النهاية قال هو لازم يرتاح ، اكيد جاى تعبان من السفر ، بعدين نبقا نحكى و نتكلم ، الايام كتير جاية ..
قبل ما يدخل هشام فى النوم رجع بعقله لليوم اللى بسببه اخباره كانت مقطوعه ، راكب جنب زميله اللى بيسوق عربية التوزيع ، لقاه بينام و مش قادر ، تطوع يسوق مكانه ، و بدون خبرة و لا كفاءة كان سبب فى حادث سير مميت ، راح ضحيته 2 قتلى و 3 مصابين .. و اتحكم عليه بالسجن و الغرامة المالية مرت عليه ايام سجنه شريط عميق ، و افتكر صديق وحدته و سجنه ( ايهاب ) دخل لقاه هناك فى السجن و هو الوحيد اللى هون عليه سنين السجن .. بقعد ما افتكر راح فى نوم عميق اكتر من 14 ساعة ، و فى النهاية صحى مفزوع ، كان النهار لسة بيطلع ..
اتلفت حواليه و هو بيتأمل مكان نومته ، بص على سريره و جوه نفسه حوار طويل ، خلاص بقيت فى بيتى مرة تانية ، بعد العذاب ، السجن و الجلد ، و معاملة الخنازير ، ملعون ابو الغربة اللى ضيعت عمرى و شقايه ، ما كانش لازم اتغرب مهما كانت الأسباب ، و أعيش فى سجن و الاسم عايش و انا كنت باتمنى الموت ..
كان والده فى الصالة قاعد على كرسى لكنه كان بيغفل من وقت للتانى و مش هاين عليه يدخل ينام قبل هشام ما يصحى و يقعد معاه ، طلع هشام علبة السجاير و فضل يدخن لحد ما والده صحى على ريحة الدخان ، فتح باب الاوضة و دخل يشوف الدخان جاى منين ، و كانت مفاجأة لما لقا هشام بيدخن ، بص عليه بدون تعليق و سأله اجيب لك تاكل ؟
رد عليه هشام براسه ، خرج جاب له فطار ، يا دوب هما لقمتين و شرب الشاى و السجاير و والده بيتأمله ، قال له بصوت هادى الحلاق اللى على الناصية لسة موجود ؟ رد عليه والده و قال له اه موجود ..
كل ما كان والده يحاول يسأله اى سؤال ، كان ما بيردش عليه لحد ما والده زهق من كتر الأسئلة و قال له بس لو تقولى يا حبيبى مالك ؟ عاوز اطمن عليك يا ابنى ، ما تتعبش قلبى اكتر ما هو تعبان يا هشام ..
و كل اللى رد بيه هشام كانت بوسة على راس والده ، و قام على الحمام خد شاور و نزل على الحلاق ، قليل من اهل الحى عرفوه ، جسمه اتغير ، بقا فيه عضلات و خشونة غير الاول ، لهجته اتغيرت و حتى ملامحه بقت قاسية و شرسة من كتر المعاناة ، و ابتسامته اللى اتعودت الناس عليها اختفت ، ظبط شعره شوية ، و ساوى دقنه شوية لكنه سابها طويلة ، و رجع على البيت ..
سأل والده معاك فلوس ؟ والده من غير ما يجاوب بلسانه طلع له كل اللى فى جيبه ، بص عليهم هشام شذرا كده و غير هدومه و راح على باب البيت ، والده سأله رايح فين يا هشام ؟ قال له لو اتاخرت يومين تلاتة ما تقلقش ، و نزل من غير ما يقول رايح على فين .. اتجه هشام لميدان رمسيس و ركب القطر اللى رايح على الجنوب و وصل على العنوان و هناك دخل على بيت كبير ، و قابله إيهاب صديق السجن فى الغربة ..
إيهاب كان اكبر من هشام شوية لكنه كان مدرسة ، دخل السجن فى قضية محاولة ادخال ممنوعات للبلد اللى كانوا فيها ، عرّف هشام حاجات كتير فى السجن و كان سمير الوحده لحد ما خرج قبله بكام شهر و هشام قرر انه لو اتكتب له الخروج هايكون إيهاب هو المحطة اللى هاينطلق منها على عالم جديد يقضى فيه على هشام الطيب و هشام المسجون ..
إيهاب كان من عيلة كبيرة ما بيهمهاش اى حاجة ، بايعين ارواحهم و ايهاب كان دايما فى السجن مالهوش كبير ، كان دايما يطول لسانه و ايده احيانا ، و علشان كده كان بيتعاقب بالجلد كل فترة ، بعد صداقته مع هشام اصبح هشام بنفس المعاملة ، و اتعلم يطول ايده و لسانه ..
فى السجن كانوا هما الاتنين ايد واحده لحد ما اصبحوا كمان بعقل واحد ، و اكتسب هشام من إيهاب كل العصبية و الخشونة و القلب الميت ، ما بقاش يهمه ان كان هاينجلد او تزيد فترة حبسه بقدر ما يرد الاهانة بالف شكل ، و اتعلم الجمود و الجحود ، و نسى انه كان شاعر فى يوم و صاحب قلب رقيق ..و لما فصلوهم عن بعض فى السجن كانوا دايما يعملوا اى حيلة عشان يتقابلوا .. و قبل ما يخرج ايهاب و يترحل ادى عنوانه لهشام على وعد بانه اول ما يرجع يروح له ..
و طبعا طريق ايهاب و عيلته كان معروف ، تجارة فى حاجات كتيرة ممنوعة ، و حياة السكر و المخدرات ، و هشام كان عنده استجابة سريعة لكل ده .. ساب نفسه لنفسه و شيطانه .. و دخل معاهم فى اشغالهم و شق طريقه بنجاح مبهر ، و شهر ورا شهر رصيده بيزيد عند المعلمين و بيكسب خبرة و جدارة فى عالم الممنوعات ، و كل اللى اصبح بينه و بين والده يا دوب زيارة كل ما يكون بالصدفة فى الجيزة ، و ابوه اتعلم انه خلاص ما يسألهوش على حاجة لانه مش هيلاقى اى اجابة ..
و اتعلم هشام يشرب و يبلبع لحد ما ايهاب حس انه خلاص بقا توأمه فى كل حاجة ، قال له ليك عندى هدية عشان تبقا كملت مربع المنجهة ، و كانت هدية ايهاب لهشام هى ليلة حمرا مع ( نعناعة ) ، بعد الغدا قال له اطلع على فوق و ما تنامش ، هابعتلك حاجة حلوة ..
دخل هشام اوضته و بعد دقايق طلع له ايهاب و معاه نعناعة شايلة صينيه فى ايدها عليها كوكتيل محبش من الممنوعات ، لكنه بص على هشام و قال له انا جايبلك احلى مرة شوفتها فى حياتى ، نغشة و فرفوشة و دمها زى العسل و هاتكيفك ، اه باقولك ، خد من الحاجات دى خفيف خفيف مش عاوزك تقع قدامها ، بت يا نعناعه : انتى مش هتخرجى من الاوضة دى الا لما الاقيه هو اللى خارج الاول ، حتى لو قعد هنا لحد ما يخلص عليكى و اجيب له واحده تانية ، و طرقع ضحكة معلمين بصحيح ، و قفل الباب و نزل ..
و برفض لكل القيم و هجر لكل المعانى اللى اتعلمها هشام فى حياته ، دخل بكل شراسة و هجوم على نعناعه ، قطع لها هدومها و هى بتجرى منه فى الاوضه بدلع و دلال ، كانت ست بيضا مألوظة لكن بدون سمنة ، صدرها مليان بشكل رائع و لحمها طرى اوى ، و وسطها مسحوب من ضيق على واسع و طيازها مدورة بشكل يحير العقل ، و جسمها بيشع منه بياض باحمرار و شعرها و عيونها سود زى سواد الليل و السنين الضلمة اللى شافها هشام ، و برغم انها كانت اول تجارب هشام لكن دروس ايهاب و حكاويه خلته عاش الليلة الحمرا بخياله اكتر من اى راجل عاشها بجد ..
مسكها من شعرها و سحبها بعنف على السرير و هى مش فاهمة ان كانت دى طبيعته و لا هو غاوى يعاقبها بعد ما خلته جرى وراها فى الاوضة .. رماها على الارض و نزل فوقها بكل غل و كمل تقطيع فى هدومها و هى خلاص بقت مستسلمة و مرعوبة تاخد اى فعل او تصرف ممكن بسببه تنضرب ..
اول ما ظهرت بزاز نعناعة نزل عليهم هشام و هو بيزوم و كأنه بياكلهم مش بيمصهم ، كانت بزازها بيضة زى الشمع و بتترجرج زى المهلبية ، و هو عمره ما شاف كده الا فى احلامه و بس و نزل على بطنها يبوسها ، حطت ايدها على شعره بحنان و هى بتقول له طب بالراحة بس مش كده ، و هو و لا هو هنا .. و نزل على تحت يبص و يتأمل فى كسها و شعرتها اللى كانت طويلة شوية كمل بوس و مصمصة و شد فى شعرتها بسنانه و نزل يبوس فى كسها و يلحس شفايفه و يدخل جوة كسها بلسانه ..
بدأت نعناعه بعد الخوف تنسجم و تتحرك زى فرسة جامحة و ترجع لطبيعتها فى الملاوعة و الزوغان ، مسكها هشام بقوة من ايديها الاتنين و كلها قلم على وشها ، لقاها سلمت و رفعت رجليها فورا ، و صاحبنا طلع زبره و رشقه فى كسها بدون اى خبرة راحت راقعة بالصوت ، و هو مش هامه اى حاجة الا انه يضرب فى اعماق كسها بعنف و افتراس ..
و حركة و التانية و انفجر زبره بشلالات المنى المحبوسة ، و بصت نعناعه فى عيونه و قالت له ، ايدك تقيلة اوى كده ليه يا ... هو انت اسمك ايه ؟
راح هشام من غير ما يرد عليها على الخمرة و شرب و دخل على البرشام و بلبع على اد ما قدر و قام لها تانى و هى بتشاور له بايديها اهدى ، اهدى بس كده و ماتستعجلش و سيبنى ادلعك شوية يا باشا .. عينيه احمرت و هو داخل عليها يكمل معركته مع النيك اللى اول مرة يجرب نفسه فيها ..
الجـــزء الـــرابع
دخل هشام عليها و هى مرعوبة منه ، بص لها و قال لها : بتعرفى ترقصى يا بت ؟ ضحكت اوى و قالت له دى شغلتى .. قالها طب ورينى ، فتحت الدولاب و طلعت بدلة رقص ، كان إيهاب مجهز لكل حاجة فى الاوضة لأنها كانت غرفة الفرفشة و النعنشة بتاعته ، و اشتغلت الأغانى و بدأت نعناعة تتهز و تتمايل و هشام قاعد يتفرج بصمت و تأمل فى جسمها اللولبى ..
قربت عليه ، خطفت بوسه من شفايفه ع السريع و كملت رقصها ، ادتله ضهرها و فضلت تهز طيازها و ترعشها قدام عينيه ، مد إيده و ضربها على طيزها ، التفتت له و هى بتضحك و بتهز فى بزازها اللى كان نصها باين ، مد إيده عاوز يخرجهم ، هربت منه ، بدا هو يستجيب لدلالها و دلعها ، عجبته طريقتها فى الملاوعة و اشعال نار الرغبة جواه ..
أخيرا قام هشام من مكانه و قرب عليها ، مدت إيدها و جابت عصاية من جنب الدولاب و ادتهاله ، بدأ يرقص معاها رقص بحرفنة ، عرض العصا بايده الاتنين دخلت جوه ايديه ، زنقها بالعصا و دخلها فى حضنه و خد بوسة من خدودها ، لفت إيدها على وسطه و فضلت تهز وسطها و تحك جسمها فى زبره اللى كان مكشوف لأنه كان من غير هدوم من ساعتها ..
لما لقيت زبره بيقوم و بيتمدد نزلت عليه و خدته بين شفايفها ، ما قدرش هشام يكمل راح قاعد على السرير ، نزلت بين رجليه و فضلت تمص و كل ما تحس انه مستمتع تزود فى حركاتها المستفزة لراس زوبره و تدغدغه بسنانها و تلف بيه فى جوه بوقها ، و استمرت فى حالة مصارعة بين شفايفها و زوبره و هو ماسك فى شعرها و لافه على ايده يبعدها شوية و يقربها شوية ..
زقها برجله على الأرض وقعت على ضهرها ، مد رجله عند شفايفها ، مسكت رجله بايدها و فضلت تبوس فيها و تلحس صوابع رجليه و تمصها زى ما كانت بتعمل مع زبره ، بدأ هشام برجله التانية يشدلها البدله من تحت لحد ما بين كسها ، و نزل يرد لها جمايلها .. لكن المرة دى كان حنين فى اللحس و مصمصة شفايف كسها ..
نادت عليه و قالت له خليك فوقى بالعكس ، قال لها ازاى ؟ فهمته وضع 69 نفذ كلامها و بقا لسانه فى كسها و زبره فى حلقها .. و نزل هشام فى الوضع ده دفعة حلوة ، طبعا نعناعة كانت دى شغلتها ، ما سابتش نقطة واحده تخرج من بقها ، اتعدل هشام و نزل جنبها ، بصت فى عنيه و اتقلبت على بطنها فضل يمشى بكف ايده على جسمها كأنه فنان بينحت تمثال ، توقفت ايده عند طيزها البيضة الطرية فضل يلاعبها و يهزها و نعناعه مفشوخة من الضحك ، و كل ما يهزها تهزهاله هى بزياده ..
ركب عليها و حط زبره بين طيازها ، هى اتخضت و قالت له لا بقولك ايه انا عمرى ما حد حطهولى هنا ، اوعا تكون عاوز تعملها .. لطشها كف على طيزها و قال لها اخرسى ، و فضل يلعب بزبره بين فخادها و فلقاتها لحد ما اتعدلت و رفعت رجليها ..
سحب رجليها على كتافه و رفع وسطها من على الارض و راح رازع زبره فى كسها و فضل يروح و يرجع فى كسها و هى بتنتفض و تصرخ و تقول له ارحمنى بقا هاتموتنى ، غيّر بقا ، سحبه من كسها و هى لفت و وطت و وسعت فخادها بايدها و هو ركز على ركبته و دخل زبره و فضل رايح جاى فى سرعة و تتابع و صراخها بقا اعلى من الاول ، فضلت تحبى على رجليها و ايديها و هو وراها زى ما يكون بيسوقها ، هى كانت قاصده تخرج زبره لكن هو ما اداهاش الفرصة و فضل ينيك فيها على كده لحد ما اصطدمت بالحيطة اللى قدامها و هو فضل دايس و هى مزنوقة فى الحيطة و بتنهج و صوت صراخها قلب على بكا ..
سابها و رقد على ضهره و قالها تعالى يا بت ، راحت راكبه فوقه و دخلت زبره فى كسها بايدها و فضلت رايحة جاية على مزاجها و براحتها لكنه ما استحملش و فضل يشيلها من تحت باطها و ينزل بيها بالسرعة اللى هو عاوزها لحد ما تعبت ، نزلت من فوقه و قامت وقفت ، قام هو كمان لانه كان فاكر انها هاترجع للهزار و الملاوعه ، لكنه اول ما وقف لقاها حضناه و بتلف رجليها على وسطه و بتمسك زبره و تدخله فى كسها و تطلع و تنزل ببطء زى ما تكون متكتفه لكنه كمل الجولة بنفسه و فضل ينطقها زى الكورة الجلد فوق زبره ، بصت فى عنيه و قالت له : بوسنى ، ما كدبش خبر و باسها لكن بعنف و غل و هى كانت عاجباها اوى طريقته العنيفة معاها ..
وقفها و ركنها للحيطة و رفع رجلها اليمين بايده و وركها المقلبظ و شكله و بياضه نشط زبره اكتر و خلاه يقف بشكل مضاعف راح مدخل زبره فى كسها و هى مش قادرة تقف على رجليها و مع الآهات بتاعتها و صوت زبره و هو بيدخل و يخرج بدأ هشام يعضها من كتافها و يشدها من شعرها و يدوس بكل زبره فى كسها لحد آخره و هنا نزل فى كسها بشكل محموم .. نزلت من بين ايديه ع الارض و هى بتنهج و بتبص فى عيونه و ابتسامتها على وشها و علامات الرضا باينة فى آهاتها ..
مدت له ايدها و هو واقف عشان يشدها يوقفها ، لما قامت دخلت فى حضنه و قالت له : ما تقولى بقا اسمك ايه ؟ قال لها : هشام ، قالت له انت وحْش يا معلم هشام ، بقالك اد ايه ما ركبتش واحده ست ؟ قال لها انتى اول واحدة يا نعناعه .. ضحكت و قالت له يعنى انا اللى شربت اول قطفة ..
خدها من ايدها و دخل بيها على السرير عشان يكمل الليلة الحمره ، و كل ده كانت الأغانى لسة شغالة ، و أثناء ما كان هشام بيستعد علشان يدخل زبره فى كسها و هى بتفتح رجليها علشان تستقبل زبره و عيونها بتناجيه و تترجاه يدخله ، فجأة اشتغلت أغنية ( يا هوى ، بلغ حبيبى عاملة ايه فيا الليالى ) ..
و بمجرد ما هشام سمع الأغنية ، نار جسمه انطفت ، و زبره بعد الوقفة نااام و بص لنعناعة و قال لها البسى هدومك و اخرجى ، عاوز اقعد لوحدى ، بصت نعناعه لهشام و هى مخضوضة ، قالت له : هو انا غلطت فى حاجة يا سى هشام ؟ طب انا هاخش اخد دش و ارجعلك ، قال لها باقولك اخرجى بره .. خافت من نظراته الغضبانة و فتحت الدولاب خدت هدوم و نزلت ..
بعد لحظات طلع له ايهاب ، لما دخل عليه لقاه بيمسح دموعه ، قال له انت بتعيط يا هشام ؟ و رحمة امى لاربيها بنت الشرموطة ، ما تزعلش هاجيبلك واحده غيرها ،ما هو انا ماعرفش زوقك فى النسوان ، دى بت خايبة اللى ماتعرفش تروقك دى ، خليك قاعد دقيقتين و هاجيبلك ملكة جمال لحد عندك ، بس ما تقلقش انك ماعرفتش تنيك اصل انا عارف انها اول مرة ..
رد عليه هشام بصوت مخنوق و قال له الحكاية مش كده يا ايهاب ، البت حلوة و انا و هى اتمتعنا مع بعض بس اصلى افتكرت حاجة تانية شغلتنى معلهش يا صاحبى سيبنى لوحدى شوية .. قعد ايهاب جنب هشام و قال له قولى يا صاحبى ايه اللى شغلك ؟ انا اخوك يا هشام ماتخبيش عنى ، لو هاتخبى على الدنيا كلها ماتخبيش عن اخوك ..
لكن هشام ما ردش ، و كانت الذكريات بتكتسح جوانب قلبه و عقله ، كان عارف ان دعاء او اى واحده تانية لا يمكن تستنا امل كداب فى رجوع انسان انقطع الاتصال بيه من سنين ، و حتى مجرد فكرة انه كان مسجون فى بلد غريبة سهل تمنع اى اسرة انها تخليه يرتبط ببنتها خصوصا لو كانت اسرة زى اسرة دعاء .. قعد هشام مع ذكريات الاغنية اللى كان بيسمعها زمااااان لما كان قلبه بيحب ..
مرت قدام عنيه ذكرياته الحلوة مع دعاء ، حس بتعب و لبس هدومه و قال لايهاب انه رايح الجيزة يومين و راجع .. و برغم اندهاش ايهاب لكنه ما قدرش يمنعه ، و صمم انه يوصله بنفسه لحد باب البيت ، و فى العربية نام هشام و اول حاجة شافها لما نام ، كانت صورة والدته و هى مكشرة و زعلانه .. أيام السجن كان بيشوفها مبتسمة و بتطبطب عليه و تطمنه ، لكن المرة دى الحزن باين عليها و الغضب بيملا ملامحها..
صحى من النوم و هو بيجهش بالبكاء ، و طلب من ايهاب انه يروح بيه على المقابر بدال ما يروح على البيت ، و من غير كلام مع ايهاب نزل من العربية فورا و راح على مقابر العيلة ، و قدام قبر والدته فضل يبكى و صوت نحيبه مالى المكان ، كان ايهاب فى سنين السجن الاولى متعود على دموعه ، لكنه علمه ازاى يقتل الدموع فى عينه ، و علمه الجحود و القلب الجامد ، لكن ما قدرش يسيطر عليه و لا يمنعه المرة دى ، بالعكس خده فى حضنه و فضل يبكى معاه ..
وصله ايهاب لحد باب البيت و هو حرارته عاليه و بيرتعش ، و دخل بيه البيت على والده ، اللى اتصدم اول ما شافه بالمنظر ده و كان هايقع من طوله .. و راح ايهاب على اقرب دكتور و جابه البيت، كشف عليه و كتب له بعض الادوية ، و هنا كان طوفان اسئلة من والد هشام لايهاب عن حالته لكن ايهاب قال له انه تقريبا كل حاجة مش نضيفة من الشارع لكن هايبقا كويس و انا هافضل معاه لحد ما يخف ..
و بعد شوية قعد والد هشام مع ايهاب يستفسر منه عن ابنه و عن احواله الملخبطة من اول ما رجع ، و باس ايد ايهاب انه يقول له هشام ماله ، و ايهاب مش عاوز يرد باى رد مقنع .. لحد ما والد هشام قال له انا من ساعة ما رجع و انا حاسس انه غريب عنى ، زى ما يكون حد تانى ما اعرفهوش ، لو كان رجع لى زى ما سافر كان قلبى هايبقا مفتوح له ، كنت هاقدر اسأله لأنى عارف انه هايرد عليا .. لو كنت شوفت هشام ابنى ما كنتش خليته يبعد عنى تانى لحظة واحده .. مين ده يا ابنى ايه اللى خلانا اغراب عن بعض ؟ ده كان بيشوفنى يرتمى فى حضنى ، عمره ما كبر فى عينى ، عمرى ما حسيت انى قلقان منه مش قلقان عليه زى لما شوفته راجع ، تصدق يا ايهاب يا ابنى انى اول ما شوفته خوفت منه .. انا اخاف من ابنى ؟ ايه السد اللى اتبنى بينى و بينه ده يا ايهاب .. قولى يا ابنى ، لو كان هشام غالى عندك تقولى فيه ايه ؟
الجــــــزء الخـــــامس ..
و قدام الحالة الصعبة اللى كانت على والد هشام ، ما قدرش إيهاب انه يخبى حاجة .. حكى اللى حصل لهشام من بداية سفره لحد ما رجع لوالده - مع اخفاء الجزء المتعلق بأعمال إيهاب المنحرفة - و مع كل موقف يستمر والد هشام بالبكا و ماقدرش يتخيل حجم العذاب اللى ابنه شافه ، دخل عليه اوضته جرى و فضل يحضنه و الدموع بتنزل من عيونهم هما الاتنين ..
حضن الاب ابنه و قال له : ايه يا هشام ؟ بتحرمنى من لحظة اكون فيها أب بجد ؟ ماكنتش عاوز تقولى عشان خايف عليا و لا علشان المرار اللى شوفته خلى الدنيا كلها بقت ضلمة فى عنيك ، حتى طاقة النور اللى فى قلبى و العصب اللى انت طول عمرك بتسند عليه ما شوفتوش ، ما افتكرتهوش ، كل حاجة شوفتها مضلمة ؟ ده انا ابوك يا هشام ..
رد هشام على والده و قال له بصوت رايح : طول عمرك كنت شايفنى الابن الصالح اللى عمره ما يغلط ، كنت مربينى على الصح و بس .. حتى لما علمتنى قررت انك تدخلنى حقوق علشان اعيش مع القانون كل ايامى ، و علشان اعيش على الصح باقى عمرى .. عاوزنى ارجع اقولك انا اتسجنت و راحت اجمل ايامى فى السجن ؟ كنت هاتشوفنى ازاى ساعتها ؟ كنت عاوزنى اخلص على اللى فاضل منك ، لا ، كان الموت عندى اهون من انك تعرف الحقيقة ..
رد عليه والده بدموعه و هو بيقول له : الحقيقة انا كان لازم هاعرفها ، و عمرى ما كنت هاشوفك غير هشام اللى انا مربيه ، انت ابنى ، بحلوك بمرك ابنى ، حتى لو كنت مجرم فعلا عمرى ما هاكون غير الاب يا هشام ، ابنى و حبيبى و عمرى اللى هايفضل بعد موتى .. تعالى يا واد هشام فى حضنى ..
نزل والد هشام على راسه يبوسها و يبوس ايده و يرجع يضمه لصدره و كانت كلمات هشام زى النار فى قلب والده و هو بيقوله : يااااااااااه يا بابا ، كنت محتاج لحضنك ، من يوم ما فارقتك و انا حسيت انى ماشى فى الدنيا من غير ضهر يحمينى و لا دليل يوجهنى ، انا من غيرك كنت باضيع يا بابا .. خليك جنبى ، محتاج لحبك و لحكمتك ، محتاج لقلبك يضمنى ، كل الدنيا قفلت بيبانها فى وشى .. و انت لوحدك كفاية .
رد عليه والده و هو بيقول له الدنيا كلها تحت رجليك يا ابنى ، و لو كل أهل الدنيا قفلوا ابوابهم فى وشك صدقنى باب السما دايما مفتوح ، سلم لحكم القدر و ارضى و ارفع عينيك للسما و ادعى .. من امته الدنيا كانت بتدينا اللى احنا عاوزينه .. اى عذاب شوفته يا ابنى كان اختبار ليك ، لعزيمتك ، لقوة إيمانك ، لضميرك .. و انا عمرى ما كان عندى شك ان ابنى يقدر .. هاتقدر يا هشام .. حياتك هاتبتدى من النهارده ، و انا جنبك بكل ما املك من عزم و صحة و عمرى اللى باقى حتى و لو ايام .. ارتاح دلوقتى يا هشام ، نام يا حبيبى ..
الأب ما قدرش يشوف ابنه قدام عنيه منهار و هو مش قادر يقوى قلبه ، و بعد تفكير ، مالقاش غير حاجة واحده ممكن تساهم فى محاولته انقاذ ابنه من همومه و من احزانه .. خرج الاب و عمل مكالمة ، و بعد لحظات وصلت ( دعاء ) ، دخلت البيت و هى مش فاهمه هو اتصل بيها ليه ، ما جابش سيرة هشام ، لكنه عرفها على ايهاب و قال لها اسمعيه يا بنتى ، يمكن يكون فى كلامه حاجة تهمك .. و دخل والد هشام يجيب لها حاجة تشربها و كان قاصد ان إيهاب يحكى لها بنفسه ..
و اول ايهاب ما نطق اسم هشام ، نزلت دموعها بدون سيطرة و اقتحمت كلامه بأسئلتها واحد بعد واحد و هو مش عارف يرد عليها .. قال لها اهدى يا مدام و انا هاحكى لك كل حاجة .. و حكى لها كل حاجة حتى مرضه لكن لما قال لها ان هشام اول ما رجع مصر كان بيتكم فى المنيل اول بيت يروح له ، و خبط ع الباب و هو مش ضامن النتيجة ، لكن لحسن حظه مالقاش حد فى البيت ، خرجت له واحده جارتكم و عرف منها انك اتجوزتى و خلفتى .. نزل من البيت و هو حزين ، مش علشان جوازك ، هو كان واثق انك و فى ظروفك مش ممكن هاتقدرى تقاومى ، لكن علشان حس انك ممكن تتهميه انه هو السبب فى فراقكم ، كان خايف تفهمى انه اتهرب منك او نسيكى ، كان نفسه يشرحلك حتى لو هايختفى من حياتك للابد ..
صوت بكاها اصبح اعلى و اعلى ، و هى بتقول : انا كنت متأكده من حبه ليا ، كنت عارفه انه لا يمكن يكون بمزاجه بعد عنى ، كنت عارفه انه لو عايش مش هاينسانى ، انا ماحبيتش غيره و مش هاحب غيره ابدا ، و قالت و هى بتصرخ : مش هاحب غيرك يا هشااااااام ، سامعنى يا هشاااام ..
خرج هشام و هو مش قادر ، و كانت اول كلماته ليها : ماتبكيش يا دعاااء ، دموعك اغلى منى ، اغلى من كل الدنيا ، ماتبكيش يا حبيبتى ، ماتبكيش ، سمعت كلامه و هى بتبص عليه و عيونها بتحضنه قبل ما تمد ايديها و تفتحهم و تروح عليه اول ما شافته ، ما اهتمتش لا بالمكان و لا بالموجودين و دخلت معاه فى حضن و دموعهم هما الاتنين نازلة طوفان ..
قعدته جنبها و هو بيمسح دموعها و بيبص فى عيونها و يقول لها : وحشتينى ، وحشتينى ، كان قلبى بيتقطع كل يوم فى بعدى عنك ، مش عشان مش شايفك لكن عشان حيرتك و قلقك اللى كنت حاسس بيهم .. وحشتينى ، لو بايدى كنت كسرت جدران السجن و جيت لك ماشى يا حبيبتى ..
ردت عليه دعاء و هى بتبتسم و تمسح دموعها و بتقول له : خلاص المهم انت قدامى ، رجعت لى ، وحشتنى ، عمرى ما هابعد عنك تانى ، عمرى ما هاقدر اسيبك تانى ، يااااه يا هشاااام ، حياتى من غيرك كانت ضلمة ، ليل طويل مالهوش نهار ، اهون عليك يا هشام من يوم ما رجعت و انا ما اعرفش .. هونت عليك تبقا فى مصر و ما تسألش انا فين ؟ فين باباك ؟ كان عارف مكانى ما قالش ليك عليه ليه ، ما قاليش انا ليه ؟
خرج والد هشام و قال لها ، ماكانش ينفع يا بنتى اخليكى تعرفى و انا شايفه على حالته اللى رجعلى بيها ، و لا كان ينفع اقولك عشان حياتك و بيتك ، و بنتك .. قاطعهم هشام و قال لها و هو بيبتسم و الدموع لسه فى عينه : عندك بنت يا دعاء ؟ سميتيها ايه ؟ قالت له : الاسم اللى اخترناه انا و انت سوا .. سهر يا هشام ، فاكر لما كنت تقولى احنا عمرنا اللى جاى مش هانعرف فيه نوم و احنا مع بعض ، هانقضيه كله سهر ، رديت و قلت لك حتى لو خلفنا بنت هانسميها سهر ، و لو كان ولد يبقا ساهر ؟ فاكر يا هشام ؟
ايهاب بص عليهم هما الاتنين و خد والد هشام و قال له تعالى يا عمى نجهزلهم غدا ، هشام محتاج يتغذى علشان الادوية .. تعالى يا عمى .. و دخلوا هما الاتنين و سابوا هشام و دعاء مع بعض .. و فتحوا كل ابواب الذكريات من اول ما عرفوا بعض لحد النهارده ..
الايد فى الايد و العين فى العين ، مفيش حواجز و لا مسافات ، صوتهم همسات ، كلامهم حنين ، لمساتهم رقيقة ، قلوبهم صافيه ، حكى لها كل تفصيلة مر بيها من اول ما سافر لحد يوم ما رجع مصر ، و هى سامعاه ، اوقات تبتسم و اوقات تبكى .. اوقات تمسك فى ايده جامد ، و اوقات تمشى بايدها على شعره و جبينه ..
استمرت الجلسة اكتر من 3 ساعات ، و اتغدوا كلهم سوا .. و نسيت دعاء اى حاجة فى الدنيا و اى حد الا هشام و حبها اللى عمره ما مات علشان يصحى ، هو كان عايش فى قلبها و احلامها طول مدة غيابه .. و قبل ما تمشى كان هشام خلاص فاق و بقا زى الحصان ..
رجع يحكى مع والده زى ما كان متعود ، و ابتسامته رجعت تنور وشه من جديد .. و بعد السهرة ، خرج هشام و ايهاب برة البيت يتمشوا ، كانت اول مرة هشام يرجع يحن للمنطقة و شوارعها .. بص ايهاب فى عينه و قال له تعرف يا صاحبى ، انا لو اعرف انى هايحصلى اللى حصل النهارده عندكم ما كنتش دخلت بيتكم ده ابدا ، ده انا حاسس انى رجعت عيل صغير تانى بسبب الدموع اللى نزلت من عنيه .. اسمع يا هشام ، انت تقفل صفحة السجن دى و حتى صفحة شغلك الاسود معايه .. من النهارده يا ابن الناس احنا اصحاب و بس ..
رد هشام عليه و هو بيضحك و قال له : بص بقا انت مهمتى الجديدة ، انا وراك لحد ما اخليك تتوب عن الطريق المهبب اللى انت ماشى فيه .. بص له ايهاب و قال له : شوفت ، اهه ده اللى انا كنت عامل حسابه ، انت ياعم مالكش دعوة بينا سيبنى انا و اهلى يا حضرة المحامى فى حالنا ..
رجع هشام للبيت و هو امله بيتجدد من جديد و كأنه لسه فى حبه لدعاء و امله انه يرتبط بيها ، ماكانش عاوز منها اكتر من كده ، انها تسمعه و تعرف ظروفه علشان ماتلومش نفسها على انتظاره و لو يوم واحد ، لكن دعاء كان ليها موقف تانى خااااالص ..
الجـــــــزء الســــــــادس ..
رجعت دعاء للبيت و هى واخده القرار النهائى .. الطلاق .. و مش هتحتار و لا تخاف تفاتح جوزها فى الموضوع ، كانت بتقول لنفسها : هشام سافر علشانى انا من البداية ، و لولا حرصه على انى اكون له ماكانش سافر و لا شاف العذاب اللى شافه ، و لا اتسجن فى غربته .. و لو كانت الدنيا ضيعت منه كل حاجة حلم بيها فمش ضرورى اكون انا كمان ضمن احلامه اللى ضاعت .. هاعيش عمرى معاه نكمل طريقنا اللى رسمناه سوا من زمان .. و نعيش حياتنا و ننسى كل اللى فات ..
عارفه انه هايبدا من جديد لو لقى اى امل فى تحقيق احلامه ، هشام كان حلم عمرى و لا يزال ، لا نسيته و لا نسينى ، و مش هاظلمه مرتين ، مرة بسفره علشانى و بهدلته ، و مرة بأنى اكون عايشة مع غيره .. حياتنا هانكملها زى ما خططنالها ، و هانعتبر السنين دى كابوس عشنا فيه ، صحيح كان عمره طويل ، لكنه انتهى ، و الخطوة الجاية بتاعتى انا ، و انا اللى هانفذها ..
انا اتجوزت علشان كنت فاقدة الامل ، و علشان ارضى اهلى اللى كانوا بيتمنوا يطمنوا عليا ، و خلاص عمرى ما هاستسلم لرغبة اى حد تانى على حساب نفسى ، و لا هاضحى بحياتى و سعادتى و بسعادة هشام علشان اى حد فى الدنيا .. و بنتى هاتفضل معايه حتى لو دفعت عمرى كله ، هاتتربى فى حضنى انا و هشام و انا عارفه حنية قلبه عليها ، هايكون احن من باباها ..
رجع جمال جوز دعاء من بره ، لقى دعاء منتظراه ، قالت له تعالى انا عاوزاك فى كلمتين ، راح و هو مش فاهم هى عاوزة ايه ، قالت له باختصار يا جمال ، انا عاوزة اطلق .. اتصدم جمال و مابقاش فاهم و لا مستوعب ، فضل يلف و يدور عليها ، عاوز يعرف ايه السبب فى كلامها .. و هى مش عاوزة تنطق بأى كلمة ، فجأة قال لها : انا عارف السبب ، لكن صدقينى انا ماغلطتش معاها غير عشان الحرمان من حاجات كتير لقيتها معاها هى و مالقيتهاش معاكى و ندمان من قلبى على غلطتى و عمرى ما هافكر تانى انى اغلط بس اقفى جنبى ..
دعاء اتصدمت بكلمات جمال لكنها فضلت ساكته و سايباه يجيب اللى عنده ، قال لها : اقعدى يا دعاء وافهمينى ، انا من يوم ما اتجوزتك و انتى بتعاملينى فى السرير كأنى باغتصبك ، عمرك ما قلتى لى كلمة حلوة تشجعنى ، كرهت النوم معاكى بسبب صمتك و جمودك ، عمرى ما سمعت منك كلمة حب واحده فى حياتنا ، و لقيتها هى بتحاول تقرب منى و بتفرض نفسها عليا ، ما قدرتش اقاوم ، خدتنى معاها فى الدوامة و نزلنا للحضيض سوا .. لكن صدقينى انا عمرى ما حبيتها بقلبى ، ( هبه ) كانت مجرد نزوة و باحاول اتخلص منها ، لكن زى ما يكون فيه حبل فى رقبتى بيشدنى ليها .. كل ما احاول انساها ، تصرفاتك انتى تقربنى منها ..
انتى اللى عرفتينا على بعض ، و قربتينا من بعض ، كانت دايما بتكلمنى عن حرمانها مع جوزها اللى بيعاملها كانها كرسى او شئ مالهوش لازمة ، كانت بتحسسنى انى انا الراجل الوحيد فى الكون ، دايما تتغزل فى ملامحى و تمدح فى اخلاقى و فى كرمى و شهامتى لو وقفت جنبها فى اى موقف .. و بعد ما وقعنا فى الغلط انا و هى بطلت تزورك و قررت تقلل علاقتها بيكى .. و انا كنت دايما حاسس انك ملاحظة ده لكنى كنت باكدب نفسى ..
قاطعته دعاء و هى بتسأله امته آخر مرة كنت عندها ؟ رد عليها و قال لها : من أسبوعين ، بس من يومها و انا واخد القرار بأنى ابعد عنها للأبد .. قالت له : تبعد عنها و تدور على غيرها مش كده ؟ صاحبتى يا جمال ؟ الانسانة الوحيدة اللى استامنتها على بيتى و حياتى من عمر العمر ؟ مالقيتش غيرها ؟ طلقنى يا جمال لو سمحت بدون شوشرة بدال ما ابعت اجيبها و اعمل لكم فضيحة رسمى .. ما تخلينيش ارتكب اى حماقة تضيعك و تضيع مستقبل بنتنا .. من فضلك لو عندك ذرة كرامة طلقنى ، انا عمرى ما حبيتك و لا عمرى كنت شايفاك الراجل المناسب .. من يوم الخطوبة و انا متحملاك فوق طاقتى ، و فى الآخر تطلع بتخدعنى ..
قاطعها جمال و هو بيقول لها : انا لو كان عندى ذنب واحد فانتى كلك ذنوب ، عمرك ما حبيتينى و كنتى عايشة معايه غصب عنك ، كل حاجة بتعمليها غصب عنك ، ابتسامتك غصب عنك ، نومى معاكى غصب عنك ، كلامك معايه غصب عنك ، و هبه كانت عارفه كل ده و قررت انها تكون عكسك فى كل شئ ، قربت منى علشان تعوضنى كل اللى اتحرمت منه معاكى و علشان اعوضها كل الحرمان اللى شافته حتى و هى عايشة مع جوزها من غير ما يراعى مشاعرها و لا احتياجاتها ..
ردت عليه دعاء و هى بتقول له خلاص يا جمال مابقاش فيه اى وقت لا للوم و لا العتاب .. انا هاخد بنتى و اروح عند ماما بس قبل ما امشى ، تطلقنى ، و إلا بكرة هتلاقى دعوى طلاق مرفوعة ضدك فى المحكمة و هاقول ساعتها قدام الناس كلها انا باطلب الطلاق ليه ، و ابقا خلى البيه جوز الهانم ياخد حقه منك و منها لما يعرف ..
جمال فضل لحظات بيتخيل حجم الفضيحة و طلب منها مهلة يرتبوا فيها للطلاق بهدوء علشان الشوشرة و القلق اللى هايسيطر على الموقف ، وافقت دعاء و اشترطت ان المهلة تبقا 3 ايام مفيش غيرهم ، و فورا اتصل بهبه يبلغها اللى حصل .. هبه بكل برود قالت له محدش احسن من حد ، المدام بتاعتك متجوزاك و هى بتحب واحد تانى و مستنياه لحد النهارده يا استاذ ، قبل ما تحاكم الناس كان لازم تحاكم نفسها و حكت له تفاصيل التفاصيل ، لكنها ماكانتش تعرف برجوع هشام ، و بعد المكالمة ما انتهت ، فورا دخل جمال على دولاب دعاء بهدوء و فتح العلبة اللى قالت له عليها هبه ، و قرا كل اللى فيها من جوابات هشام .. و قرر انه لازم ينتقم منها رغم انه عارف انه أجرم ، لكن الكبر اللى كان جوه قلبه عمى عنيه ..
تانى يوم لقا دعاء بتتكلم فى التليفون ، كان خايف انها تكون بتحكى لمامتها على الجرايم اللى هى عرفتها ، و الاتفاق على الطلاق و علشان كده فضل يتصنت عليها و فهم من المكالمة انها هاتقابل حد النهارده هو نفسه هشام اللى اسمه فى الجوابات ، شوية و هى خارجه سألها رايحه فين ، قالت له ماتسألش ، انا اعمل كل اللى انا عاوزاه ، سابها تخرج و خرج وراها يراقبها .. طلعت ببنتها سهر عند مامتها لكنه فضل منتظر يشوفها هاتنزل امته و هاتروح على فين ..
بعد دقايق لقاها نزلت من غير بنتها ، وصلت دعاء لبيت هشام ، و هناك احتار جمال و اتصل تانى بهبه يسألها عن المكان ده ، قالت له ان ده عنوان هشام و هى متعودة تزور باباه من يوم ما اختفى .. طلع قرب من شقة هشام و فضل يسمع بالراحة لحد ما فهم ان هشام فى البيت ، نزل سأل أهل المنطقة و اتأكد منهم ان هشام رجع ، و فورا جت له فكرة شيطانية و قرر فى نفسه يعمل مصيدة فى ساعتها ..
اتصل بالشرطة و بلغ عن دعاء و هشام انهم بيتقابلوا ، و ادالهم العنوان ، و بعد ما بلغ الشرطة نادى على واحد فى الشارع و قال له اطلع نادى على عمك ابو هشام فى شقة رقم كذا و قول له انزل كلم فيه واحد عاوزك على اول الشارع .. و لحظة ما نزل والد هشام خده جمال و فضل يرغى معاه فى اى كلام لحد الشرطة ما هاجمت الشقة و قبضت على دعاء و هشام .. و فى القسم وجه لهم تهمة الزنا ، و قال فى المحضر انها بتقابل هشام من يوم ما رجع فى الشقة دى و قدم لهم الجوابات اللى بينهم و قال انه هايرفع عليها دعوى الزنا ..
كانت دعاء مش قادرة تستوعب الموقف و لا قادرة تصدق اللى هى فيه ، لكن هشام فضل يقوى قلبها و يقول لها ، احنا أبرياء من التهمة القذرة اللى هو وجههالنا دى و لازم الحق يظهر ، انا اتسجنت مرة لكنى كنت استحق ، و مش هاتسجن ابدا فى حاجة ماعملتهاش و لا انتى هاتدوقى السجن ظلم حتى لو على رقبتى ..
بص هشام لوالده و قال له اتصل لى بايهاب و قول له ييجى يزورنى ضرورى .. و بالفعل نفذ الوالد و بعت لايهاب ، و اول ايهاب ما فهم اللى حصل ، مسك كتف ايهاب و قال له رقبتى فداك يا صاحبى ، مش هاتروح المحكمة من الاصل و لا هاتقف تانى قدام قاضى طول ما انا عايش .. و بكرة بالكتير هاتكون خارج من باب القسم مرفوع الراس انت و دعاء و لو ماحصلش يبقا الشنب ده على مرة ..
حاول هشام يفهم من ايهاب هايتصرف ازاى لكن ايهاب ما صرحش باى حاجة ، كل اللى عمله انه خد عنوان بيت جمال و عنوان شغله و رقم عربيته .. و خرج من القسم بخطة مكتملة الاركان فى عقله ، بعت جاب اربعة رجالة يبيعوا ارواحهم عشان ايهاب من البلد و كلفهم يرجعوا له بشوية حاجات طلبها منهم ، و بدأ فى تنفيذ الخطة فى نفس اليوم ..
عمل اجتماع مع الرجالة و فهمهم اللى هايعملوه و هما وعدوه انهم هاينفذوا الكلام بالحرف الواحد ، و كانت خطته محكمة و فى منتهى الدهاء ، كان بيعمل كده و هو بيتمنى نجاح الخطة علشان يبقا قدم اى شئ لهشام صاحبه و حبيبه ..و فى الموعد المحدد بدا التنفيذ ..
الجزء السابع .. و الأخير
و اتنفذت الخطة المحكمة ، و لبس جمال قضية كبيرة و تم القبض عليه بترتيب مع الشرطة ، و بعد القبض عليه هو و رجالة إيهاب ، راح له إيهاب و عرض عليه الاختيار بين استمراره فى قضيته ضد دعاء و هشام و بين استمرار قضيته هو اللى عقوبتها ممكن توصل للاعدام .. و أكيد كان الاختيار معروف ..
و سحب جمال دعوى الزنا اللى كان رافعها ، و فوقها اشترط عليه ايهاب عدم المطالبة بحضانة سهر ، مع حفظ حقه فى رؤيتها وقت ما يحب ، كان بيدور على اى مخرج له من القضية اللى كانت هاتقضى عليه ، رضخ لكل الشروط و هو بيتمنى ان الكابوس ينتهى ..
و طبعا كانت خساير ايهاب - المادية - كتيرة فى التلفيقة دى لكنه كان شايف ان هشام يستحق اكتر من كده و كان فى الوقت ده نعم الصديق ، حتى لو كان هو فى حياته مش ماشى مظبوط ، لكنه كان عارف معنى الصداقة ..
و بعد انتهاء القضايا تم الانفصال بين جمال و دعاء ، و تم اخلاء سبيل هشام و دعاء و الافراج الفورى عنهم و بمجرد خروجهم كانت اول زيارة ليهم مع بعض لقبر والدة هشام ، و هناك كان هشام بيحكى لوالدته كل اللى مر عليه رغم انه عارف انها كانت دايما معاه بقلبها و بروحها ..
و كانت السعادة مالية قلبهم و هما بيستعدوا للارتباط الأبدى و بيبنوا حياتهم خطوة بخطوة ، و زى ما كانت دعاء حاسة ، هشام كان دايما أب بجد لسهر ..
و بدات الحياة تاخد معاهم الشكل اللى كانوا راسمينه من سنين لقصتهم .. الحب يجمع ما بينهم ، و بايديهم يبنوا حياتهم من جديد ، و مع الأيام كبرت أحلامهم و طموحاتهم و ده قادهم للوصول لأعلى درجات التفوق فى الحياة على كل المستويات ..
و كان والد هشام دايما بيتابعهم و هو مبتسم و فى قمة السعادة رغم ان الجراح اللى اقتحمت قلبه كانت كتيرة لكن مع زوال الغمة ، رجع يبتسم و يضحك من قلبه و يمد ايده لهشام بكل اللى كان يملكه علشان يساعده و يقف جنبه ..
طوى هشام صفحات كتير فى حياته كانت الظروف واخداه ليها ، بدون رغبة داخلية منه ، لكنه كان متخبط مش عارف رجليه هاتوديه لفين ، و طوت دعاء صفحات ارتباطها الاول بزوج لجأ لحجة لتبرير خيانته و انحرافاته اللى خلته يروح لأول فرصة تيجى قدامه بدون تردد ..
و هما الاتنين طووا صفحات المرارة اللى كانت فى حياتهم فى بعدهم و فراقهم عن بعض ، لكنها كانت دايما حافز ليهم على التحمل و النضال فى حياتهم ، و مواجهة اى ازمة بصدر واسع و بابتسامة عريضة من قلوبهم ، و كانوا يقولوا فى نفسهم كل شئ فى الدنيا يهون ، و طالما الدنيا جمعتنا يبقى كل حاجة بعد كده سهلة نتخطاها ، احنا تعبنا كتير و شقينا فى حياتنا علشان نوصل ليوم نكون فيه مع بعض .. مفيش سعادة فى الدنيا بعد كده ..
و كانت قصتهم دايما نموذج لكل اللى حواليهم ، الكل كان بيتمنى يكون حبه فى قلبه بالشكل ده ، مهما مر بزلازل او زوابع ، ثابت و راسخ فى القلوب ، لا يعرف يقل ، و لا يعرف حتى يهتز ، كل يوم عن يوم بيزيد ، و مع كل موقف بيظهر فى عيونهم و فى كلامهم ..
و فى يوم ربيعى مليان بالنسمة وقف هشام و دعاء فى البلكونة يحيوا ذكرى اول يوم اعترفوا فيه لبعض بحبهم و العهد اللى قطعوه على نفسهم انهم يكونوا لبعض حتى لو كان فاضل يوم واحد فى عمرهم .. و الحب دايما بيقوى القلوب و بيحفظ نقاء النفوس و طهارتها ..
و الحب لو صادق عمره ما بينتهى مهما كانت الظروف او الاحداث ، و الوفاء بالعهد هو فقط من شيم و سمات المخلصين ، و لو كل عاشق اختار انه يوفى بوعده ، و يناضل من اجل الالتزام بعهوده ، لا يمكن هايستسلم لأى معوقات ، و لا يمكن هاينهزم قدام اى صراعات داخلية او خارجية ..
لو كل انسان بيحب استقر فى نفسه صدق عواطفه و اخلص فى مشاعره ، و حس جوه قلبه بالاستعداد للتضحية من اجل حبه وقت ما المواقف تتطلب التضحية ، مش بالكلام ، لكن بالفعل ، و جرب نفسه فى موقف او اتنين يراقب فيه ردود افعاله من اجل حبه ، وقتها هايعرف هو مع المخلصين و لا احساسه كان مجرد عاطفة لا تتخطى درجات الإعجاب حتى لو هو كان متوهم غير ذلك ..
و فى حياتنا دايما بنمر بدروس شئنا أم أبينا ، لازم كل يوم نتعلم درس جديد ، و السعيد هو اللى يفضل الدرس معلم فى قلبه و عقله ، و التعيس هو اللى يمر عليه الدرس و كأنه ما اتعلمش حاجة ، و ببساطة و بكل برود يدى له الطرشة بدون اى استفادة ..
افتح قلبك لحلمك ، هاتتفتح بيبان الكون لنفس الحلم ، علماء التنمية البشرية فى كلامهم عن الطاقة الايجابية قالوا ( لو كانت أمنيتك صادقة و حلمك راسخ فى قلبك ، روحك و جسمك بتصدر ذبذبات - أشبه بالبث - بتطوّع الأسباب ، و الكون يستجيب لرغباتك ، فقط لو تصدق حلمك ، و تجتهد بإرادة و عزيمة ) ..
كل الناس دايما بتسعى لبث روح معنوية فى نفوس اللى بيحبوهم ، لما يتزور مريض بتحاول ترفع معنوياته علشان يخف ، لما بتقابل حد أخفق فى الوصول لشئ بتاخد بإيده و تقوى عزيمته علشان ينهض من جديد ، رغم انك ما قدمتش الا الكلام ربما ، لكن بعثك للروح المعنوية العالية فى قلبه ، أكيد بيحول طاقاته السلبية لطاقات إيجابية تقويه فى مشواره ..
هشام و دعاء كان حبهم صادق و مخلص ، عمرهم ما فكروا الا فى القرب ، طول عمرهم هما الاتنين بيتمنوا يكملوا حياتهم مع بعض ، طبيعى ان صدق احساسهم يوصلهم ، طبيعى ان قلوبهم ما تنسجمش الا مع بعضها ، القلب اللى يحب و يحس بنبض القلب بيدعى و باخلاص انه ينول القرب من حبيبه حتى لو ليوم واحد ..
و الطباع النقية لازم تعود لأصلها مهما دارت بيها الدنيا ، و مهما اتمرغت فى الوحل ، لابد تانى من استرداد الوعى بعد الإغماءة ، و الاستفاقة بعد التوهة و التشتت .. و القلوب البيضا لا يمكن الدنيا تقدر عليها ، و لا نوائب الدهر تشوه بياضها و تسوده ..
و العمر مهما طال لا يمكن يطول إخفاء الاسرار ، و الطباع الخبيثة لا يمكن تفضل مستخبية ، لازم ييجى لها يوم و تنكشف .. و الحقيقة مهما انطمست ملامحها - بفعل فاعل - لازم هاتظهر ، فى يوم قريب او يوم بعيد لازم هاتظهر ، بص حواليك و شوف بنفسك كام مرة انتصرت المعانى السلبية و الشريرة على الخير فى النفوس ، و كام مرة كان الاخلاص سبيل الخلاص من كل سوء ..
سافر لنفسك و اعرف خباياها و فتش فيها علشان تعرف انت فى صف مين ، لو جواك الخير بطبيعتك ، نميه و كبره و راعيه ، و لو جواك الشر - نتيجة أى ظروف - حاربه و دمدم عليه كل ما يحاول يظهر و يخرج للناس .. مهما كنت شايف نفسك غلط ، أكيد جواك حاجات كتير صح ، دور عليها .. لو كنت صادق هاتحس بالرضا عن نفسك ، و لو حسيت انك غير جاد فى البحث و التحرى جوه نفسك ، دور على اماكن الخير و روح لها علشان تلاقى نفسك بتتولد من جديد ..
دنيتنا طالت او قصرت هى فى النهاية رحلة ، بحلاوتها و مرارتها رحلة ، هاتمر زى ما مرت على اللى قبلك و هاتمر على اللى بعدك ، خليها دايما حلوة بقدر ما يمكنك ، مش ضرورى تكون بتعمل الشر علشان تكون شرير ، مجرد رضاك عنه اشتراك فيه ، ارفض بقلبك و عيش فى الجانب اللى لازم يكون مضئ علشان رحلتك تكتمل بالاخلاص و تسيب دايما سيرة نقاءك دليل لغيرك ..
قصتنا كان فيها محاور كتيرة ، و مطبات و منحنيات مرت بكل أبطالها ، كوارث و حوادث و خيانات و انحرافات ، و سلبية و استسلام ، و روح انهزامية و كان فيها كمان معانى كتير إيجابية ، حب و صداقة مخلصة و حنان ، و أمان و ثقة و نقاء ..
و هى دنيتنا مليانة بالجانبين ، سلبى و ايجابى ..
و اللقاء التانى اللى كان عنوان القصة ، ماكانش فقط المقصود بيه لقاء تانى بين اتنين احباب - هشام و دعاء - لكنه كان اللقاء التانى مع معانى كتيرة كانت موجود و افتقدناها فى داخل الشخصيات ، دور ما بينهم هتلاقى اللى فقد معنى كبير و رجع تانى لمقابلته بعد الحنين ليه ، و بعد ما حس ان حياته من غيره مش هاتكون حياة .. و اللقاء التانى لازم يكون معاه الثبات على الموقف و عدم الاهتزاز ، و دايما احداث الدهر و أزماته بتكون موجّه ليك ناحية اللقاء التانى ، لو فهمت الغرض و الحكمة ورا كل كارثة او مصيبة بتحصل .. و لو فهمت هاتروح بنفسك و ده هايكون فعلا اللقاء الثانى .
* يلا بقا يا هشام هانتأخر كده ..
** عشان خاطرى يا حبيبتى خلينا قاعدين شوية كمان
* طب هاقول لهم ايه فى البيت ؟
** قولى لهم اتاخرتى شوية فى الجامعة عادى يعنى يا دعاء .. عارفة لما بنكون مع بعض ، باحس اد ايه الدنيا جميلة و حنينة على قلبى .. باتمنى انى افضل طول العمر قاعد معاكى ، قدام عيونك دى، سيبينى أتأملهم شوية كمان .. ياااااه ، أد إيه ملامحى أجمل و انا شايف نفسى جواهم .. أنا بحبك اوى يا دعاء ، يمكن العمر يعدى بينا و انا مش قادر اوصف لك اد ايه بحبك .
* و انا كمان يا هشام ، بعد ما بارجع البيت و افضل افتكر كلامك و اراجعه حرف حرف باحس انى واصلة لأعلى نجمة فى السما ، و حياتى عندك يا هشام ما تخلى الزمن يقدر على حبنا فى يوم من الأيام ، انا عندى اموت و لا انى ابعد عنك يا حبيبى ..
** انا اللى تحرم عليا الدنيا لو تبعدى عنى يا روح قلبى ، انا من غير حبك مش هالاقى حاجة فى الدنيا اعيش عشانها .. خلينا مانفكرش فى الفراق و لا نجيب سيرته ، عمرى ما هاسمح لاى حاجة فى الدنيا تبعدنى عنك ، حتى لو انتى اللى حاولتى ، هاوصل لك حتى لو كنتى فى قصر حواليه الف حارس ، و هاجيبك من شعرك و اقولك : بتحبينى يا بت ؟
* و انا هارد عليك و اقولك لا مابحبكش
** و انا هاروح خابطك بقالب طوب فى دماغك و اشيلك و ارجع بيكى هنا تانى و اسالك : بتحبينى يا دعاء ؟
* بموت فيك يا هشام ، بحبك اوى فوووووق ما تتخيل ، ده انا اللى لو لقيتك بعدت عنى هاجيلك اخطفك .. يلا بقا عشان اروح ، انا مش هاين عليا امشى .. بس اعمل ايه ؟ و بعدين هو بكرة بعيد ؟ ده فاضل عليه يادوب 16 ساعة بس ..
** لا ، 16 ساعة و 22 دقيقة و 40 ثانية .. اهه بصى فى ساعتك .
* خلاص بقا يا هشام قوم احسن يبقوا اكتر من كده لو خدت علقة من ماما ..
** لا و على ايه ؟ يلا بينا نلحق الاتوبيس ..
-------------------------------------------------
هشام و دعاء ، نفس الجامعة ، نفس الكلية ، نفس الفرقة ، و نفس العمر ، بينهم شهور بسيطة .. الحب عرف طريق قلوبهم من ثانوى ، قصتهم اتكتب لها البقاء لحد ما وصلوا للسنة النهائية فى كلية الحقوق سنة 1998.. كانت الدنيا فى عيونهم كبيرة اوى مليانه احلام حلوة ، و آمال مضيئة ، دايما كانوا شايفين حكايتهم اغلى حكاية حب عاشها قلبين .. كان يومهم بيبتدى بالاشتياق ، و ينتهى بالأمل فى لقاء جديد يجمع بينهم ..
كان الحب اللى بيملا قلوبهم حب صافى عمره ما عرف حتى لمسة الايد الا علشان يسلموا .. عهد و كان واخده هشام على نفسه بينه و بين قلبه ، عمره ما هايلمسها الا فى بيته لما تبقا شريكة حياته ..
هشام كان الابن الوحيد لأب موظف بسيط فى وزارة التموين ، و ام ست بيت ، كان حبهم ليه و حبهم لبعض يكفى انه يطلع انسان رومانسى ، حالم ، مشاعره رقيقة ، و اخلاقه عالية .. شهم و شجاع ، عمره ما عرف اى انحرافات سلوكية .. كانوا فى المنطقة عندهم فى الجيزة بيسموه هشام الطيب ..
دعاء كانت البنت الكبرى ، ليها 3 اخوات ذكور ، و ابوها كان مهندس بترول .. بيسافر كتير و يتنقل لبلاد كتير كل فترة ، و والدتها كانت دكتورة فى مستشفى خاص ..
و اخواتها كانوا فى مراحل تعليمية مختلفة .. و فى منطقتهم فى منيل الروضة كانت زينة البنات ، فى الرايحة و الجاية عيون الشباب تطل عليها و كل واحد بيحلم انها تبص عليه .. لكنها كان فى قلبها الحب الكبير اللى مخلى حياتها مليانة ..
طول النهار مع بعض هشام و دعاء ، و بالليل برضه مع بعض اما بتليفون ، او بالتفكير .. كان بيكلمها فى اوقات مختلفة عشان ما يلفتش نظر حد لموعد ثابت ، و غالبا كانت هى اللى بتتصل بيه لما تلاقى الظروف مناسبة ، و لو مامة هشام هى اللى ردت عليها كانت تسلم عليها و تفرح بمكالمتها و تنادى لهشام فورا علشان ياخد تليفونه و يدخل بيه اوضته و يفضل كلامهم مستمر لحد هى ما تقول له ان خلاص كفاية كده بقا عشان ماما ..
ينام هشام يحلم بدعاء ، و دعاء تصحى من النوم على صورة هشام .. وصل بيهم الحب و التفاهم و الانسجام لانهم بقوا تقريبا روح واحده بس فى جسدين ، تسكت يبقا عارف هى بتفكر فى ايه ، يسكت تبقا فاهمة هو ساكت ليه .. يحلم تفسرله حلمه ، تحلم هى يحكى لها تفاصيل حلمها ..
كان هشام بيخطط انه بعد الكلية يشتغل فى وظيفة عاليه او يسافر لاى بلد و لو حتى سنة علشان يرجع و هو قادر انه يعمل اللازم لخطوبته و جوازه من دعاء .. افكاره و هو فى السنة النهائية كانت دايما بترمى للحظة ما يتقدم لها .. و كان بيفكر و بيدور على اى باب برغم انه لسه ما خلصش دراسته ، لكنه كان خايف جدا ان الوقت يسرقه بعد ما يتخرج ، و هو عارف ان الناس كلها واقفين على باب دعاء و هى قافلاه بحجة دراستها .. و طبعا بعد الدراسة مش هايكون فيه اى حجة ..
دعاء لما لقيته فى دوامة الافكار دى قدمت له الحل اللى مكانش يتخيله ابدا .. اقترحت عليه انها تسقط و تعيد السنة و هو يستعد براحته على ما هى تخلص ، و لو سنة مش كفاية هاتسقط كمان سنة ..
و برغم فرحة قلبه بكلامها ده إلا انه رفض و بشدة انها تعمل كده .. و قال لها لا ، احنا طول عمرنا سوا ، و هانتخرج برضه سوا .. ما سمعتش كلامه و خططت لانها تعيد السنة بالفعل لحد هو ما يشق طريقه و يدور على اى باب يساعد معاه ..
و لما ظهرت النتيجة ، كان رد فعله معاها قاسى جدا ، فضل يلومها و يأنبها على اللى هى عملته ، و يقول لها انه ما فرحش بنتيجته هو و بنجاحه و حاسس بمرارة بسبب سقوطها ده .. ضحكت دعاء و قالت له فداك عمرى كله مش بس سنة واحدة يا هشام ..
و لو السنة الجاية كمان ماكنتش جاهز صدقنى هاعيدها و هافضل اعيد لحد ما الاقيك جاى تخبط على بابى ، و تلبسنى الدبلة و تقولى مبروك يا حبيبتى ، اخيرا اتحقق حلمنا ..
و مع الخيال نسى هشام زعله على النتيجة و ابتسم من قلبه و قال لها صدقينى يا دعاء ، فى يوم من الايام هاعوضك عن تضحيتك دى ، و لو دفعت عمرى كله تمنها ..
ضحكت دعاء و قالت له سلامتك يا حبيبى و سلامة عمرك بكل ايامه .. هو انا اصلا عايشة عشان مين ؟ علشانك انت ، و لحد ما نبقا لبعض هافضل استنا اليوم ده ، و بعدين هو انت ما فكرتش يا استاذ هانتقابل ازاى لو انا كنت اتخرجت زيك ؟ كنت هاعرف اخرج من البيت كل يوم علشان اشوفك زى ما بنتقابل دلوقتى ؟
رد هشام و قال لها طب افرضى انى سافرت بقا ؟ قالت له حتى لو سافرت و روحت اخر الدنيا برضه هنتقابل انا و انت كل ليلة فى احلامنا .. و دايما هايكون بيننا معاد حتى لو ما رتبناهوش ..
و ابتدى هشام يدور على اول خطوة فى رحلته ناحية يوم الخطوبة ، و يفكر و يدور هنا و هناك على اى وظيفة تخليه يبنى نفسه .. و جات له الفرصة انه يسافر ، ما اترددش .. فورا سافر على بلد عربى و اشتغل هناك مندوب توزيع فى شركة كبيرة للمواد الغذائية ..
كان بيشتغل بدال الوردية اتنين علشان يسابق الزمن ، و كان ماعندهوش اى وقت فى يومه الا للنوم و بس بعد ما يرجع من شغله و هو مفيش مكان فى جسمه مش بيوجعه من التعب طول اليوم .. و كل ما يكون قدامه اى فرصة يبعت لدعاء جواب على بيت صاحبتها ( هبه ) زى ما اتفقوا و هى توصلهولها ..
كانت دعاء بتحضن جوابات هشام قبل ما تقراها ، و تفضل تقرا الجواب عشر مرات قبل ما تشيله فى وسط الكتب بتاعتها .. و تكتب له الرد و تبعته و هى بتجدد وعدها ليه بأنها مستنياه و كلها شوق و لهفة للحظة رجوعه .. و حياتها كلها ليه هو ..
كان هشام يقرا جوابات دعاء و هو فرحان و دموعه بتنزل من الحنين ليها و لمقابلتها .. و هى كانت فى كل جواب تبعت له صورة من صورها .. و هو كمان كان بيعمل نفس الشئ علشان يحسوا انهم لسه عايشين القرب مهما كان بينهم بلاد و بلاد ..
الحب عايش فى قلوبهم ، و الاخلاص و التفانى و التضحية هما المواثيق اللى بينهم .. كان الأمل فى ان الدنيا تفضل كده ، و القدر يكون رحيم بيهم و يحافظ على وجودهم داخل جنات الحب و بساتينه .
الجـــزء التانى
ما بين لهفة و حنين و اشتياق ، فاتت سنة كاملة على غربة هشام ، و اتخرجت دعاء ، و فضلت تماطل فى اى مشروع خطوبة و تطلع عيوب فى اى حد حاول يتقدم لها .. هو هناك بيشقى و بيتعب ماكانش عاوز يرجع الا و هو قادر .. كانت الامانة عنوانه ، الكل هناك كانوا بيحبوه و بيستأمنوه على أى شئ.. كانت المراسلات بينه و بين دعاء مستمرة .. عمره ما عدى اسبوع من غير جواب ليها يطمنها على احواله و يقوى قلبها على تحمل البعد اللى عمرهم ما اتعودوا عليه ..
كان قال لها فى آخر مكالمة ، انه راجع بعد ست شهور بالتحديد .. و هايرجع يتقدم لها و يبدأ معاها حياة جديدة فى وطنه بأى شكل ، طمنها انه بقا معاه فلوس يقدر ياخد شقة ، و يقضى التمرين فى مكتب محامى كبير لحد ما يقدر يفتح مكتب لنفسه ، و هى معاه .. قالت له انها هى كمان كانت بتستعد لليوم ده و معاها مبلغ كويس هاتساعده بيه ..
فجاة توقفت مراسلاته ، و انقطعت الأخبار مرة واحدة .. كانت مستمرة فى جواباتها ليه واحد ورا واحد ، و مفيش اى رد ، و اصبحت الايام مرة جدا على دعاء ، مش قادرة تتحمل فراقه و كمان مفيش اخبار عنه ، قلقت ، اتوترت ، انهارت من البكا كل ليلة على مدى شهور كاملة ، قرب المعاد اللى قال انه راجع فيه .. لكنه ما رجعش ..
و فى نهاية المطاف ما قدرتش تستحمل اكتر من كده ، راحت بيته .. لقيت حال والده و والدته ما يفرقش عن حالها ، ما بين البكا و القلق اللى وصل لحد الرعب على هشام .. لكن ما باليد حيلة .. مابقتش عارفة تروح فين و لا تسأل مين ، ياترى ايه مصير كل جواباتها ؟ و فات كمان ست شهور و هى بتماطل فى أهلها و رافضة اى مشروع جواز .. منتظرة الغايب اللى محدش عارف عنه اى خبر ..
و تحول انتظار رسالة من هشام لانتظار خبر عنه ، و تحول انتظار اى خبر ، لانتظار خبر وحيد و هو وفاته ، كانت لما بييجى فى خيالها انه ممكن يكون مات ، تحس ان قلبها بينخلع من مكانه ، و تفضل تبكى و تبكى لحد ما ياخدها البكا لأبعد ركن فى اوضتها و تقعد فيه و تلم رجليها فى حضن ايديها و هى مرعوبة انه يكون ده اللى حصل فعلا ..
و أصبحت السلوى الوحيدة لدعاء فى بُعد هشام هى زيارة والدته و والده فى بيتهم و مشاركتهم البكا و النحيب ، مش عارفه تصبرهم و لا تصبر نفسها .. و فى يوم راحت تزورهم كالعادة ما لقيتهومش فى البيت ، و لما سألت عليهم قالولها انهم فى المستشفى ، والدته من كتر البكا جاتلها حالة اغماء ، و لما راحتلها المستشفى لقيتها اتوفت .. اصبحت الأحزان متضاعفة فى قلبها ..
كان والد هشام بيعزيها و هى بتعزيه و اصبح والد هشام فى حزنه على ابنه و زوجته و بقا عايش ينتظر الموت .. بص لدعاء و الدموع فى عيونه و قال لها خلاص يا دعاء مابقاش ليا حد فى الدنيا غيرك يا بنتى ، بكت و هى بتقوله ماتقولش كده ، هشام ضرورى يكون بخير و هايرجعلنا بالسلامة .. ما تفقدش الامل يا عمى ..
و فاتت كمان سنة ، و دعاء لسه باقية على العهد ، كانت بتتحجج بالدراسات العليا علشان تبعد نظر اهلها عن انتظارها للغايب اللى مش عارفه هو فين و لا حصل له ايه .. فات على غيابه عنها 3 سنين كاملة ، سنة كانوا متواصلين مع بعض ، و سنتين مفيش لا حس و لا خبر ..
زادت رغبة والد دعاء و والدتها فى انهم يشوفوها عروسة ، و أصروا انهم يجوزوها لانها وصلت 25 سنة و ده سن كبير فى نظرهم ، و مفيش داعى انها تفضل كده لحد دلوقتى .. و المرة دى كان العريس اللى متقدم لها بيشتغل فى وظيفة محدش يحلم بيها و ما يترفضش ، بكت دعاء ، غضبت ، عملت كل اللى تقدر تعمله بنت فى ظروفها مع اهلها ، راحت لوالد هشام فى البيت و هى بتبكى و مش قادرة تستحمل ..
و باحساس الاب فهم على طول ايه اللى بيحصل .. قام باس راسها و قال لها علشان خاطرى انا ، اسمعى كلام اهلك ، ابنى انا اعتبرته مش راجع ، و انا جربت الحزن مرتين مرة عليه و مرة على والدته ، خلاص الحزن انا اتعودت عليه و مافاضلش فى عمرى كتير ، لكن انتى لازم تبدئى حياتك من جديد يا بنتى ، انا و انتى محتاجين نخرج من اللى احنا فيه ، و لو كان عليا انا فانا كمان باضم صوتى لصوت والدك و والدتك ، و الجواز قسمة و نصيب يا بنتى .. محدش يملك فى قدره شئ ..
لو كنتم مكتوبين لبعض ماكانش فيه حاجة قدرت تفرق بينكم .. اسمعى كلامهم يا حبيبتى ، فرحيهم و فرحينى انا كمان بدعوتى لفرحك علشان افرح معاكم .. اوعى تكملى عمرك وحيدة ، انتى شايفة الوحدة عاملة فيا ايه يا دعاء .. انا باموت كل يوم الف مرة .. اتجوزى و ابدئى حياتك ، اعملى اسرة و خلفى اولاد و بنات ، حياتك هاتتملى بيهم و تخرجى شوية من همومك ..
كانت دعاء بتسمعه و هى فى غيبوبة عن الواقع و مش قادرة تقول له يسكت و ما يكملش ، و لا قادرة تسمعه و هو بيكمل كلامه .. فى النهاية قام و خدها فى حضنه و قال لها : لو كان عندى بنت فى نفس ظروفك ، كنت هاقول لها نفس اللى انا باقولهولك دلوقتى ، لو ما سمعتيش كلامى و نفذتيه يا دعاء تبقى بتدوسى على آخر أمنية ليا بعد أمنيتى انى اشوف ابنى هشام قبل ما اموت ..
ردت عليه و دموعها مغرقة عيونها و قالت له : هشام هايرجع يا عمى ، انا عارفه انه هايرجع و ساعتها هاقوله ايه و هاقابله ازاى و انا خنت العهد اللى بينى و بينه ؟ عمرى ما تخيلت انى اكون لحد غيره ، عمرى ما فكرت حتى فى اللى حضرتك بتقوله ده ، بيت و اسرة .. من غير هشام ؟ أولاد و بنات .. و ابوهم مش هشام ؟ لا يا عمى مش هاقدر ، انا آسفة ده الطلب الوحيد اللى هارفضهولك ..
كان بيكلمها و هو لسه بيبكى و بيقول لها انا عارف انه لو حتى رجع رغم انه احتمال صعب ، عمره ما هايلومك و لا يعاتبك لو كنتى خايفه من كل ده ، و ولادك و بناتك دول لما تشوفيهم مش هايفرق معاكى مين يكون ابوهم ، اسألينى انا يا بنتى ، الحب فى القلب و الروح و عمره ما بيشترط جواز أبدا ، و ياما ناس كتير كانوا بيحبوا بعض و ما اتجوزوش ، يعنى هو قيس كان اتجوز ليلى ؟ ما انتى عارفه ، و ناس كتير كانوا بيحبوا بعض و لما اتجوزوا ما قدروش يكملوا و فشلوا فى حياتهم الزوجية ، حبكم لبعض مش شرط يكون نهايته الجواز و لا مقياس ابدا لحياة زوجية ناجحة ، و انا شايف ان حبكم كان طاهر مش هايفرق معاه القرب ، صدقينى ، خلى حبك فى قلبك زى ما هو لو عاوزة تحتفظى بيه ، لكن جوازك عمره ما كان خيانة للعهد ، انتى انتظرتى كتير و كفاية اوى كده ، اعملى معروف اسمعى كلامى ..
راحت تقعد مع هبه صديقتهم اللى كانت دايما شاهده على مقابلاتهم و جواباتهم ، و بعد البكا المتبادل بين الاتنين ، فضلت هبه تقول لها نفس الكلام اللى قاله ابو هشام و اتخذت نفس الموقف بتاع اهلها .. و قدمت لها نفس النصايح و قالت لها لو فضلتى كده تبقى بتحكمى على اهلك و نفسك بالتعاسة مدى الحياة ، و حتى والد هشام هايزيد حزنه طول ما هو بيشوفك و تفكّريه باللى هو فيه .. انتى بنتظرى سراب محدش عارف مداه ..
و يوم ورا يوم و الالحاح بيزيد من كل الناس حوالين دعاء ، و فى النهاية سكتت على اتفاقاتهم و قلبها بيتقطع مع كل يوم بيقرب فيه موعد الزفاف ، و فى اليوم الموعود و هى فى قلب القاعة ، لقيت والد هشام داخل و معاه صحبة ورد و الابتسامة المصطنعة على وشه ، رغم انها ما عرفتهوش المعاد ، و لقيته بيقدملها الورد و هو بيقول لها : الف مبروك يا بنتى ، خدت منه الورد و بدون شعور ارتمت فى حضنه و هى بتبكى و هو ما قدرش يستحمل بكاها ،بكى معاها فى وسط دهشة من كل الموجودين ، لكنه خرجها من بكاها و من دموعها لما سحب الميكروفون و غنى لها مع الفرقة الموسيقية ..
و انتقلت دعاء لبيتها الجديد فى الدقى ، و مرت عليها ليالى كانت أتعس لياليها ، و هى بتحاول تهرب من النوم معاه ، لكنه بدأ يقلق منها ، و يحايلها بهدوء و بهزار و يفهمها من بعيد لبعيد ان ده اول حقوقه عليها و الا هاتكون مقصرة ، لحد ما استسلمت للمرة التانية انها تكون زوجة بجد و هى بتتهم نفسها بخيانة العهد و انها خلاص مابقتش تستحق اى كلمة حب قالها هشام ليها فى يوم من الايام ، كانت بتستسلم و الدموع فى عنيها ، لكن و هى فى حضن جوزها كانت بتديله حقوقه و بس ، كانت دايما بدون إحساس ..
و كانت دايما تقلل من لقاءاتها بيه بحجة التعب مرة و بحجة النوم مرة ، و بحجة المرض مرة تالتة ، لكنه كان إنسان لطيف و طيب معاها ماكانش بيتاقل عليها .. و فى اول خروجة ليها لوحدها عدت على والد هشام تزوره و تسلم عليه ، قابلها بكل ترحيب و اتغدى معاها ، كان دايما بيحاول يخفى سيرة هشام من الحوار ، و كل ما تحاول تسأله عنه ، يغير الحوار و يسألها هى عن حياتها الجديدة و يطمنها انها هاتكون احسن زوجة و اجمل ام فى الدنيا ..
و بعد سنة كانت دعاء أصبحت أم بالفعل ، و بدأت بنتها ( سهر ) فعلا تملا عليها حياتها ، و تحس معاها بمشاعر حب من نوع جديد ، ابتسامتها ، بكاها ، لعبها ، كل ده خلاها تحس شوية ان الدنيا بتعوضها بحب جديد ، لكنها من وقت للتانى تفتكر هشام و ايامه و كلامه و تبكى من قلبها على كل يوم بيعدى و هى لا تزال مش عارفه ايه اللى حصل له ..
فاتت خمس سنين كاملة على سفر هشام ، اربع سنين منهم من غير اى رسالة و لا خبر عنه ، و دعاء عايشة حياتها لبيتها و بنتها على اد ما تقدر ، و من وقت للتانى تزور والد هشام و معاها بنتها و تقعد معاه طول النهار و كانها فى بيت والدها ، و هو كان بيحاول يقدم لهم كل اللى يقدر عليه ..
دايما الحياة بتستمر ، حتى لو فيها مرارة بتستمر ، لو فيها حاجات كتير ناقصة لكنها لا يمكن تقف ، و الدنيا ماشية بنفس السرعة سواء ضحكنا او بكينا .. عمر و مكتوب لكل واحد يعيشه بطريقته ، فيها الحزن و فيها الافراح ، عيشها زى ما تشوفها ، و لو ركزت فى احزانك حياتك هاتفضل ماشية و انت اللى هاتقف ، و لو ركزت شوية فى الجوانب المضيئة ، حياتك برضه هاتفضل ماشية و انت كمان هاتفضل ماشى معاها .. هى دى كانت فلسفة والد هشام اللى علمها لابنه ، و اللى بيعلمها النهارده لدعاء و هو بيوصيها تحب الحياة زى ما هى ، و تكمل فيها و هى قوية ، دلوقتى بقا ليها بنت لازم تستحمل عشانها اى متاعب .
الجزء الثالث
و تمر الأيام و تعدى بحلوها و بمرها ، و دلوقتى عدى على انقطاع اخبار هشام ما يزيد عن ست سنوات ، وصلنا لسنة 2005 و دعاء انخرطت فى حياة الأمومة بقالها فترة ، و زياراتها لوالد هشام قلت كتير عن الأول ، و حتى اتصالاتها بصديقتها هبة مابقيتش زى الأول ، و الحياة كده يوم قرب و تواصل و يوم بعد و جفاء ..
والد هشام اصبح على المعاش و عايش حياته بشكل يائس من الحياة .. قاعد و بيفكر هايموت امته و يحصل اللى راحوا ، و من كتر حزنه عيونه جفت من الدموع ، رن جرس الباب فى يوم فتح لقا قدامه انسان زى الشبح ، جسم عريض و جامد ، وش مليان و اسمر شنب و دقن و عيون مفتحة فى جراة و تحدى ، شعره مجعد و جسمه خشن زى الخيش .. كل اللى معاه شنطة يد صغيرة ..
بص عليه مرة و اتنين و اتأمل ملامح وشه زى اللى يكون بيشبه عليه ، ثوانى و هما ساكتين بيبصوا لبعض فجأة الدموع نزلت من عيون الأب ، صرخ بعلو صوته و هو بيحضنه و بيقول هشــــــام ، ابنى ، انا مش مصدق ، كنت دايما باكدب احساسى انى مش هاشوفك تانى ، صوت بكاه كان يجيب اول الشارع ، و دموعه كانت من كترها عاملة زى مطرة نازلة فى يوم صيف ..
بإيدين مرتخية و وش جامد من المشاعر حضن هشام والده و طبطب عليه بهدوء من غير ما ينطق ، دخلوا البيت و الأب مش عارف يسأل السؤال اللى حير عقله من سنين و لا يسيب هشام يحكى ، و بصوت خشن مليان زفير سأل هشام عن والدته ، و بدون تردد والده رد عليه بالحقيقة ، و انتظر دموع هشام تنزل أو أى رد فعل ، لكن مفيش غير نفس عميق و بهدوء قام على الحمام غسل وشه ..
رجع لوالده لقاه بيجهز غدا علشانه ، لكنه سابه و دخل على سريره ، و قفل الباب وراه بهدوووء و نام من سكات ، والده فضل بين فرحته و حيرته مش عارف يعمل ايه ، فى النهاية قال هو لازم يرتاح ، اكيد جاى تعبان من السفر ، بعدين نبقا نحكى و نتكلم ، الايام كتير جاية ..
قبل ما يدخل هشام فى النوم رجع بعقله لليوم اللى بسببه اخباره كانت مقطوعه ، راكب جنب زميله اللى بيسوق عربية التوزيع ، لقاه بينام و مش قادر ، تطوع يسوق مكانه ، و بدون خبرة و لا كفاءة كان سبب فى حادث سير مميت ، راح ضحيته 2 قتلى و 3 مصابين .. و اتحكم عليه بالسجن و الغرامة المالية مرت عليه ايام سجنه شريط عميق ، و افتكر صديق وحدته و سجنه ( ايهاب ) دخل لقاه هناك فى السجن و هو الوحيد اللى هون عليه سنين السجن .. بقعد ما افتكر راح فى نوم عميق اكتر من 14 ساعة ، و فى النهاية صحى مفزوع ، كان النهار لسة بيطلع ..
اتلفت حواليه و هو بيتأمل مكان نومته ، بص على سريره و جوه نفسه حوار طويل ، خلاص بقيت فى بيتى مرة تانية ، بعد العذاب ، السجن و الجلد ، و معاملة الخنازير ، ملعون ابو الغربة اللى ضيعت عمرى و شقايه ، ما كانش لازم اتغرب مهما كانت الأسباب ، و أعيش فى سجن و الاسم عايش و انا كنت باتمنى الموت ..
كان والده فى الصالة قاعد على كرسى لكنه كان بيغفل من وقت للتانى و مش هاين عليه يدخل ينام قبل هشام ما يصحى و يقعد معاه ، طلع هشام علبة السجاير و فضل يدخن لحد ما والده صحى على ريحة الدخان ، فتح باب الاوضة و دخل يشوف الدخان جاى منين ، و كانت مفاجأة لما لقا هشام بيدخن ، بص عليه بدون تعليق و سأله اجيب لك تاكل ؟
رد عليه هشام براسه ، خرج جاب له فطار ، يا دوب هما لقمتين و شرب الشاى و السجاير و والده بيتأمله ، قال له بصوت هادى الحلاق اللى على الناصية لسة موجود ؟ رد عليه والده و قال له اه موجود ..
كل ما كان والده يحاول يسأله اى سؤال ، كان ما بيردش عليه لحد ما والده زهق من كتر الأسئلة و قال له بس لو تقولى يا حبيبى مالك ؟ عاوز اطمن عليك يا ابنى ، ما تتعبش قلبى اكتر ما هو تعبان يا هشام ..
و كل اللى رد بيه هشام كانت بوسة على راس والده ، و قام على الحمام خد شاور و نزل على الحلاق ، قليل من اهل الحى عرفوه ، جسمه اتغير ، بقا فيه عضلات و خشونة غير الاول ، لهجته اتغيرت و حتى ملامحه بقت قاسية و شرسة من كتر المعاناة ، و ابتسامته اللى اتعودت الناس عليها اختفت ، ظبط شعره شوية ، و ساوى دقنه شوية لكنه سابها طويلة ، و رجع على البيت ..
سأل والده معاك فلوس ؟ والده من غير ما يجاوب بلسانه طلع له كل اللى فى جيبه ، بص عليهم هشام شذرا كده و غير هدومه و راح على باب البيت ، والده سأله رايح فين يا هشام ؟ قال له لو اتاخرت يومين تلاتة ما تقلقش ، و نزل من غير ما يقول رايح على فين .. اتجه هشام لميدان رمسيس و ركب القطر اللى رايح على الجنوب و وصل على العنوان و هناك دخل على بيت كبير ، و قابله إيهاب صديق السجن فى الغربة ..
إيهاب كان اكبر من هشام شوية لكنه كان مدرسة ، دخل السجن فى قضية محاولة ادخال ممنوعات للبلد اللى كانوا فيها ، عرّف هشام حاجات كتير فى السجن و كان سمير الوحده لحد ما خرج قبله بكام شهر و هشام قرر انه لو اتكتب له الخروج هايكون إيهاب هو المحطة اللى هاينطلق منها على عالم جديد يقضى فيه على هشام الطيب و هشام المسجون ..
إيهاب كان من عيلة كبيرة ما بيهمهاش اى حاجة ، بايعين ارواحهم و ايهاب كان دايما فى السجن مالهوش كبير ، كان دايما يطول لسانه و ايده احيانا ، و علشان كده كان بيتعاقب بالجلد كل فترة ، بعد صداقته مع هشام اصبح هشام بنفس المعاملة ، و اتعلم يطول ايده و لسانه ..
فى السجن كانوا هما الاتنين ايد واحده لحد ما اصبحوا كمان بعقل واحد ، و اكتسب هشام من إيهاب كل العصبية و الخشونة و القلب الميت ، ما بقاش يهمه ان كان هاينجلد او تزيد فترة حبسه بقدر ما يرد الاهانة بالف شكل ، و اتعلم الجمود و الجحود ، و نسى انه كان شاعر فى يوم و صاحب قلب رقيق ..و لما فصلوهم عن بعض فى السجن كانوا دايما يعملوا اى حيلة عشان يتقابلوا .. و قبل ما يخرج ايهاب و يترحل ادى عنوانه لهشام على وعد بانه اول ما يرجع يروح له ..
و طبعا طريق ايهاب و عيلته كان معروف ، تجارة فى حاجات كتيرة ممنوعة ، و حياة السكر و المخدرات ، و هشام كان عنده استجابة سريعة لكل ده .. ساب نفسه لنفسه و شيطانه .. و دخل معاهم فى اشغالهم و شق طريقه بنجاح مبهر ، و شهر ورا شهر رصيده بيزيد عند المعلمين و بيكسب خبرة و جدارة فى عالم الممنوعات ، و كل اللى اصبح بينه و بين والده يا دوب زيارة كل ما يكون بالصدفة فى الجيزة ، و ابوه اتعلم انه خلاص ما يسألهوش على حاجة لانه مش هيلاقى اى اجابة ..
و اتعلم هشام يشرب و يبلبع لحد ما ايهاب حس انه خلاص بقا توأمه فى كل حاجة ، قال له ليك عندى هدية عشان تبقا كملت مربع المنجهة ، و كانت هدية ايهاب لهشام هى ليلة حمرا مع ( نعناعة ) ، بعد الغدا قال له اطلع على فوق و ما تنامش ، هابعتلك حاجة حلوة ..
دخل هشام اوضته و بعد دقايق طلع له ايهاب و معاه نعناعة شايلة صينيه فى ايدها عليها كوكتيل محبش من الممنوعات ، لكنه بص على هشام و قال له انا جايبلك احلى مرة شوفتها فى حياتى ، نغشة و فرفوشة و دمها زى العسل و هاتكيفك ، اه باقولك ، خد من الحاجات دى خفيف خفيف مش عاوزك تقع قدامها ، بت يا نعناعه : انتى مش هتخرجى من الاوضة دى الا لما الاقيه هو اللى خارج الاول ، حتى لو قعد هنا لحد ما يخلص عليكى و اجيب له واحده تانية ، و طرقع ضحكة معلمين بصحيح ، و قفل الباب و نزل ..
و برفض لكل القيم و هجر لكل المعانى اللى اتعلمها هشام فى حياته ، دخل بكل شراسة و هجوم على نعناعه ، قطع لها هدومها و هى بتجرى منه فى الاوضه بدلع و دلال ، كانت ست بيضا مألوظة لكن بدون سمنة ، صدرها مليان بشكل رائع و لحمها طرى اوى ، و وسطها مسحوب من ضيق على واسع و طيازها مدورة بشكل يحير العقل ، و جسمها بيشع منه بياض باحمرار و شعرها و عيونها سود زى سواد الليل و السنين الضلمة اللى شافها هشام ، و برغم انها كانت اول تجارب هشام لكن دروس ايهاب و حكاويه خلته عاش الليلة الحمرا بخياله اكتر من اى راجل عاشها بجد ..
مسكها من شعرها و سحبها بعنف على السرير و هى مش فاهمة ان كانت دى طبيعته و لا هو غاوى يعاقبها بعد ما خلته جرى وراها فى الاوضة .. رماها على الارض و نزل فوقها بكل غل و كمل تقطيع فى هدومها و هى خلاص بقت مستسلمة و مرعوبة تاخد اى فعل او تصرف ممكن بسببه تنضرب ..
اول ما ظهرت بزاز نعناعة نزل عليهم هشام و هو بيزوم و كأنه بياكلهم مش بيمصهم ، كانت بزازها بيضة زى الشمع و بتترجرج زى المهلبية ، و هو عمره ما شاف كده الا فى احلامه و بس و نزل على بطنها يبوسها ، حطت ايدها على شعره بحنان و هى بتقول له طب بالراحة بس مش كده ، و هو و لا هو هنا .. و نزل على تحت يبص و يتأمل فى كسها و شعرتها اللى كانت طويلة شوية كمل بوس و مصمصة و شد فى شعرتها بسنانه و نزل يبوس فى كسها و يلحس شفايفه و يدخل جوة كسها بلسانه ..
بدأت نعناعه بعد الخوف تنسجم و تتحرك زى فرسة جامحة و ترجع لطبيعتها فى الملاوعة و الزوغان ، مسكها هشام بقوة من ايديها الاتنين و كلها قلم على وشها ، لقاها سلمت و رفعت رجليها فورا ، و صاحبنا طلع زبره و رشقه فى كسها بدون اى خبرة راحت راقعة بالصوت ، و هو مش هامه اى حاجة الا انه يضرب فى اعماق كسها بعنف و افتراس ..
و حركة و التانية و انفجر زبره بشلالات المنى المحبوسة ، و بصت نعناعه فى عيونه و قالت له ، ايدك تقيلة اوى كده ليه يا ... هو انت اسمك ايه ؟
راح هشام من غير ما يرد عليها على الخمرة و شرب و دخل على البرشام و بلبع على اد ما قدر و قام لها تانى و هى بتشاور له بايديها اهدى ، اهدى بس كده و ماتستعجلش و سيبنى ادلعك شوية يا باشا .. عينيه احمرت و هو داخل عليها يكمل معركته مع النيك اللى اول مرة يجرب نفسه فيها ..
الجـــزء الـــرابع
دخل هشام عليها و هى مرعوبة منه ، بص لها و قال لها : بتعرفى ترقصى يا بت ؟ ضحكت اوى و قالت له دى شغلتى .. قالها طب ورينى ، فتحت الدولاب و طلعت بدلة رقص ، كان إيهاب مجهز لكل حاجة فى الاوضة لأنها كانت غرفة الفرفشة و النعنشة بتاعته ، و اشتغلت الأغانى و بدأت نعناعة تتهز و تتمايل و هشام قاعد يتفرج بصمت و تأمل فى جسمها اللولبى ..
قربت عليه ، خطفت بوسه من شفايفه ع السريع و كملت رقصها ، ادتله ضهرها و فضلت تهز طيازها و ترعشها قدام عينيه ، مد إيده و ضربها على طيزها ، التفتت له و هى بتضحك و بتهز فى بزازها اللى كان نصها باين ، مد إيده عاوز يخرجهم ، هربت منه ، بدا هو يستجيب لدلالها و دلعها ، عجبته طريقتها فى الملاوعة و اشعال نار الرغبة جواه ..
أخيرا قام هشام من مكانه و قرب عليها ، مدت إيدها و جابت عصاية من جنب الدولاب و ادتهاله ، بدأ يرقص معاها رقص بحرفنة ، عرض العصا بايده الاتنين دخلت جوه ايديه ، زنقها بالعصا و دخلها فى حضنه و خد بوسة من خدودها ، لفت إيدها على وسطه و فضلت تهز وسطها و تحك جسمها فى زبره اللى كان مكشوف لأنه كان من غير هدوم من ساعتها ..
لما لقيت زبره بيقوم و بيتمدد نزلت عليه و خدته بين شفايفها ، ما قدرش هشام يكمل راح قاعد على السرير ، نزلت بين رجليه و فضلت تمص و كل ما تحس انه مستمتع تزود فى حركاتها المستفزة لراس زوبره و تدغدغه بسنانها و تلف بيه فى جوه بوقها ، و استمرت فى حالة مصارعة بين شفايفها و زوبره و هو ماسك فى شعرها و لافه على ايده يبعدها شوية و يقربها شوية ..
زقها برجله على الأرض وقعت على ضهرها ، مد رجله عند شفايفها ، مسكت رجله بايدها و فضلت تبوس فيها و تلحس صوابع رجليه و تمصها زى ما كانت بتعمل مع زبره ، بدأ هشام برجله التانية يشدلها البدله من تحت لحد ما بين كسها ، و نزل يرد لها جمايلها .. لكن المرة دى كان حنين فى اللحس و مصمصة شفايف كسها ..
نادت عليه و قالت له خليك فوقى بالعكس ، قال لها ازاى ؟ فهمته وضع 69 نفذ كلامها و بقا لسانه فى كسها و زبره فى حلقها .. و نزل هشام فى الوضع ده دفعة حلوة ، طبعا نعناعة كانت دى شغلتها ، ما سابتش نقطة واحده تخرج من بقها ، اتعدل هشام و نزل جنبها ، بصت فى عنيه و اتقلبت على بطنها فضل يمشى بكف ايده على جسمها كأنه فنان بينحت تمثال ، توقفت ايده عند طيزها البيضة الطرية فضل يلاعبها و يهزها و نعناعه مفشوخة من الضحك ، و كل ما يهزها تهزهاله هى بزياده ..
ركب عليها و حط زبره بين طيازها ، هى اتخضت و قالت له لا بقولك ايه انا عمرى ما حد حطهولى هنا ، اوعا تكون عاوز تعملها .. لطشها كف على طيزها و قال لها اخرسى ، و فضل يلعب بزبره بين فخادها و فلقاتها لحد ما اتعدلت و رفعت رجليها ..
سحب رجليها على كتافه و رفع وسطها من على الارض و راح رازع زبره فى كسها و فضل يروح و يرجع فى كسها و هى بتنتفض و تصرخ و تقول له ارحمنى بقا هاتموتنى ، غيّر بقا ، سحبه من كسها و هى لفت و وطت و وسعت فخادها بايدها و هو ركز على ركبته و دخل زبره و فضل رايح جاى فى سرعة و تتابع و صراخها بقا اعلى من الاول ، فضلت تحبى على رجليها و ايديها و هو وراها زى ما يكون بيسوقها ، هى كانت قاصده تخرج زبره لكن هو ما اداهاش الفرصة و فضل ينيك فيها على كده لحد ما اصطدمت بالحيطة اللى قدامها و هو فضل دايس و هى مزنوقة فى الحيطة و بتنهج و صوت صراخها قلب على بكا ..
سابها و رقد على ضهره و قالها تعالى يا بت ، راحت راكبه فوقه و دخلت زبره فى كسها بايدها و فضلت رايحة جاية على مزاجها و براحتها لكنه ما استحملش و فضل يشيلها من تحت باطها و ينزل بيها بالسرعة اللى هو عاوزها لحد ما تعبت ، نزلت من فوقه و قامت وقفت ، قام هو كمان لانه كان فاكر انها هاترجع للهزار و الملاوعه ، لكنه اول ما وقف لقاها حضناه و بتلف رجليها على وسطه و بتمسك زبره و تدخله فى كسها و تطلع و تنزل ببطء زى ما تكون متكتفه لكنه كمل الجولة بنفسه و فضل ينطقها زى الكورة الجلد فوق زبره ، بصت فى عنيه و قالت له : بوسنى ، ما كدبش خبر و باسها لكن بعنف و غل و هى كانت عاجباها اوى طريقته العنيفة معاها ..
وقفها و ركنها للحيطة و رفع رجلها اليمين بايده و وركها المقلبظ و شكله و بياضه نشط زبره اكتر و خلاه يقف بشكل مضاعف راح مدخل زبره فى كسها و هى مش قادرة تقف على رجليها و مع الآهات بتاعتها و صوت زبره و هو بيدخل و يخرج بدأ هشام يعضها من كتافها و يشدها من شعرها و يدوس بكل زبره فى كسها لحد آخره و هنا نزل فى كسها بشكل محموم .. نزلت من بين ايديه ع الارض و هى بتنهج و بتبص فى عيونه و ابتسامتها على وشها و علامات الرضا باينة فى آهاتها ..
مدت له ايدها و هو واقف عشان يشدها يوقفها ، لما قامت دخلت فى حضنه و قالت له : ما تقولى بقا اسمك ايه ؟ قال لها : هشام ، قالت له انت وحْش يا معلم هشام ، بقالك اد ايه ما ركبتش واحده ست ؟ قال لها انتى اول واحدة يا نعناعه .. ضحكت و قالت له يعنى انا اللى شربت اول قطفة ..
خدها من ايدها و دخل بيها على السرير عشان يكمل الليلة الحمره ، و كل ده كانت الأغانى لسة شغالة ، و أثناء ما كان هشام بيستعد علشان يدخل زبره فى كسها و هى بتفتح رجليها علشان تستقبل زبره و عيونها بتناجيه و تترجاه يدخله ، فجأة اشتغلت أغنية ( يا هوى ، بلغ حبيبى عاملة ايه فيا الليالى ) ..
و بمجرد ما هشام سمع الأغنية ، نار جسمه انطفت ، و زبره بعد الوقفة نااام و بص لنعناعة و قال لها البسى هدومك و اخرجى ، عاوز اقعد لوحدى ، بصت نعناعه لهشام و هى مخضوضة ، قالت له : هو انا غلطت فى حاجة يا سى هشام ؟ طب انا هاخش اخد دش و ارجعلك ، قال لها باقولك اخرجى بره .. خافت من نظراته الغضبانة و فتحت الدولاب خدت هدوم و نزلت ..
بعد لحظات طلع له ايهاب ، لما دخل عليه لقاه بيمسح دموعه ، قال له انت بتعيط يا هشام ؟ و رحمة امى لاربيها بنت الشرموطة ، ما تزعلش هاجيبلك واحده غيرها ،ما هو انا ماعرفش زوقك فى النسوان ، دى بت خايبة اللى ماتعرفش تروقك دى ، خليك قاعد دقيقتين و هاجيبلك ملكة جمال لحد عندك ، بس ما تقلقش انك ماعرفتش تنيك اصل انا عارف انها اول مرة ..
رد عليه هشام بصوت مخنوق و قال له الحكاية مش كده يا ايهاب ، البت حلوة و انا و هى اتمتعنا مع بعض بس اصلى افتكرت حاجة تانية شغلتنى معلهش يا صاحبى سيبنى لوحدى شوية .. قعد ايهاب جنب هشام و قال له قولى يا صاحبى ايه اللى شغلك ؟ انا اخوك يا هشام ماتخبيش عنى ، لو هاتخبى على الدنيا كلها ماتخبيش عن اخوك ..
لكن هشام ما ردش ، و كانت الذكريات بتكتسح جوانب قلبه و عقله ، كان عارف ان دعاء او اى واحده تانية لا يمكن تستنا امل كداب فى رجوع انسان انقطع الاتصال بيه من سنين ، و حتى مجرد فكرة انه كان مسجون فى بلد غريبة سهل تمنع اى اسرة انها تخليه يرتبط ببنتها خصوصا لو كانت اسرة زى اسرة دعاء .. قعد هشام مع ذكريات الاغنية اللى كان بيسمعها زمااااان لما كان قلبه بيحب ..
مرت قدام عنيه ذكرياته الحلوة مع دعاء ، حس بتعب و لبس هدومه و قال لايهاب انه رايح الجيزة يومين و راجع .. و برغم اندهاش ايهاب لكنه ما قدرش يمنعه ، و صمم انه يوصله بنفسه لحد باب البيت ، و فى العربية نام هشام و اول حاجة شافها لما نام ، كانت صورة والدته و هى مكشرة و زعلانه .. أيام السجن كان بيشوفها مبتسمة و بتطبطب عليه و تطمنه ، لكن المرة دى الحزن باين عليها و الغضب بيملا ملامحها..
صحى من النوم و هو بيجهش بالبكاء ، و طلب من ايهاب انه يروح بيه على المقابر بدال ما يروح على البيت ، و من غير كلام مع ايهاب نزل من العربية فورا و راح على مقابر العيلة ، و قدام قبر والدته فضل يبكى و صوت نحيبه مالى المكان ، كان ايهاب فى سنين السجن الاولى متعود على دموعه ، لكنه علمه ازاى يقتل الدموع فى عينه ، و علمه الجحود و القلب الجامد ، لكن ما قدرش يسيطر عليه و لا يمنعه المرة دى ، بالعكس خده فى حضنه و فضل يبكى معاه ..
وصله ايهاب لحد باب البيت و هو حرارته عاليه و بيرتعش ، و دخل بيه البيت على والده ، اللى اتصدم اول ما شافه بالمنظر ده و كان هايقع من طوله .. و راح ايهاب على اقرب دكتور و جابه البيت، كشف عليه و كتب له بعض الادوية ، و هنا كان طوفان اسئلة من والد هشام لايهاب عن حالته لكن ايهاب قال له انه تقريبا كل حاجة مش نضيفة من الشارع لكن هايبقا كويس و انا هافضل معاه لحد ما يخف ..
و بعد شوية قعد والد هشام مع ايهاب يستفسر منه عن ابنه و عن احواله الملخبطة من اول ما رجع ، و باس ايد ايهاب انه يقول له هشام ماله ، و ايهاب مش عاوز يرد باى رد مقنع .. لحد ما والد هشام قال له انا من ساعة ما رجع و انا حاسس انه غريب عنى ، زى ما يكون حد تانى ما اعرفهوش ، لو كان رجع لى زى ما سافر كان قلبى هايبقا مفتوح له ، كنت هاقدر اسأله لأنى عارف انه هايرد عليا .. لو كنت شوفت هشام ابنى ما كنتش خليته يبعد عنى تانى لحظة واحده .. مين ده يا ابنى ايه اللى خلانا اغراب عن بعض ؟ ده كان بيشوفنى يرتمى فى حضنى ، عمره ما كبر فى عينى ، عمرى ما حسيت انى قلقان منه مش قلقان عليه زى لما شوفته راجع ، تصدق يا ايهاب يا ابنى انى اول ما شوفته خوفت منه .. انا اخاف من ابنى ؟ ايه السد اللى اتبنى بينى و بينه ده يا ايهاب .. قولى يا ابنى ، لو كان هشام غالى عندك تقولى فيه ايه ؟
الجــــــزء الخـــــامس ..
و قدام الحالة الصعبة اللى كانت على والد هشام ، ما قدرش إيهاب انه يخبى حاجة .. حكى اللى حصل لهشام من بداية سفره لحد ما رجع لوالده - مع اخفاء الجزء المتعلق بأعمال إيهاب المنحرفة - و مع كل موقف يستمر والد هشام بالبكا و ماقدرش يتخيل حجم العذاب اللى ابنه شافه ، دخل عليه اوضته جرى و فضل يحضنه و الدموع بتنزل من عيونهم هما الاتنين ..
حضن الاب ابنه و قال له : ايه يا هشام ؟ بتحرمنى من لحظة اكون فيها أب بجد ؟ ماكنتش عاوز تقولى عشان خايف عليا و لا علشان المرار اللى شوفته خلى الدنيا كلها بقت ضلمة فى عنيك ، حتى طاقة النور اللى فى قلبى و العصب اللى انت طول عمرك بتسند عليه ما شوفتوش ، ما افتكرتهوش ، كل حاجة شوفتها مضلمة ؟ ده انا ابوك يا هشام ..
رد هشام على والده و قال له بصوت رايح : طول عمرك كنت شايفنى الابن الصالح اللى عمره ما يغلط ، كنت مربينى على الصح و بس .. حتى لما علمتنى قررت انك تدخلنى حقوق علشان اعيش مع القانون كل ايامى ، و علشان اعيش على الصح باقى عمرى .. عاوزنى ارجع اقولك انا اتسجنت و راحت اجمل ايامى فى السجن ؟ كنت هاتشوفنى ازاى ساعتها ؟ كنت عاوزنى اخلص على اللى فاضل منك ، لا ، كان الموت عندى اهون من انك تعرف الحقيقة ..
رد عليه والده بدموعه و هو بيقول له : الحقيقة انا كان لازم هاعرفها ، و عمرى ما كنت هاشوفك غير هشام اللى انا مربيه ، انت ابنى ، بحلوك بمرك ابنى ، حتى لو كنت مجرم فعلا عمرى ما هاكون غير الاب يا هشام ، ابنى و حبيبى و عمرى اللى هايفضل بعد موتى .. تعالى يا واد هشام فى حضنى ..
نزل والد هشام على راسه يبوسها و يبوس ايده و يرجع يضمه لصدره و كانت كلمات هشام زى النار فى قلب والده و هو بيقوله : يااااااااااه يا بابا ، كنت محتاج لحضنك ، من يوم ما فارقتك و انا حسيت انى ماشى فى الدنيا من غير ضهر يحمينى و لا دليل يوجهنى ، انا من غيرك كنت باضيع يا بابا .. خليك جنبى ، محتاج لحبك و لحكمتك ، محتاج لقلبك يضمنى ، كل الدنيا قفلت بيبانها فى وشى .. و انت لوحدك كفاية .
رد عليه والده و هو بيقول له الدنيا كلها تحت رجليك يا ابنى ، و لو كل أهل الدنيا قفلوا ابوابهم فى وشك صدقنى باب السما دايما مفتوح ، سلم لحكم القدر و ارضى و ارفع عينيك للسما و ادعى .. من امته الدنيا كانت بتدينا اللى احنا عاوزينه .. اى عذاب شوفته يا ابنى كان اختبار ليك ، لعزيمتك ، لقوة إيمانك ، لضميرك .. و انا عمرى ما كان عندى شك ان ابنى يقدر .. هاتقدر يا هشام .. حياتك هاتبتدى من النهارده ، و انا جنبك بكل ما املك من عزم و صحة و عمرى اللى باقى حتى و لو ايام .. ارتاح دلوقتى يا هشام ، نام يا حبيبى ..
الأب ما قدرش يشوف ابنه قدام عنيه منهار و هو مش قادر يقوى قلبه ، و بعد تفكير ، مالقاش غير حاجة واحده ممكن تساهم فى محاولته انقاذ ابنه من همومه و من احزانه .. خرج الاب و عمل مكالمة ، و بعد لحظات وصلت ( دعاء ) ، دخلت البيت و هى مش فاهمه هو اتصل بيها ليه ، ما جابش سيرة هشام ، لكنه عرفها على ايهاب و قال لها اسمعيه يا بنتى ، يمكن يكون فى كلامه حاجة تهمك .. و دخل والد هشام يجيب لها حاجة تشربها و كان قاصد ان إيهاب يحكى لها بنفسه ..
و اول ايهاب ما نطق اسم هشام ، نزلت دموعها بدون سيطرة و اقتحمت كلامه بأسئلتها واحد بعد واحد و هو مش عارف يرد عليها .. قال لها اهدى يا مدام و انا هاحكى لك كل حاجة .. و حكى لها كل حاجة حتى مرضه لكن لما قال لها ان هشام اول ما رجع مصر كان بيتكم فى المنيل اول بيت يروح له ، و خبط ع الباب و هو مش ضامن النتيجة ، لكن لحسن حظه مالقاش حد فى البيت ، خرجت له واحده جارتكم و عرف منها انك اتجوزتى و خلفتى .. نزل من البيت و هو حزين ، مش علشان جوازك ، هو كان واثق انك و فى ظروفك مش ممكن هاتقدرى تقاومى ، لكن علشان حس انك ممكن تتهميه انه هو السبب فى فراقكم ، كان خايف تفهمى انه اتهرب منك او نسيكى ، كان نفسه يشرحلك حتى لو هايختفى من حياتك للابد ..
صوت بكاها اصبح اعلى و اعلى ، و هى بتقول : انا كنت متأكده من حبه ليا ، كنت عارفه انه لا يمكن يكون بمزاجه بعد عنى ، كنت عارفه انه لو عايش مش هاينسانى ، انا ماحبيتش غيره و مش هاحب غيره ابدا ، و قالت و هى بتصرخ : مش هاحب غيرك يا هشااااااام ، سامعنى يا هشاااام ..
خرج هشام و هو مش قادر ، و كانت اول كلماته ليها : ماتبكيش يا دعاااء ، دموعك اغلى منى ، اغلى من كل الدنيا ، ماتبكيش يا حبيبتى ، ماتبكيش ، سمعت كلامه و هى بتبص عليه و عيونها بتحضنه قبل ما تمد ايديها و تفتحهم و تروح عليه اول ما شافته ، ما اهتمتش لا بالمكان و لا بالموجودين و دخلت معاه فى حضن و دموعهم هما الاتنين نازلة طوفان ..
قعدته جنبها و هو بيمسح دموعها و بيبص فى عيونها و يقول لها : وحشتينى ، وحشتينى ، كان قلبى بيتقطع كل يوم فى بعدى عنك ، مش عشان مش شايفك لكن عشان حيرتك و قلقك اللى كنت حاسس بيهم .. وحشتينى ، لو بايدى كنت كسرت جدران السجن و جيت لك ماشى يا حبيبتى ..
ردت عليه دعاء و هى بتبتسم و تمسح دموعها و بتقول له : خلاص المهم انت قدامى ، رجعت لى ، وحشتنى ، عمرى ما هابعد عنك تانى ، عمرى ما هاقدر اسيبك تانى ، يااااه يا هشاااام ، حياتى من غيرك كانت ضلمة ، ليل طويل مالهوش نهار ، اهون عليك يا هشام من يوم ما رجعت و انا ما اعرفش .. هونت عليك تبقا فى مصر و ما تسألش انا فين ؟ فين باباك ؟ كان عارف مكانى ما قالش ليك عليه ليه ، ما قاليش انا ليه ؟
خرج والد هشام و قال لها ، ماكانش ينفع يا بنتى اخليكى تعرفى و انا شايفه على حالته اللى رجعلى بيها ، و لا كان ينفع اقولك عشان حياتك و بيتك ، و بنتك .. قاطعهم هشام و قال لها و هو بيبتسم و الدموع لسه فى عينه : عندك بنت يا دعاء ؟ سميتيها ايه ؟ قالت له : الاسم اللى اخترناه انا و انت سوا .. سهر يا هشام ، فاكر لما كنت تقولى احنا عمرنا اللى جاى مش هانعرف فيه نوم و احنا مع بعض ، هانقضيه كله سهر ، رديت و قلت لك حتى لو خلفنا بنت هانسميها سهر ، و لو كان ولد يبقا ساهر ؟ فاكر يا هشام ؟
ايهاب بص عليهم هما الاتنين و خد والد هشام و قال له تعالى يا عمى نجهزلهم غدا ، هشام محتاج يتغذى علشان الادوية .. تعالى يا عمى .. و دخلوا هما الاتنين و سابوا هشام و دعاء مع بعض .. و فتحوا كل ابواب الذكريات من اول ما عرفوا بعض لحد النهارده ..
الايد فى الايد و العين فى العين ، مفيش حواجز و لا مسافات ، صوتهم همسات ، كلامهم حنين ، لمساتهم رقيقة ، قلوبهم صافيه ، حكى لها كل تفصيلة مر بيها من اول ما سافر لحد يوم ما رجع مصر ، و هى سامعاه ، اوقات تبتسم و اوقات تبكى .. اوقات تمسك فى ايده جامد ، و اوقات تمشى بايدها على شعره و جبينه ..
استمرت الجلسة اكتر من 3 ساعات ، و اتغدوا كلهم سوا .. و نسيت دعاء اى حاجة فى الدنيا و اى حد الا هشام و حبها اللى عمره ما مات علشان يصحى ، هو كان عايش فى قلبها و احلامها طول مدة غيابه .. و قبل ما تمشى كان هشام خلاص فاق و بقا زى الحصان ..
رجع يحكى مع والده زى ما كان متعود ، و ابتسامته رجعت تنور وشه من جديد .. و بعد السهرة ، خرج هشام و ايهاب برة البيت يتمشوا ، كانت اول مرة هشام يرجع يحن للمنطقة و شوارعها .. بص ايهاب فى عينه و قال له تعرف يا صاحبى ، انا لو اعرف انى هايحصلى اللى حصل النهارده عندكم ما كنتش دخلت بيتكم ده ابدا ، ده انا حاسس انى رجعت عيل صغير تانى بسبب الدموع اللى نزلت من عنيه .. اسمع يا هشام ، انت تقفل صفحة السجن دى و حتى صفحة شغلك الاسود معايه .. من النهارده يا ابن الناس احنا اصحاب و بس ..
رد هشام عليه و هو بيضحك و قال له : بص بقا انت مهمتى الجديدة ، انا وراك لحد ما اخليك تتوب عن الطريق المهبب اللى انت ماشى فيه .. بص له ايهاب و قال له : شوفت ، اهه ده اللى انا كنت عامل حسابه ، انت ياعم مالكش دعوة بينا سيبنى انا و اهلى يا حضرة المحامى فى حالنا ..
رجع هشام للبيت و هو امله بيتجدد من جديد و كأنه لسه فى حبه لدعاء و امله انه يرتبط بيها ، ماكانش عاوز منها اكتر من كده ، انها تسمعه و تعرف ظروفه علشان ماتلومش نفسها على انتظاره و لو يوم واحد ، لكن دعاء كان ليها موقف تانى خااااالص ..
الجـــــــزء الســــــــادس ..
رجعت دعاء للبيت و هى واخده القرار النهائى .. الطلاق .. و مش هتحتار و لا تخاف تفاتح جوزها فى الموضوع ، كانت بتقول لنفسها : هشام سافر علشانى انا من البداية ، و لولا حرصه على انى اكون له ماكانش سافر و لا شاف العذاب اللى شافه ، و لا اتسجن فى غربته .. و لو كانت الدنيا ضيعت منه كل حاجة حلم بيها فمش ضرورى اكون انا كمان ضمن احلامه اللى ضاعت .. هاعيش عمرى معاه نكمل طريقنا اللى رسمناه سوا من زمان .. و نعيش حياتنا و ننسى كل اللى فات ..
عارفه انه هايبدا من جديد لو لقى اى امل فى تحقيق احلامه ، هشام كان حلم عمرى و لا يزال ، لا نسيته و لا نسينى ، و مش هاظلمه مرتين ، مرة بسفره علشانى و بهدلته ، و مرة بأنى اكون عايشة مع غيره .. حياتنا هانكملها زى ما خططنالها ، و هانعتبر السنين دى كابوس عشنا فيه ، صحيح كان عمره طويل ، لكنه انتهى ، و الخطوة الجاية بتاعتى انا ، و انا اللى هانفذها ..
انا اتجوزت علشان كنت فاقدة الامل ، و علشان ارضى اهلى اللى كانوا بيتمنوا يطمنوا عليا ، و خلاص عمرى ما هاستسلم لرغبة اى حد تانى على حساب نفسى ، و لا هاضحى بحياتى و سعادتى و بسعادة هشام علشان اى حد فى الدنيا .. و بنتى هاتفضل معايه حتى لو دفعت عمرى كله ، هاتتربى فى حضنى انا و هشام و انا عارفه حنية قلبه عليها ، هايكون احن من باباها ..
رجع جمال جوز دعاء من بره ، لقى دعاء منتظراه ، قالت له تعالى انا عاوزاك فى كلمتين ، راح و هو مش فاهم هى عاوزة ايه ، قالت له باختصار يا جمال ، انا عاوزة اطلق .. اتصدم جمال و مابقاش فاهم و لا مستوعب ، فضل يلف و يدور عليها ، عاوز يعرف ايه السبب فى كلامها .. و هى مش عاوزة تنطق بأى كلمة ، فجأة قال لها : انا عارف السبب ، لكن صدقينى انا ماغلطتش معاها غير عشان الحرمان من حاجات كتير لقيتها معاها هى و مالقيتهاش معاكى و ندمان من قلبى على غلطتى و عمرى ما هافكر تانى انى اغلط بس اقفى جنبى ..
دعاء اتصدمت بكلمات جمال لكنها فضلت ساكته و سايباه يجيب اللى عنده ، قال لها : اقعدى يا دعاء وافهمينى ، انا من يوم ما اتجوزتك و انتى بتعاملينى فى السرير كأنى باغتصبك ، عمرك ما قلتى لى كلمة حلوة تشجعنى ، كرهت النوم معاكى بسبب صمتك و جمودك ، عمرى ما سمعت منك كلمة حب واحده فى حياتنا ، و لقيتها هى بتحاول تقرب منى و بتفرض نفسها عليا ، ما قدرتش اقاوم ، خدتنى معاها فى الدوامة و نزلنا للحضيض سوا .. لكن صدقينى انا عمرى ما حبيتها بقلبى ، ( هبه ) كانت مجرد نزوة و باحاول اتخلص منها ، لكن زى ما يكون فيه حبل فى رقبتى بيشدنى ليها .. كل ما احاول انساها ، تصرفاتك انتى تقربنى منها ..
انتى اللى عرفتينا على بعض ، و قربتينا من بعض ، كانت دايما بتكلمنى عن حرمانها مع جوزها اللى بيعاملها كانها كرسى او شئ مالهوش لازمة ، كانت بتحسسنى انى انا الراجل الوحيد فى الكون ، دايما تتغزل فى ملامحى و تمدح فى اخلاقى و فى كرمى و شهامتى لو وقفت جنبها فى اى موقف .. و بعد ما وقعنا فى الغلط انا و هى بطلت تزورك و قررت تقلل علاقتها بيكى .. و انا كنت دايما حاسس انك ملاحظة ده لكنى كنت باكدب نفسى ..
قاطعته دعاء و هى بتسأله امته آخر مرة كنت عندها ؟ رد عليها و قال لها : من أسبوعين ، بس من يومها و انا واخد القرار بأنى ابعد عنها للأبد .. قالت له : تبعد عنها و تدور على غيرها مش كده ؟ صاحبتى يا جمال ؟ الانسانة الوحيدة اللى استامنتها على بيتى و حياتى من عمر العمر ؟ مالقيتش غيرها ؟ طلقنى يا جمال لو سمحت بدون شوشرة بدال ما ابعت اجيبها و اعمل لكم فضيحة رسمى .. ما تخلينيش ارتكب اى حماقة تضيعك و تضيع مستقبل بنتنا .. من فضلك لو عندك ذرة كرامة طلقنى ، انا عمرى ما حبيتك و لا عمرى كنت شايفاك الراجل المناسب .. من يوم الخطوبة و انا متحملاك فوق طاقتى ، و فى الآخر تطلع بتخدعنى ..
قاطعها جمال و هو بيقول لها : انا لو كان عندى ذنب واحد فانتى كلك ذنوب ، عمرك ما حبيتينى و كنتى عايشة معايه غصب عنك ، كل حاجة بتعمليها غصب عنك ، ابتسامتك غصب عنك ، نومى معاكى غصب عنك ، كلامك معايه غصب عنك ، و هبه كانت عارفه كل ده و قررت انها تكون عكسك فى كل شئ ، قربت منى علشان تعوضنى كل اللى اتحرمت منه معاكى و علشان اعوضها كل الحرمان اللى شافته حتى و هى عايشة مع جوزها من غير ما يراعى مشاعرها و لا احتياجاتها ..
ردت عليه دعاء و هى بتقول له خلاص يا جمال مابقاش فيه اى وقت لا للوم و لا العتاب .. انا هاخد بنتى و اروح عند ماما بس قبل ما امشى ، تطلقنى ، و إلا بكرة هتلاقى دعوى طلاق مرفوعة ضدك فى المحكمة و هاقول ساعتها قدام الناس كلها انا باطلب الطلاق ليه ، و ابقا خلى البيه جوز الهانم ياخد حقه منك و منها لما يعرف ..
جمال فضل لحظات بيتخيل حجم الفضيحة و طلب منها مهلة يرتبوا فيها للطلاق بهدوء علشان الشوشرة و القلق اللى هايسيطر على الموقف ، وافقت دعاء و اشترطت ان المهلة تبقا 3 ايام مفيش غيرهم ، و فورا اتصل بهبه يبلغها اللى حصل .. هبه بكل برود قالت له محدش احسن من حد ، المدام بتاعتك متجوزاك و هى بتحب واحد تانى و مستنياه لحد النهارده يا استاذ ، قبل ما تحاكم الناس كان لازم تحاكم نفسها و حكت له تفاصيل التفاصيل ، لكنها ماكانتش تعرف برجوع هشام ، و بعد المكالمة ما انتهت ، فورا دخل جمال على دولاب دعاء بهدوء و فتح العلبة اللى قالت له عليها هبه ، و قرا كل اللى فيها من جوابات هشام .. و قرر انه لازم ينتقم منها رغم انه عارف انه أجرم ، لكن الكبر اللى كان جوه قلبه عمى عنيه ..
تانى يوم لقا دعاء بتتكلم فى التليفون ، كان خايف انها تكون بتحكى لمامتها على الجرايم اللى هى عرفتها ، و الاتفاق على الطلاق و علشان كده فضل يتصنت عليها و فهم من المكالمة انها هاتقابل حد النهارده هو نفسه هشام اللى اسمه فى الجوابات ، شوية و هى خارجه سألها رايحه فين ، قالت له ماتسألش ، انا اعمل كل اللى انا عاوزاه ، سابها تخرج و خرج وراها يراقبها .. طلعت ببنتها سهر عند مامتها لكنه فضل منتظر يشوفها هاتنزل امته و هاتروح على فين ..
بعد دقايق لقاها نزلت من غير بنتها ، وصلت دعاء لبيت هشام ، و هناك احتار جمال و اتصل تانى بهبه يسألها عن المكان ده ، قالت له ان ده عنوان هشام و هى متعودة تزور باباه من يوم ما اختفى .. طلع قرب من شقة هشام و فضل يسمع بالراحة لحد ما فهم ان هشام فى البيت ، نزل سأل أهل المنطقة و اتأكد منهم ان هشام رجع ، و فورا جت له فكرة شيطانية و قرر فى نفسه يعمل مصيدة فى ساعتها ..
اتصل بالشرطة و بلغ عن دعاء و هشام انهم بيتقابلوا ، و ادالهم العنوان ، و بعد ما بلغ الشرطة نادى على واحد فى الشارع و قال له اطلع نادى على عمك ابو هشام فى شقة رقم كذا و قول له انزل كلم فيه واحد عاوزك على اول الشارع .. و لحظة ما نزل والد هشام خده جمال و فضل يرغى معاه فى اى كلام لحد الشرطة ما هاجمت الشقة و قبضت على دعاء و هشام .. و فى القسم وجه لهم تهمة الزنا ، و قال فى المحضر انها بتقابل هشام من يوم ما رجع فى الشقة دى و قدم لهم الجوابات اللى بينهم و قال انه هايرفع عليها دعوى الزنا ..
كانت دعاء مش قادرة تستوعب الموقف و لا قادرة تصدق اللى هى فيه ، لكن هشام فضل يقوى قلبها و يقول لها ، احنا أبرياء من التهمة القذرة اللى هو وجههالنا دى و لازم الحق يظهر ، انا اتسجنت مرة لكنى كنت استحق ، و مش هاتسجن ابدا فى حاجة ماعملتهاش و لا انتى هاتدوقى السجن ظلم حتى لو على رقبتى ..
بص هشام لوالده و قال له اتصل لى بايهاب و قول له ييجى يزورنى ضرورى .. و بالفعل نفذ الوالد و بعت لايهاب ، و اول ايهاب ما فهم اللى حصل ، مسك كتف ايهاب و قال له رقبتى فداك يا صاحبى ، مش هاتروح المحكمة من الاصل و لا هاتقف تانى قدام قاضى طول ما انا عايش .. و بكرة بالكتير هاتكون خارج من باب القسم مرفوع الراس انت و دعاء و لو ماحصلش يبقا الشنب ده على مرة ..
حاول هشام يفهم من ايهاب هايتصرف ازاى لكن ايهاب ما صرحش باى حاجة ، كل اللى عمله انه خد عنوان بيت جمال و عنوان شغله و رقم عربيته .. و خرج من القسم بخطة مكتملة الاركان فى عقله ، بعت جاب اربعة رجالة يبيعوا ارواحهم عشان ايهاب من البلد و كلفهم يرجعوا له بشوية حاجات طلبها منهم ، و بدأ فى تنفيذ الخطة فى نفس اليوم ..
عمل اجتماع مع الرجالة و فهمهم اللى هايعملوه و هما وعدوه انهم هاينفذوا الكلام بالحرف الواحد ، و كانت خطته محكمة و فى منتهى الدهاء ، كان بيعمل كده و هو بيتمنى نجاح الخطة علشان يبقا قدم اى شئ لهشام صاحبه و حبيبه ..و فى الموعد المحدد بدا التنفيذ ..
الجزء السابع .. و الأخير
و اتنفذت الخطة المحكمة ، و لبس جمال قضية كبيرة و تم القبض عليه بترتيب مع الشرطة ، و بعد القبض عليه هو و رجالة إيهاب ، راح له إيهاب و عرض عليه الاختيار بين استمراره فى قضيته ضد دعاء و هشام و بين استمرار قضيته هو اللى عقوبتها ممكن توصل للاعدام .. و أكيد كان الاختيار معروف ..
و سحب جمال دعوى الزنا اللى كان رافعها ، و فوقها اشترط عليه ايهاب عدم المطالبة بحضانة سهر ، مع حفظ حقه فى رؤيتها وقت ما يحب ، كان بيدور على اى مخرج له من القضية اللى كانت هاتقضى عليه ، رضخ لكل الشروط و هو بيتمنى ان الكابوس ينتهى ..
و طبعا كانت خساير ايهاب - المادية - كتيرة فى التلفيقة دى لكنه كان شايف ان هشام يستحق اكتر من كده و كان فى الوقت ده نعم الصديق ، حتى لو كان هو فى حياته مش ماشى مظبوط ، لكنه كان عارف معنى الصداقة ..
و بعد انتهاء القضايا تم الانفصال بين جمال و دعاء ، و تم اخلاء سبيل هشام و دعاء و الافراج الفورى عنهم و بمجرد خروجهم كانت اول زيارة ليهم مع بعض لقبر والدة هشام ، و هناك كان هشام بيحكى لوالدته كل اللى مر عليه رغم انه عارف انها كانت دايما معاه بقلبها و بروحها ..
و كانت السعادة مالية قلبهم و هما بيستعدوا للارتباط الأبدى و بيبنوا حياتهم خطوة بخطوة ، و زى ما كانت دعاء حاسة ، هشام كان دايما أب بجد لسهر ..
و بدات الحياة تاخد معاهم الشكل اللى كانوا راسمينه من سنين لقصتهم .. الحب يجمع ما بينهم ، و بايديهم يبنوا حياتهم من جديد ، و مع الأيام كبرت أحلامهم و طموحاتهم و ده قادهم للوصول لأعلى درجات التفوق فى الحياة على كل المستويات ..
و كان والد هشام دايما بيتابعهم و هو مبتسم و فى قمة السعادة رغم ان الجراح اللى اقتحمت قلبه كانت كتيرة لكن مع زوال الغمة ، رجع يبتسم و يضحك من قلبه و يمد ايده لهشام بكل اللى كان يملكه علشان يساعده و يقف جنبه ..
طوى هشام صفحات كتير فى حياته كانت الظروف واخداه ليها ، بدون رغبة داخلية منه ، لكنه كان متخبط مش عارف رجليه هاتوديه لفين ، و طوت دعاء صفحات ارتباطها الاول بزوج لجأ لحجة لتبرير خيانته و انحرافاته اللى خلته يروح لأول فرصة تيجى قدامه بدون تردد ..
و هما الاتنين طووا صفحات المرارة اللى كانت فى حياتهم فى بعدهم و فراقهم عن بعض ، لكنها كانت دايما حافز ليهم على التحمل و النضال فى حياتهم ، و مواجهة اى ازمة بصدر واسع و بابتسامة عريضة من قلوبهم ، و كانوا يقولوا فى نفسهم كل شئ فى الدنيا يهون ، و طالما الدنيا جمعتنا يبقى كل حاجة بعد كده سهلة نتخطاها ، احنا تعبنا كتير و شقينا فى حياتنا علشان نوصل ليوم نكون فيه مع بعض .. مفيش سعادة فى الدنيا بعد كده ..
و كانت قصتهم دايما نموذج لكل اللى حواليهم ، الكل كان بيتمنى يكون حبه فى قلبه بالشكل ده ، مهما مر بزلازل او زوابع ، ثابت و راسخ فى القلوب ، لا يعرف يقل ، و لا يعرف حتى يهتز ، كل يوم عن يوم بيزيد ، و مع كل موقف بيظهر فى عيونهم و فى كلامهم ..
و فى يوم ربيعى مليان بالنسمة وقف هشام و دعاء فى البلكونة يحيوا ذكرى اول يوم اعترفوا فيه لبعض بحبهم و العهد اللى قطعوه على نفسهم انهم يكونوا لبعض حتى لو كان فاضل يوم واحد فى عمرهم .. و الحب دايما بيقوى القلوب و بيحفظ نقاء النفوس و طهارتها ..
و الحب لو صادق عمره ما بينتهى مهما كانت الظروف او الاحداث ، و الوفاء بالعهد هو فقط من شيم و سمات المخلصين ، و لو كل عاشق اختار انه يوفى بوعده ، و يناضل من اجل الالتزام بعهوده ، لا يمكن هايستسلم لأى معوقات ، و لا يمكن هاينهزم قدام اى صراعات داخلية او خارجية ..
لو كل انسان بيحب استقر فى نفسه صدق عواطفه و اخلص فى مشاعره ، و حس جوه قلبه بالاستعداد للتضحية من اجل حبه وقت ما المواقف تتطلب التضحية ، مش بالكلام ، لكن بالفعل ، و جرب نفسه فى موقف او اتنين يراقب فيه ردود افعاله من اجل حبه ، وقتها هايعرف هو مع المخلصين و لا احساسه كان مجرد عاطفة لا تتخطى درجات الإعجاب حتى لو هو كان متوهم غير ذلك ..
و فى حياتنا دايما بنمر بدروس شئنا أم أبينا ، لازم كل يوم نتعلم درس جديد ، و السعيد هو اللى يفضل الدرس معلم فى قلبه و عقله ، و التعيس هو اللى يمر عليه الدرس و كأنه ما اتعلمش حاجة ، و ببساطة و بكل برود يدى له الطرشة بدون اى استفادة ..
افتح قلبك لحلمك ، هاتتفتح بيبان الكون لنفس الحلم ، علماء التنمية البشرية فى كلامهم عن الطاقة الايجابية قالوا ( لو كانت أمنيتك صادقة و حلمك راسخ فى قلبك ، روحك و جسمك بتصدر ذبذبات - أشبه بالبث - بتطوّع الأسباب ، و الكون يستجيب لرغباتك ، فقط لو تصدق حلمك ، و تجتهد بإرادة و عزيمة ) ..
كل الناس دايما بتسعى لبث روح معنوية فى نفوس اللى بيحبوهم ، لما يتزور مريض بتحاول ترفع معنوياته علشان يخف ، لما بتقابل حد أخفق فى الوصول لشئ بتاخد بإيده و تقوى عزيمته علشان ينهض من جديد ، رغم انك ما قدمتش الا الكلام ربما ، لكن بعثك للروح المعنوية العالية فى قلبه ، أكيد بيحول طاقاته السلبية لطاقات إيجابية تقويه فى مشواره ..
هشام و دعاء كان حبهم صادق و مخلص ، عمرهم ما فكروا الا فى القرب ، طول عمرهم هما الاتنين بيتمنوا يكملوا حياتهم مع بعض ، طبيعى ان صدق احساسهم يوصلهم ، طبيعى ان قلوبهم ما تنسجمش الا مع بعضها ، القلب اللى يحب و يحس بنبض القلب بيدعى و باخلاص انه ينول القرب من حبيبه حتى لو ليوم واحد ..
و الطباع النقية لازم تعود لأصلها مهما دارت بيها الدنيا ، و مهما اتمرغت فى الوحل ، لابد تانى من استرداد الوعى بعد الإغماءة ، و الاستفاقة بعد التوهة و التشتت .. و القلوب البيضا لا يمكن الدنيا تقدر عليها ، و لا نوائب الدهر تشوه بياضها و تسوده ..
و العمر مهما طال لا يمكن يطول إخفاء الاسرار ، و الطباع الخبيثة لا يمكن تفضل مستخبية ، لازم ييجى لها يوم و تنكشف .. و الحقيقة مهما انطمست ملامحها - بفعل فاعل - لازم هاتظهر ، فى يوم قريب او يوم بعيد لازم هاتظهر ، بص حواليك و شوف بنفسك كام مرة انتصرت المعانى السلبية و الشريرة على الخير فى النفوس ، و كام مرة كان الاخلاص سبيل الخلاص من كل سوء ..
سافر لنفسك و اعرف خباياها و فتش فيها علشان تعرف انت فى صف مين ، لو جواك الخير بطبيعتك ، نميه و كبره و راعيه ، و لو جواك الشر - نتيجة أى ظروف - حاربه و دمدم عليه كل ما يحاول يظهر و يخرج للناس .. مهما كنت شايف نفسك غلط ، أكيد جواك حاجات كتير صح ، دور عليها .. لو كنت صادق هاتحس بالرضا عن نفسك ، و لو حسيت انك غير جاد فى البحث و التحرى جوه نفسك ، دور على اماكن الخير و روح لها علشان تلاقى نفسك بتتولد من جديد ..
دنيتنا طالت او قصرت هى فى النهاية رحلة ، بحلاوتها و مرارتها رحلة ، هاتمر زى ما مرت على اللى قبلك و هاتمر على اللى بعدك ، خليها دايما حلوة بقدر ما يمكنك ، مش ضرورى تكون بتعمل الشر علشان تكون شرير ، مجرد رضاك عنه اشتراك فيه ، ارفض بقلبك و عيش فى الجانب اللى لازم يكون مضئ علشان رحلتك تكتمل بالاخلاص و تسيب دايما سيرة نقاءك دليل لغيرك ..
قصتنا كان فيها محاور كتيرة ، و مطبات و منحنيات مرت بكل أبطالها ، كوارث و حوادث و خيانات و انحرافات ، و سلبية و استسلام ، و روح انهزامية و كان فيها كمان معانى كتير إيجابية ، حب و صداقة مخلصة و حنان ، و أمان و ثقة و نقاء ..
و هى دنيتنا مليانة بالجانبين ، سلبى و ايجابى ..
و اللقاء التانى اللى كان عنوان القصة ، ماكانش فقط المقصود بيه لقاء تانى بين اتنين احباب - هشام و دعاء - لكنه كان اللقاء التانى مع معانى كتيرة كانت موجود و افتقدناها فى داخل الشخصيات ، دور ما بينهم هتلاقى اللى فقد معنى كبير و رجع تانى لمقابلته بعد الحنين ليه ، و بعد ما حس ان حياته من غيره مش هاتكون حياة .. و اللقاء التانى لازم يكون معاه الثبات على الموقف و عدم الاهتزاز ، و دايما احداث الدهر و أزماته بتكون موجّه ليك ناحية اللقاء التانى ، لو فهمت الغرض و الحكمة ورا كل كارثة او مصيبة بتحصل .. و لو فهمت هاتروح بنفسك و ده هايكون فعلا اللقاء الثانى .