نداء 84
05-21-2018, 01:42 AM
في سكن الطالبات
احداث هذه القصة مبنية على اصل واقعي مع تغيير في الاسماء
اثناء دراستي الجامعية لاحت لي فرصة تبادل دراسي لمدة فصل دراسي واحد في واحده من الجامعات الكندية المرموقة في فانكوفر .. بعد اخذ وجذب وافق والداي ..
سافرت مع والدتي في خريف 1994 في رحلة طويله ومرهقه من القاهرة الى لندن واخيراً فانكوفر ..
كانت درجة الحرارة لطيفة في حدود العشرينات او ما دونها بقليل .. لم تتركني والدتي الا بعد ان اطمئنت على كل شيء ..
اتمام تسجيل المواد الدراسية ..
التامين الطبي ..
فتح حساب بنكي ..
مقر اقامتي في سكن الطالبات والذي اصرت امي ان يكون في غرفه مفرده ومع طالبات عربيات (وهذا الخيار كانت تتيحه الجامعه بشرط استخدام القرعه في توزيع الطالبات على الشقق) ..
ولم احتاج ملابس ثقيله فالطقس في فانكوفر الطف من باقي المدن الكندية التي تهبط فيها الحرارة شتاءً الى 17 تحت الضفر ..
فهنا وبالرغم من موقع المدينة في اقصى الشمال حيث لا يفصلها عن امريكا الا 40 كيلو فقط فالجو معتدل نسبياً ..
عندما غادرت امي كان شهر اكتوبر قد اقترب ودرجات الحرارة هبطت الى 13 درجه في المتوسط ..
/ (/ />
فانكوفر - كولومبيا البريطانية (كندا) 1994 تصوير Uwe Meyer
*********************************** **********************
كنت اسكن في شقة متوسطة الحجم داخل الحرم الجامعي مع ثلاث طالبات اخريات ..
شريفة وهي يمنية .. زرقاء العينين بنية الشعر شقراء البشرة .. ملامحها متناسقه باختصار جميله (عرفت منها فيما بعد ان شقرتها غير شائعه في اليمن الا في منطقة محددة سكانها من اصول تركية) وكانت تدرس الهندسه
نوف وهي سعودية ... سمراء حنطيه .. متوسطة الطول .. شعرها اسود كالح طويل للغاية .. وكانت تدرس الصيدلة
واخيراً هادية .. مصرية من المنصورة ملامحها الغير متناسقه هي خليط من ملامح الجنود الفرنسيين الذين استقروا في مصر بعد فشل حملتهم ومن تزوجوهم من المصريات .. شعر اشقر خشن منفوش وانف رفيع ونمش على الوجه .. وكانت تدرس طرق تدريس اللغة الانجليزية لغير الناطقين بها ..
*********************************** **************
شريفة ونوف وهادية سبقوني بالاقامة معاً منذ عام كامل .. كنت انا الجديدة اذاً ..
شقتنا كانت في طابق منفصل خاص بطالبات مرحلة البكالوريوس .. شقة مكون من اربع غرف وصالة معيشة وحمام صغير ومطبخ اصغر ..
اعطتني الزميلات اسوء غرفه في الشقه .. او هي ما تبقت على اي حال .. غرفه صغيره الى جوار الباب وامامها المطبخ .. مفروشه بالموكيت وهناك مدفئه مثبته في الحائط تحت النافذه .. وسرير صغير .. ومكتب .. ودولاب ملابس من البلاستيك الذي يكسو هيكل معدني (لا اعتقد ان احد رأه من قبل !!)
/ (/ />
وضعت بعض اللمسات في غرفتي لاجعلها افضل .. ركبت ستاره على النافذه واشتريت فازه زهور وملائات للسرير وراديو كاسيت ..
*********************************** ****************
اخبرتني الزميلات ان الطعام سيئ هنا وانهن يطهين الطعام بانفسهن في الشقه ..
كانت فرصه لاجرب اطعمة جديدة فعرفت الكبسه من نوف (وهي ارز باللحم او الدجاج) والصيادية وهي ارز بالسمك .. كان كل طعام نوف يجب ان يكون فيه ارز وهو مختلف عن الارز المصري .. ارز هندي طويل هش وخفيف .. ثم تضع عليه لوز او صنوبر وزبيب ..
/ (/ /> الكبسة
طعام شريفه كان مثل الطعام المصري تقريباً .. الخضار اساسي ولكن المشكلة انها كانت تضع فيه "الحلبه" .. ضاجن فخاري اتت به من اليمن تضع فيه الخضروات واللحم وتصب عليه الحلبه .. وعرفت ان اسم هذا الطعام "السلته" .. وهناك اللحوح باللحم او العسل وحلوى لم استسغها اسمها بنت الصحن ..
/ (/ /> السلته
اما هاديه فلم تكن تجيد الطهي .. كانت تأكل فقط .. وفي اول يوم لي معهن رأيتها تمزج بيضتان نئيتان مع كوب حليب كبير وتجرعته على مره واحده ..
تأملتها وهي تنظر لي بسعادة بعد ان شربت الكوب وقد تكون شارب ابيض من بقايا الحليب على شفتها العلوية ..
قالت لي ببساطه : ده استفتاح بس ..
وسحبتني الى غرفتها حيث ارتني بفخر اثقال حديدية والعاب عقله ومشدات فيها زنبرك قوي لتقوية الصدر !!
*********************************** ****************
لم تشكل لي الدراسة في كندا صعوبه او تحدي من اي نوع .. لا جديد بالنسبة لي على الاقل .. كانت فرصه فقط لارى اماكن واشخاص جدد ..
وبصراحه اغاظني اصرار امي على السكنى مع عربيات .. واغاظني اكثر موافقة مشرفة الحرم الجامعي على طلبها ببساطه وبسرعه .. كنت اظن الغربيين بلا مشاعر .. القانون والنظام هو المقدس .. لكن قلق امي البادي وبعض الدموع جعلت السيدة الشاويش تلين وتضعني مع هؤلاء الفتيات مع تاكيدها بانها لم تخالف النظام او ضميرها..
*********************************** ****************
رأيت في فانكوفر اول فتاه حالقه زلبطه في حياتي .. ورأيت شباب يضعون الاقراط وظننت انهم مثليون ثم عرفت انها مجرد صرعه ..
زرت شواطيء فانكوفر الجميلة دون قدره على السباحة .. صحيح ان المياه هنا لا تتجمد مثل مناطق اخرى ولكن البرد كان قارص بالنسبة لمن اتت من القاهرة .. زرت اجزاء من غاباتها الشاسعه الغنيه باشجارها وحيواناتها البرية .. ثم المسارح المبهره ودور السينما والمنتزهات وملاعب الجولف الكبيرة والمصغره .. لا مجال للملل هنا فهي مدينة سياحية كبرى..
مشكلتي في فانكوفر لم تكن مشكلة صراع حضارات او صدمه حضارية .. مشكلتي كانت في الشقة التي اسكن فيها !!
*********************************** **************
لم يمر على شهر وفي احد الليالي اصابني الارق .. فكرت بالاتصال بامي ولكني خشيت من ازعاجها ..
ثم سمعت اصوات همهمه خارج غرفتي .. اعتقدت انها هادية تقوم بغزوه ليليه على الثلاجه .. وان هذه اصوات قضم وتمطق ..
ثم ميزت صوت شريفة وهي تقول بهمس : ليس الان ... انا تعبانه هذه الليله .. لنؤجل الامر للغد ..
وقف شعر رأسي .. هذه المجنونة تواعد شاب واتت به الى هنا .. لكن كيف دخل وافلت من "الشاويشه" عند مدخل المكان ؟!!
كان هذا الامر ممنوع تماماً في سنة 1994 في معظم الجامعات الامريكية والكندية .. لا دخول لشخص من جنس مخالف لمقر سكن الجنس الاخر داخل الحرم الجامعي حتى لو وافق والدي الفتاة !!
لم تطل حيرتي كثيراً عندما سمعت صوت نوف وهي ترد عليها وسط اصوات قبلات محمومه : اذاً غداً !!!
*********************************** ****************
كنت صغيره وحمقاء ولا اقدر ولا احترم خصوصيات غيري .. كانت لقائتهم تتم في غرفة شريفة دائماً ..
اصبحت تسليتي بالليل التسلل وسماع الاصوات التي تتسرب اثناء لقائتهم .. ضحكات مكتومه .. اهاااات ماجنه ... اصوات فرقعه تشبه فتح سدادات قوارير النبيذ (بلوووووب) وهذه كانت اكثر شيء يضحكني ويثير خيالي !!
كانت غرفة هادية امام غرفة شريفه تماماً وبسبب انهماكها في الاستذكار والرياضة والطعام كانت تنام مثل دب قطبي اثناء فترة سباته الشتويه .. لم تسمع شيء ولم تلاحظ شيء ..
ولاني حمقاء فقد اخبرتها بالامر وكنت اضع قناع من عسل النحل على وجهي وقتها .. ردت على بعد ان مدت اصبعها الى علبة العسل امامي واخذت لحسه : يا شيخه ما تقوليش كده ..
- زي ما بقولك
تظاهرت بالوجوم ومدت اصبعها واخذت لحسه اخرى من العسل .. ثم ظهر عليها تفكير عميق وقامت فجأه ..
توقعت انها ذاهبه لغرفة الفتيات .. ولكنها ذهبت للمطبخ وعادت بطبق وملعقه ورغيف خبز وصبت باقي برطمان العسل !!
*********************************** *******************
واصلت حماقتي واخبرت اخريات كنت اعرفهن بالكاد في الجامعه .. ظهر الاسف على البعض .. والتعجب على اخريات .. ونصحتني زميلة كندية بالا اتدخل في خصوصيات غيري ..
عندما عدت الى الشقه عصر ذلك اليوم بعد جولة في وسط المدينة وجدت مرجل بخاري على وشك الانفجار في انتظاري ..
لم تكن شريفه .. كانت نوف !!
كان الجميع هنا .. شريفه وهادية ونوف ..
جلست بهدوء وسألت عن نوعية الطعام اليوم ..
قالت نوف وفتحات انفها تكبر وتصغر والشرر يتطاير من عينيها : اسمعي يا صغيرة سمعت انكِ تتحدثين عني باشياء لا يجوز الخوض فيها ..
قلت وانا انظر لهادية بطرف عيني : من ابلغتك كاذبه ..
- لا ليست هي .. كثيرون ابلغوني .. يجب ان تعرفي شيء بوضوح .. اذا لم تكفي لسانك القذر عني فهناك واحده في هذا البيت ستعود لبلدها في صندوق ..
ثم اشارت لنفسها وقالت : اما انا .. ثم بتحدي وصرامه وغضب اشارت الي : او انتي ..
انتهى الكلام ..
*********************************** ***************
ساد الهدوء الشقة بعد ذلك ولكن اصبح هناك شرخ عميق .. لم نعد نتاول او نعد اطعمه مشتركة .. لا جلسات سمر .. لا خروج للتنزه ..
شريفه حاولت ان تكون طبيعية معي بدون ان تستثير نوف ..
هادية حافظت على مسافه واحده من الجميع ..
شعوري بالضيق بسبب ما فعلته جعلني ابيت بعض الليالي في غرفة صديقه سورية مقربه كانت تعرف كل شيء ..
*********************************** **************
مع اعياد الكريسماس سافرت نوف وهادية الى بلديهما استغلالاً لاجازة عيد الميلاد المقدسة هنا ..
بقيت انا وشريفه وحدنا في الشقه .. لا انا ولا هي لدينا امكانيات السفر ..
كنت اقضي معظم النهار اتسكع مع صديقات مقربات هنا وهناك واعود قبل موعد غلق الابواب لانام ..
في ذلك اليوم كنت جالسه انا وشريفه في غرفة المعيشه امام التلفزيون ..
كانت ترتدي بيجامه قطنيه من قطعتين ..
ثم لاحظت انها ليست طبيعيه (مش قاعده على بعضها) .. ورأيت يدها اليمني تتسلل بهدوء تحت بنطالها وقد باعدت بين رجليها ..
كانت تنظر الي وقد تركت التلفزيون تماماً ..
اشعلت انا سيجارة وتركت التلفزيون ونظرت اليها .. ثم الى يدها المدسوسة تحت البنطال ..
كانت مشاعري مختلطه تماماً بين القلق او التحفز للدفاع عن نفسي ..
قالت لي انني حلوه ورقيقه ..
رديت عليها بهدوء : انا لست مثل نوف يا شريفه واياكي ان تفكري في فعل شيء قد يقطع كل ما بيني وبينك الى الابد
سحبت يدها من البنطال ورأيت في وجهها نظرة انكسار .. لا حزن ولا خجل .. انكسار ..
بعد فترة صمت بسيطة قالت : انا لست كما تظنين .. هي من تسللت الي .. الواحده احياناً ممكن تتعرض لاغراءات وتعمل اشياء تندم عليها ..
لم اصدقها .. قمت وغادرت الشقه وبت ليلتي عند صديقتي السورية ..
*********************************** *******************
بعد عودة نوف وهادية عند انتهاء فترة اعياد الميلاد وفي نفس اليوم استدعتني مشرفة السكن وقالت بهدوء : سمعت عن وجود مشاكل بينكن لا يمكن السكوت عليها .. بدون الدخول في تفاصيل سيتم توزيعكن انتن الاربع في اربع شقق اخرى مع اخريات ..
ثم سحبت ورقه مطبوعه فيها تعهد بعدم التعرض بالقول على نوف او شريفه والا سيتم سحب جميع موادي الدراسية وانهاء فترة التبادل مع رفع تقرير بالامر الى جامعتي الاصلية في القاهرة ..
طلبت مني ان اخذ وقتي في قراءة التعهد كما اريد وان اعيده اليها موقع واذا لم افعل سيتم تطبيق العقوبات بشكل فوري بدون فرصه للاعتراض من جانبي ..
*********************************** ******************
وقعت التعهد وانتقلت كل واحده منا الى شقة اخرى ..
كنت ارى شريفة احياناً فنتبادل السلام بفتور وقد عرفت انها قطعت علاقتها تماماً بنوف ..
هاديه كانت اكثر وداً وكانت تأتي لزيارتي دائماً خصوصاً اذا سمعت عن اعداد طبق مصري شهي ..
اما نوف فلم ارها الا في نهاية الفصل الدراسي وان استعد لمغادرة كندا ..
رأيتها في مقهى صغير داخل الجامعه .. هذه اللحظات محفورة في ذاكرتي للان ..
توترت لما رأيتها وتقلص جسدي واصبحت عضلاتي مشدوده ومتحفزة .. ماذا ستفعل .. ماذا ستقول .. هل ستنظر لي بغضب وتذهب .. هل سترميني بكلمه او تهديد ؟!!!
ما فعلته اثار ذهولي حتى اللحظة : اهلاااااااااااااااااااً يا ..............
ثم احتضنتني وقبلتني في وجنتي .. سألت عن اخباري وعن الصحة وعن والدي وعن مصر .. ثم ودعتني وهي تطلب مني ان ازورها واودها (احنا بينا عيش وملح على قولتكم) ..
رغم شعوري بالارتياح الممزوج بالدهشه لما حدث الا انني شعرت انها صفعتني .. هي كبيرة وانا صغيرة .. هي متزنه وانا طائشه .. وكان هذا اخر عهدي بها ..
*********************************** ***************
لا اعرف اي شيء عن شريفه حتى اللحظة واحياناً اتسائل هل عادت الى بلادها ام بقيت هناك .. هل تزوجت ام اكملت طريقها مع اخرى ؟!!
هادية عادت لمصر .. تزوجت وانجبت .. وحتى الان لم تستطع ان تجيد فن الطهي وان لم تتوقف عن زيارتي هي وصغارها خصوصاً في تلك الايام العامرة بالطواجن !!
*********************************** ****************
احداث هذه القصة مبنية على اصل واقعي مع تغيير في الاسماء
اثناء دراستي الجامعية لاحت لي فرصة تبادل دراسي لمدة فصل دراسي واحد في واحده من الجامعات الكندية المرموقة في فانكوفر .. بعد اخذ وجذب وافق والداي ..
سافرت مع والدتي في خريف 1994 في رحلة طويله ومرهقه من القاهرة الى لندن واخيراً فانكوفر ..
كانت درجة الحرارة لطيفة في حدود العشرينات او ما دونها بقليل .. لم تتركني والدتي الا بعد ان اطمئنت على كل شيء ..
اتمام تسجيل المواد الدراسية ..
التامين الطبي ..
فتح حساب بنكي ..
مقر اقامتي في سكن الطالبات والذي اصرت امي ان يكون في غرفه مفرده ومع طالبات عربيات (وهذا الخيار كانت تتيحه الجامعه بشرط استخدام القرعه في توزيع الطالبات على الشقق) ..
ولم احتاج ملابس ثقيله فالطقس في فانكوفر الطف من باقي المدن الكندية التي تهبط فيها الحرارة شتاءً الى 17 تحت الضفر ..
فهنا وبالرغم من موقع المدينة في اقصى الشمال حيث لا يفصلها عن امريكا الا 40 كيلو فقط فالجو معتدل نسبياً ..
عندما غادرت امي كان شهر اكتوبر قد اقترب ودرجات الحرارة هبطت الى 13 درجه في المتوسط ..
/ (/ />
فانكوفر - كولومبيا البريطانية (كندا) 1994 تصوير Uwe Meyer
*********************************** **********************
كنت اسكن في شقة متوسطة الحجم داخل الحرم الجامعي مع ثلاث طالبات اخريات ..
شريفة وهي يمنية .. زرقاء العينين بنية الشعر شقراء البشرة .. ملامحها متناسقه باختصار جميله (عرفت منها فيما بعد ان شقرتها غير شائعه في اليمن الا في منطقة محددة سكانها من اصول تركية) وكانت تدرس الهندسه
نوف وهي سعودية ... سمراء حنطيه .. متوسطة الطول .. شعرها اسود كالح طويل للغاية .. وكانت تدرس الصيدلة
واخيراً هادية .. مصرية من المنصورة ملامحها الغير متناسقه هي خليط من ملامح الجنود الفرنسيين الذين استقروا في مصر بعد فشل حملتهم ومن تزوجوهم من المصريات .. شعر اشقر خشن منفوش وانف رفيع ونمش على الوجه .. وكانت تدرس طرق تدريس اللغة الانجليزية لغير الناطقين بها ..
*********************************** **************
شريفة ونوف وهادية سبقوني بالاقامة معاً منذ عام كامل .. كنت انا الجديدة اذاً ..
شقتنا كانت في طابق منفصل خاص بطالبات مرحلة البكالوريوس .. شقة مكون من اربع غرف وصالة معيشة وحمام صغير ومطبخ اصغر ..
اعطتني الزميلات اسوء غرفه في الشقه .. او هي ما تبقت على اي حال .. غرفه صغيره الى جوار الباب وامامها المطبخ .. مفروشه بالموكيت وهناك مدفئه مثبته في الحائط تحت النافذه .. وسرير صغير .. ومكتب .. ودولاب ملابس من البلاستيك الذي يكسو هيكل معدني (لا اعتقد ان احد رأه من قبل !!)
/ (/ />
وضعت بعض اللمسات في غرفتي لاجعلها افضل .. ركبت ستاره على النافذه واشتريت فازه زهور وملائات للسرير وراديو كاسيت ..
*********************************** ****************
اخبرتني الزميلات ان الطعام سيئ هنا وانهن يطهين الطعام بانفسهن في الشقه ..
كانت فرصه لاجرب اطعمة جديدة فعرفت الكبسه من نوف (وهي ارز باللحم او الدجاج) والصيادية وهي ارز بالسمك .. كان كل طعام نوف يجب ان يكون فيه ارز وهو مختلف عن الارز المصري .. ارز هندي طويل هش وخفيف .. ثم تضع عليه لوز او صنوبر وزبيب ..
/ (/ /> الكبسة
طعام شريفه كان مثل الطعام المصري تقريباً .. الخضار اساسي ولكن المشكلة انها كانت تضع فيه "الحلبه" .. ضاجن فخاري اتت به من اليمن تضع فيه الخضروات واللحم وتصب عليه الحلبه .. وعرفت ان اسم هذا الطعام "السلته" .. وهناك اللحوح باللحم او العسل وحلوى لم استسغها اسمها بنت الصحن ..
/ (/ /> السلته
اما هاديه فلم تكن تجيد الطهي .. كانت تأكل فقط .. وفي اول يوم لي معهن رأيتها تمزج بيضتان نئيتان مع كوب حليب كبير وتجرعته على مره واحده ..
تأملتها وهي تنظر لي بسعادة بعد ان شربت الكوب وقد تكون شارب ابيض من بقايا الحليب على شفتها العلوية ..
قالت لي ببساطه : ده استفتاح بس ..
وسحبتني الى غرفتها حيث ارتني بفخر اثقال حديدية والعاب عقله ومشدات فيها زنبرك قوي لتقوية الصدر !!
*********************************** ****************
لم تشكل لي الدراسة في كندا صعوبه او تحدي من اي نوع .. لا جديد بالنسبة لي على الاقل .. كانت فرصه فقط لارى اماكن واشخاص جدد ..
وبصراحه اغاظني اصرار امي على السكنى مع عربيات .. واغاظني اكثر موافقة مشرفة الحرم الجامعي على طلبها ببساطه وبسرعه .. كنت اظن الغربيين بلا مشاعر .. القانون والنظام هو المقدس .. لكن قلق امي البادي وبعض الدموع جعلت السيدة الشاويش تلين وتضعني مع هؤلاء الفتيات مع تاكيدها بانها لم تخالف النظام او ضميرها..
*********************************** ****************
رأيت في فانكوفر اول فتاه حالقه زلبطه في حياتي .. ورأيت شباب يضعون الاقراط وظننت انهم مثليون ثم عرفت انها مجرد صرعه ..
زرت شواطيء فانكوفر الجميلة دون قدره على السباحة .. صحيح ان المياه هنا لا تتجمد مثل مناطق اخرى ولكن البرد كان قارص بالنسبة لمن اتت من القاهرة .. زرت اجزاء من غاباتها الشاسعه الغنيه باشجارها وحيواناتها البرية .. ثم المسارح المبهره ودور السينما والمنتزهات وملاعب الجولف الكبيرة والمصغره .. لا مجال للملل هنا فهي مدينة سياحية كبرى..
مشكلتي في فانكوفر لم تكن مشكلة صراع حضارات او صدمه حضارية .. مشكلتي كانت في الشقة التي اسكن فيها !!
*********************************** **************
لم يمر على شهر وفي احد الليالي اصابني الارق .. فكرت بالاتصال بامي ولكني خشيت من ازعاجها ..
ثم سمعت اصوات همهمه خارج غرفتي .. اعتقدت انها هادية تقوم بغزوه ليليه على الثلاجه .. وان هذه اصوات قضم وتمطق ..
ثم ميزت صوت شريفة وهي تقول بهمس : ليس الان ... انا تعبانه هذه الليله .. لنؤجل الامر للغد ..
وقف شعر رأسي .. هذه المجنونة تواعد شاب واتت به الى هنا .. لكن كيف دخل وافلت من "الشاويشه" عند مدخل المكان ؟!!
كان هذا الامر ممنوع تماماً في سنة 1994 في معظم الجامعات الامريكية والكندية .. لا دخول لشخص من جنس مخالف لمقر سكن الجنس الاخر داخل الحرم الجامعي حتى لو وافق والدي الفتاة !!
لم تطل حيرتي كثيراً عندما سمعت صوت نوف وهي ترد عليها وسط اصوات قبلات محمومه : اذاً غداً !!!
*********************************** ****************
كنت صغيره وحمقاء ولا اقدر ولا احترم خصوصيات غيري .. كانت لقائتهم تتم في غرفة شريفة دائماً ..
اصبحت تسليتي بالليل التسلل وسماع الاصوات التي تتسرب اثناء لقائتهم .. ضحكات مكتومه .. اهاااات ماجنه ... اصوات فرقعه تشبه فتح سدادات قوارير النبيذ (بلوووووب) وهذه كانت اكثر شيء يضحكني ويثير خيالي !!
كانت غرفة هادية امام غرفة شريفه تماماً وبسبب انهماكها في الاستذكار والرياضة والطعام كانت تنام مثل دب قطبي اثناء فترة سباته الشتويه .. لم تسمع شيء ولم تلاحظ شيء ..
ولاني حمقاء فقد اخبرتها بالامر وكنت اضع قناع من عسل النحل على وجهي وقتها .. ردت على بعد ان مدت اصبعها الى علبة العسل امامي واخذت لحسه : يا شيخه ما تقوليش كده ..
- زي ما بقولك
تظاهرت بالوجوم ومدت اصبعها واخذت لحسه اخرى من العسل .. ثم ظهر عليها تفكير عميق وقامت فجأه ..
توقعت انها ذاهبه لغرفة الفتيات .. ولكنها ذهبت للمطبخ وعادت بطبق وملعقه ورغيف خبز وصبت باقي برطمان العسل !!
*********************************** *******************
واصلت حماقتي واخبرت اخريات كنت اعرفهن بالكاد في الجامعه .. ظهر الاسف على البعض .. والتعجب على اخريات .. ونصحتني زميلة كندية بالا اتدخل في خصوصيات غيري ..
عندما عدت الى الشقه عصر ذلك اليوم بعد جولة في وسط المدينة وجدت مرجل بخاري على وشك الانفجار في انتظاري ..
لم تكن شريفه .. كانت نوف !!
كان الجميع هنا .. شريفه وهادية ونوف ..
جلست بهدوء وسألت عن نوعية الطعام اليوم ..
قالت نوف وفتحات انفها تكبر وتصغر والشرر يتطاير من عينيها : اسمعي يا صغيرة سمعت انكِ تتحدثين عني باشياء لا يجوز الخوض فيها ..
قلت وانا انظر لهادية بطرف عيني : من ابلغتك كاذبه ..
- لا ليست هي .. كثيرون ابلغوني .. يجب ان تعرفي شيء بوضوح .. اذا لم تكفي لسانك القذر عني فهناك واحده في هذا البيت ستعود لبلدها في صندوق ..
ثم اشارت لنفسها وقالت : اما انا .. ثم بتحدي وصرامه وغضب اشارت الي : او انتي ..
انتهى الكلام ..
*********************************** ***************
ساد الهدوء الشقة بعد ذلك ولكن اصبح هناك شرخ عميق .. لم نعد نتاول او نعد اطعمه مشتركة .. لا جلسات سمر .. لا خروج للتنزه ..
شريفه حاولت ان تكون طبيعية معي بدون ان تستثير نوف ..
هادية حافظت على مسافه واحده من الجميع ..
شعوري بالضيق بسبب ما فعلته جعلني ابيت بعض الليالي في غرفة صديقه سورية مقربه كانت تعرف كل شيء ..
*********************************** **************
مع اعياد الكريسماس سافرت نوف وهادية الى بلديهما استغلالاً لاجازة عيد الميلاد المقدسة هنا ..
بقيت انا وشريفه وحدنا في الشقه .. لا انا ولا هي لدينا امكانيات السفر ..
كنت اقضي معظم النهار اتسكع مع صديقات مقربات هنا وهناك واعود قبل موعد غلق الابواب لانام ..
في ذلك اليوم كنت جالسه انا وشريفه في غرفة المعيشه امام التلفزيون ..
كانت ترتدي بيجامه قطنيه من قطعتين ..
ثم لاحظت انها ليست طبيعيه (مش قاعده على بعضها) .. ورأيت يدها اليمني تتسلل بهدوء تحت بنطالها وقد باعدت بين رجليها ..
كانت تنظر الي وقد تركت التلفزيون تماماً ..
اشعلت انا سيجارة وتركت التلفزيون ونظرت اليها .. ثم الى يدها المدسوسة تحت البنطال ..
كانت مشاعري مختلطه تماماً بين القلق او التحفز للدفاع عن نفسي ..
قالت لي انني حلوه ورقيقه ..
رديت عليها بهدوء : انا لست مثل نوف يا شريفه واياكي ان تفكري في فعل شيء قد يقطع كل ما بيني وبينك الى الابد
سحبت يدها من البنطال ورأيت في وجهها نظرة انكسار .. لا حزن ولا خجل .. انكسار ..
بعد فترة صمت بسيطة قالت : انا لست كما تظنين .. هي من تسللت الي .. الواحده احياناً ممكن تتعرض لاغراءات وتعمل اشياء تندم عليها ..
لم اصدقها .. قمت وغادرت الشقه وبت ليلتي عند صديقتي السورية ..
*********************************** *******************
بعد عودة نوف وهادية عند انتهاء فترة اعياد الميلاد وفي نفس اليوم استدعتني مشرفة السكن وقالت بهدوء : سمعت عن وجود مشاكل بينكن لا يمكن السكوت عليها .. بدون الدخول في تفاصيل سيتم توزيعكن انتن الاربع في اربع شقق اخرى مع اخريات ..
ثم سحبت ورقه مطبوعه فيها تعهد بعدم التعرض بالقول على نوف او شريفه والا سيتم سحب جميع موادي الدراسية وانهاء فترة التبادل مع رفع تقرير بالامر الى جامعتي الاصلية في القاهرة ..
طلبت مني ان اخذ وقتي في قراءة التعهد كما اريد وان اعيده اليها موقع واذا لم افعل سيتم تطبيق العقوبات بشكل فوري بدون فرصه للاعتراض من جانبي ..
*********************************** ******************
وقعت التعهد وانتقلت كل واحده منا الى شقة اخرى ..
كنت ارى شريفة احياناً فنتبادل السلام بفتور وقد عرفت انها قطعت علاقتها تماماً بنوف ..
هاديه كانت اكثر وداً وكانت تأتي لزيارتي دائماً خصوصاً اذا سمعت عن اعداد طبق مصري شهي ..
اما نوف فلم ارها الا في نهاية الفصل الدراسي وان استعد لمغادرة كندا ..
رأيتها في مقهى صغير داخل الجامعه .. هذه اللحظات محفورة في ذاكرتي للان ..
توترت لما رأيتها وتقلص جسدي واصبحت عضلاتي مشدوده ومتحفزة .. ماذا ستفعل .. ماذا ستقول .. هل ستنظر لي بغضب وتذهب .. هل سترميني بكلمه او تهديد ؟!!!
ما فعلته اثار ذهولي حتى اللحظة : اهلاااااااااااااااااااً يا ..............
ثم احتضنتني وقبلتني في وجنتي .. سألت عن اخباري وعن الصحة وعن والدي وعن مصر .. ثم ودعتني وهي تطلب مني ان ازورها واودها (احنا بينا عيش وملح على قولتكم) ..
رغم شعوري بالارتياح الممزوج بالدهشه لما حدث الا انني شعرت انها صفعتني .. هي كبيرة وانا صغيرة .. هي متزنه وانا طائشه .. وكان هذا اخر عهدي بها ..
*********************************** ***************
لا اعرف اي شيء عن شريفه حتى اللحظة واحياناً اتسائل هل عادت الى بلادها ام بقيت هناك .. هل تزوجت ام اكملت طريقها مع اخرى ؟!!
هادية عادت لمصر .. تزوجت وانجبت .. وحتى الان لم تستطع ان تجيد فن الطهي وان لم تتوقف عن زيارتي هي وصغارها خصوصاً في تلك الايام العامرة بالطواجن !!
*********************************** ****************