Mr/nano
11-10-2019, 10:53 PM
" أحيانا تدفعنا عبثية الحياة دفعا لإتخاذ قرارات مصيرية تغير نهج حياتنا،* في حين أن كل ما يتطلبه الموقف ليمر بسلام هو التصرف بحرفية من إعتاد لهو الحياة ومجونها،* ولا يستطيع بمقدورنا التراجع أبدا،* فنصبح كسفينة يحدث على سطحها تمرد بينما الأمواج حولها هادئة والرياح مستكينة،* فتبدوا لمن بالخارج ساكنة مستسلمة لمداعبة الطبيعة بينما داخلها يموج بالصراع...
كل ما علينا فعله هو الإلتزام بقواعد الروتين وعدم الإنصياع للقرارات اللاهية ".
أنا* "* مريم* " فتاة قررت كسر التابوه المكرر لإنصياع المرأة للتقاليد الكسيحة والأعراف الواهية،* واتخذت لنفسي من الإستقلالية خليل يضاجع مفاهيمي ليتفتق رحم واقعي عن نتاج تلك العلاقة منجبا للمستقبل أبناءا والدهم الإستقلال ووالدتهم قراراتي المدروسة مسبقا...
أنا فتاة قررت أن تنتهج نهجا عصاميا في مجتمع نخر لحمه الفساد كاشفا عظامه للذباب...
- " مريم " الغدا جاهز يا حبيبتي.
طرق أذني صوت " أمي " معلنا إنتهاء فترة إختلائي بكتبي وها أنا ألبي نداء إستغاثة معدتي بالنزول إلا طاولة الغداء التي تضم أسرتي الحبيبة بجميع أفرادها المتشابهين المختلفين...
يجمعهم الحب وتفرقهم الشخصيات...
والدي " كمال الدين " رئيس تحرير أحد الجرائد المشهورة- أحد أولئك الصحفيين الذين يكرهون الأضواء- الجميع يعرف قلمه ولكن يجهلون وجهه قضى حياته محاربا للفساد بكل وجوهه...
في بداية حياته عندما كان في سن الخامسة بعد العقد الثاني من حياته سافر وزوجته إلى اوروبا مهاجرا من بطش النظام في بلادي بعد أن زاعت مقالاته اللازعة وأفكاره المتحررة وأراؤه السياسية في وطن حرم أبناؤه حتى حق التنفس بطريقة غير التي لقنوها لهم في المدارس، عاش متنقلا في أوروبا يكتب مقالاته باللغتين الإنجليزية والفرنسية التي أجادهما كالعربية لغته الأم ولاقى هناك النجاح المتوقع لعقل بارع كعقله وشخصية كشخصيته وهناك أنجب أول أطفاله، ثم عاد إلى وطنه بعد أن ظن هدوء الأحوال واستقرارها، كان أكبرنا يبلغ حينها الرابعة عشر، عاد وهو يردد أن الوطن يحتاج من يساعد في بناؤه بعد أن صار قاعا صفصفا، وهكذا أصبحنا جزءا من ثقافتين مختلفتين وكما حملنا الوطن بداخلنا ونحن في أوروبا، حملنا اوروبا بأكملها داخلنا ونحن نضع أولى أقدامنا بأرض الوطن القديم الجديد، قديم بداخلنا وجديد على عقولنا ...
وأمي " أمال " ربة منزل ورفيقة كمال الدين في الكفاح كانت معلمة للغة العربية فيما مضى ولكن قررت الاستقالة والتفرغ لتربيتنا وزرع قيم العرب بداخلنا، وهذا ما جعلنا نحمل داخلنا بذرة وطن لم نراه...
أخي الأكبر مني بعامين " وائل " طالب في كلية الهندسة أعتاد الرسوب بطريقة فريدة من نوعها،* حيث أنه يبهرنا بفشله في كل مرة...
أخي الأصغر مني بسبع أعوام " جلال " كل ما أستطيع قوله أنه أغنى أغنياء البيت- من حقه آخر العنقود- وأنا سبق وأن عرفتكم بنفسي " مريم " عمري الآن 25 طبيبة نفسية حديثة التخرج...
جلس خمستنا لتناول الطعام الذي لا يخلو من المشاحنات بين الجميع...
- انتي وعدتيني هتاخديني معاك العيادة يا" مريم ".
قالها جلال وفمه يمتلئ بالطعام،* ليرد عليه"* وائل " الرد المعتاد وهو يملئ فمه بالطعام...
- قلتلك ميت مره متتكلمش وبقك فيه أكل.
لينفجر الجميع ضاحكا،* بينما يصبح وجه " وائل " ك****ب،* حقا هناك شيئا خاطئا،* بينما يؤدي " وائل " دور الأخ الأكبر " الناضج " لا ينتبه إلا طبيعة شخصيته العبثية،* فيتصرف كأنه أحد الشخصيات الكارتونية المضحكة...
فتجده يوزع النصائح هنا وهناك وجميعنا يرى أنه من يحتاج للنصح بحق.
أحببت هذا الجو الأسري الذي يجمع عائلتنا الصغيرة،* ولكن رغم كل هذا كنت أحب أن أعيش تجربة الاستقلال كما في أوروبا ، التجربة التي لا يمنحها مجتمعنا الحالي إلا للرجال...
فهنا نحن- النساء- كالمزهريات التعليم والثقافة والجمال والأدب كلها كالزينة على وجه تلك الزهرية البائسة حتى إذا وضعوها في مكان فهي تجمله كباقي الأشياء، سواء كانت لوحة أو ستارة أو أريكة عثمانلية مزركشة أو حتى سجادة...
لحسن حظي انني ولدت لأب مثقف متحرر وولدت في بلاد تدرس بها جميع أنواع الحريات ، منحانا الحرية في كل اختياراتنا، نوع التعليم والعمل وحتى الزواج فعلى الرغم من " زن " والدتي المتواصل إلا انني أحبطت كل محاولاتها في إقناعي، فهي تريدني نسخة منها متعلمة تزوجت من ابن صديق والدها في سن لا أتصور أن أحد قادر على تحمل المسؤلية فيه، فبمجرد أن أنهت تعليمها تزوجت وبعدها بعامين سافرت إلى أوروبا بصحبة زوجها الهارب ...
حسنا لقد منحها القدر رمية أخرى لكي لا تصير " مزهرية " أخري، وتبدأ ببناء كيان خاص بها فأتقنت الإنجليزية وصارت مدرسة للغة العربية هناك، لماذا إذن لا تريد إعطائي تلك الفرصة؟، ودائما ما تقول تزوجي وبعدها اصنعي ما شئتي...
إنني وببساطة رافضة من الزواج من شخص لا يناسبني فكريا لمجرد أنه " لقطة ومناسب لوضعنا الاجتماعي "، أو لمجرد انني خائفة من" قطار الزواج هيفوتك "، انني رافضة لأي شئ يصنع مني" مزهرية " أخرى كباقي المزهريات...
لن أتزوج حتى أشارك زوجي في كل شئ،* فكره، وبيته،* وماله،* واهتماماته،* وكل شئ حرفيا، فأنا لا أريد أن ينفق أحدهم أجمل أيام حياته ليجني المال ويشيد لي قصرا من تعبه وكد لياليه لأصبح أحد مزهرياته يوما ما، سأظن أنه اشتراني وسيظن أنه امتلكني...
وللأسف جميع الفتيات هنا يخضعن لهذا القص الجائر للحرية، لدرجة أنهن أصبحن كسولات وأنانيات، لا يعملن وينتظرن الزواج وإذا عملت لا تشارك خطيبها في بناء البيت أو في أي شئ، وتنتظر منه أن يفعل كل شئ وكأنه خرج من مصباح علاء الدين رأسا إلى يديها ليحقق لها أحلاما كان ينبغي عليها أن تحققها بنفسها...
أظن أن حياتي ستكون بلا معنى حتى أستقل بها وهذا ما سأقنع والدي به...
ومن حسن حظي أن والدي اشترى لي شقة واسعة في المدينة لأجعل فيها عيادتي، فسأقنعه أن أستقل بحياتي هناك في المدينة حيث الصخب ولا وجود للنوم، وحيث المرضى النفسيين في كل مكان سيتهافتون على خدماتي...
الجزء الثاني ' سودوي '
********
مرت ثلاثة أيام على حياتي الجديدة في شقة وعيادة الدكتورة النفسية "مريم كمال الدين" رتبت فيها أغراضي وديكور عالمي الجديد ونسقت فيها مع نفسي خطة سير رحلتي نحو الاستقلال...
ثلاثة أيام كانت والدتي تهاتفني كل ساعة تقريبا، أنا أقدر قلقها كأم، ولكن هذا حلمي الذي حلمت بتحقيقه...
ثلاثة أيام خرجت منها بعدة قواعد وقوانين...
أولا:- مراعاة الميزانية، لا تسوق إلا مرة أسبوعيا...
ثانيا:- يجب أن أجد عملا مؤقتا في الصباح...
ثالثا:- العيادة لا تفتح إلا بعد الخامسة مساءا، وتغلق في العاشرة...
رابعا:- لا خروج من المنزل بعد العاشرة...
خامسا:- اممممم، لا يوجد خامسا
وفي ظرف أسبوع فقط كنت قد وجدت عملا كمحررة في جريدة انشر مقالاتي بها تحت اسم مستعار ، وكنت قد علقت ملصقات للإعلان عن عيادتي الصغيرة وأعلنت عنها على مواقع التواصل الاجتماعي، وحتى في الجريدة التي أعمل بها بالمراسلة وكلفني هذا ثروة صغيرة كنت في حاجة اليها...
مرت الحياة رتيبة في أول شهر، لم أتلقى أي مكالمة من مريض يحتاج لخبراتي العملاقة، ولم يزر عيادتي النفسية إلا شخص واحد، والدي الذي جاء ليطمئن على حياتي واقترح عليا أن أقدم على الماجستير وأكمل دراساتي العليا وهو طبعا من سيدفع المصاريف، فأنا وكما تعلمون أصبحت فقيرة الآن...
وهكذا عدت إلى الجامعة مرة أخرى مستعينة ببعض الأموال- على سبيل الاقتراض- من والدي...
استمرت حياتي على هذا الحال أكثر من سنة، حصلت فيها على الماجستير وعلى شهرة كبيرة في عالم الصحافة من خلال اسمي المستعار "جيداء" والجزء المبهج في سلسلة نجاحاتي هو عيادتي الجديدة، تبعد عن شقتي وعيادتي القديمة مقدار ربع ساعة بالسيارة، هذا مفيد للخصوصية بعض الشئ، فمن غير المقبول أن أعيش في نفس مكان العمل...
طرقت الممرضة الباب برفق لتعلن قدوم " زبون "...
ودعوني أصارحكم بأن العيادات النفسية عموما، روادها ليسوا كثرا، فهنا يعتبر الجميع ان العلاج النفسي نوع من الترف، ومن لا يراه كذلك يكابر ولا يعترف انه محتاج للعلاج، فبرغم ما حققته من نجاح إلا أن عيادتي روادها معدودين على الأصابع...
على كل حال، دخل " زبوني " الوحيد لهذا اليوم إلى غرفة الكشف لأرى أمامي شابا في الثلاثين من عمره بحد أقصى طويل القامة يكاد طوله يصل لأكثر من مائة وثمانين سنتيمترا، وهو ما يبدو لي عملاقا نظرا لقصر قامتي التي تبلغ مائة وخمس وخمسين سنتيمترا و يلبس بدلة سوداء على قميص أبيض ترتعش شفتاه من حين إلى آخر مما يدل على شدة توتره...
طلبت منه التفضل بالإسترخاء في أي مكان يراه مناسبا ليتخذ من " الشيزلونج " مستقرا له ممدا عليها...
حسسته على الكلام لينطق أول كلماته بلغة عربية فصحى...
- هل تسمحين بتدخين السجائر؟!
- أي شئ يجعلك مرتاحا...
أخرج سجائره التي تبدو من النوع الرخيص ولا تتناسب مع مظهره الدال على مدى ارستقراطيته، وامسكت ورقة بياناته التي أحضرتها الممرضة...
- محمود عيسى، إثنان وثلاثون عام... احكيلي ايه اللي مضايقك؟!
- ومين قال ان انا متضايق
- طيب إيه سبب مجيتك عندي؟؟
انهى نصف علبة سجائره تقريبا، ياله من مدخن شره، ولم تغره أسألتي أن ينطق بحرف واحد مما دفعه للمجئ لعيادتي، ورغم هذا لم أشعر بالملل وحاولت مرارا وتكرارا دون فائدة...
ولكن جذبتني إليه طريقته المسرحية في تدخين السجائر، ينظر إليها، يفركها بين إصبعيه كأنه يحتضنها، ويقربها ببطئ حتى تصل إلى شفاهه وكأنه يقبلها، جعلني أتمنى لو كنت سيجارة بين شفتيه...
تأملته على نحو أثار تعجبي حتى فاجأني بنظرة إلى عيني وكأنه قرأ كل شئ فكرت فيه، ارتبكت، ارتعشت أوصالي، لا ينبغي ان أرتبك فأنا الطبيبة لا هو، هو ليس الزبون الأول ولن يكون الأخير، ولكنه مختلف...
لا يجب أن يكون موقفي ضعيفا هكذا، وقف على قدميه واقترب مني ولم أجرؤ على إخراج حرف يتيم، كأن الأبجدية تخاصم شفاهي، مال بجزعه ليعبر نصفه العلوي مكتبا كان يفصلنا، وصلت شفتاه إلى أذني هامستا...
- " انا مفلس ليس لدي مال... للاسف لن يمكنني دفع حق الجلسة ".
قالها واعتدل بجسده واقفا يعدل ملابسه بطريقة تشبه برنسات العصر القديم وكأنه " أحمد مظهر " في فيلم " الأيدي الناعمة"، فلم يكن مني إلا أن جاوبته مبهورة بوسامته الفائقة
- لا عليك.
- اممممم... ولكن يمكنني أن أكون سائقك الخاص غدا بدلا من دفع نقودا لا أمتلكها.
- ولكن ليس لدي سيارة.
- أنا لدي واحدة.
ولكن ما الذي يجعله مختلفا، سأفقد عقلي، وعملي قريبا...
لا يجب أن يكون هناك أي نوع من المشاعر بيني وبين مرضاي ، لماذا وافقته وانا لا أحتاج لسائق ، أريد أن أراه كرة أخرى ...
دخل مريض آخر مع الممرضة ولم انتبه لها الا بعد أن وضعت بيانات المريض أمامي – الذي بدى عليه علامات القلق كأنه يواجه وحشا حقيقيا بالخارج – لم يحتج أي كلمات مني ليبدأ بقص قصة حياته أمامي ...
' انا 'رامز' عمري أربعون عاما مدير شركة ال.... المعروفة ، تزوجت في سن الخامسة والثلاثين لم يكن لي أي علاقات جنسية أو صداقة من الجنس الآخر ، كل ما كان يشغل رأسي هو العمل ... فقط العمل ومع مرور الأعوام نصحني أصدقائي بالزواج ، فأنا مليونير صغير ووسيم وسأحتاج من يرث بعدي كل ثروتي وحتى بعض وسامتي ...
ترددت كثيرا فأنا لم أقع في الحب من قبل ولا أريد أن أكون خائنا أو زير نساء لمجرد أنني تسرعت بالزواج من إحداهن دون الرجوع لقلبي بحثت عن المناسبة لما يزيد عن خمس سنوات كاملة ، لا أستمر في علاقة أكثر من أسبوعين ، فقلبي على ما يبدو لم يعد مهتما ...
وأخيرا وصلت لسن الخامسة والثلاثين وقررت أن هذا العام لن يمر إلا وأنا متزوج ، وما دام قلبي أهمل المهمة الوحيدة الموكلة إليه ، سأحول الأوراق حالا تحت إدارة عقلي الذري الذي أكسبني على مر السنوات الملايين من الدولارات ...
فمن مطبعة صغيرة ورثتها عن والدي أصبح لدي شركة عملاقة تدير العديد من المصانع المختلفة ، لا أظن عقلا كعقلي سيفشل في مهمة ضئيلة كهذه ...
وفعلا في أقل من شهر كنت متزوجا من ابنة الوزير ...... اسمها 'سوسن' زواج ممتاز من الزوجة المثالية ، سلطة وجمال وتعليم فائق وتربية قيمة تتفق مع قيمي ونزاهتي حقا أجاد عقلي الإختيار زواج او فلنقل 'صفقة' تخدم جميع طموحاتي ...
صفقة العمر ...
في أسبوع زواجنا الأول سافرنا إلى فرنسا ، لم نكن نغادر الفراش شعرت أن قلبي انتعش أخيرا ولكن سرعان ما انخمد كل شئ أنا أريد العودة إلى العمل فأنا لم اتغيب كل هذه المدة عن العمل الذي أعشقه ، ولكن ... هذا هو شهر العسل ، لن يُسَّروا أهلنا بعودتنا مبكرا فالجميع متوقع ان الشهر سيجذب في ذيله أشهرا ...
بدأت أشعر بالملل ، زوجتي تحبني وهي جميلة تطلبني كل يوم في الفراش وأنا أؤدي الخدمة مثلما يفعل جندي في الجيش تم تجنيده إجباريا مكرها أخاك لا بطل ...
شفتاها الحمراوتان لا تغريانني وهي تقترب مني صاهرتا كل ما يلامسها من هواء ، فيغلي الجو وتفور براكين الدنيا ويتحول كل شئ إلى لهب – إلا أنا – ذلك البائس الذي يبدو أنه لن يرى السعادة مطلقا ...
لسانها الصغير يدخل إلى فمي مستكشفا وغازيا فيقابل لساني المرتخي – كباقي أعضائي – يسلم عليه فلا يرد التحية ، هي تريد إثارتي ، والحق يقال انها تثير الحجر والطير ولكن لم تستطع إثارة ذاك الشئ المتخازل تحتي ، امسكت يدي توجهها إلى ثديها الذي يطلب الإسعاف ، الشغف غير موجود ، فتوقفت عما تفعل لتسألني ...
- حبيبي ... في حاجة ؟؟
أجبتها وعيني تتفحص ذاك الثوب الشفاف الذي لا يكاد يستر ملحمة جسدها ...
- مش عارف ، مش حاسس !.
- ممكن إرهاق يا قلبي متتعبش نفسك .
قبلت جبهتي قبلة بلون الأم الحنون ، والغريب اني لم أشعر بالضيق أو بالأسف ....
ومر شهر العسل على هذا النحو ، عدنا إلى بيتنا وعدت إلى عملي وتوالت الأشهر على نفس النحو لا أقربها ، أصبحت مزاجيا وأي شئ قادر على إثارة غضبي ، وأصبحت المسكينة حزينة تندب حظها ، تزوجت رجلا وسيما ويملك بحارا من المال وهي تملك بحارا بل محيطات من الجمال ومع هذا لا تشعر بالراحة أو السعادة ...
إستشرت صديقي 'سعيد' ، الذي هدأني وقال بكل بساطة أنه شئ طبيعي أكيد هي لم تعد تهتم بنفسها كأول إسبوع من الزواج ، وهذا ما نفرك منها ...
- سعيد ... لابد انك تمزح يا صديقي ، زوجتي قادرة على إثارة كاهن في الثمانين من عمره إذا خرجت عليه بخمار كامل ، انها مثال حي للفتنة ، المشكلة بداخلي يا صديقي ، المشكلة هنا بقلبي الذي يرفض أن يحب كأي شخص طبيعي .
- أنا عارف مشكلتك إيه ، انت محتاج تفرفش يا بوب ، انت تسيبلي نفسك وانا هخليك ترجع البيت زي الحصان .
وبعد الكثير الكثير من الإلحاح وافقت على دعوة صديقي إلى بار خاص لا يدخله إلا أصحاب الملايين ، جنة الأرض كما يصفها صاحبي ، وكانت هذه اول مرة أدخل فيها بار أو أشرب فيها الكحول او الحشيش .
مع أول خطوة خطيت فيها داخل البار تنبه عقلي لشئ محوري سيحدث الليلة ، وهذا ما حدث عندما رأيت لولا ...'
- مهلا أنا لم تذهب لأي طبيب أمراض ذكورة ؟!
- كنت مستبعد هذا الخيار تماما أيتها الطبيبة ، فأنا أشعر أنني طبيعي فقضيبي ينتصب لرؤية الفاتنات أمثالك وعذرا لقباحة لفظي .
- لا عليك ... ولكن أنا أنصحك برؤية الطبيب ، فأنا لا أرى إنتصاب قضيبك على الفاتنات أمثالي شيئا طبيعيا وأنت لا تستطيع حتى مضاجعة زوجتك الفاتنة كما تصفها ، هذا مئة في المئة مرض نفسي ولكني أفضل أن تزور طبيبا لأمراض الذكورة وتعطيني نتائج الفحص لأقرر حالتك من خلالها .
- للأسف لقد فات الأوان .
- لماذا ؟!
- استمعي لباقي القصة وستعرفين .
*******
نهاية الجزء الثاني وآسف على التأخير
كل ما علينا فعله هو الإلتزام بقواعد الروتين وعدم الإنصياع للقرارات اللاهية ".
أنا* "* مريم* " فتاة قررت كسر التابوه المكرر لإنصياع المرأة للتقاليد الكسيحة والأعراف الواهية،* واتخذت لنفسي من الإستقلالية خليل يضاجع مفاهيمي ليتفتق رحم واقعي عن نتاج تلك العلاقة منجبا للمستقبل أبناءا والدهم الإستقلال ووالدتهم قراراتي المدروسة مسبقا...
أنا فتاة قررت أن تنتهج نهجا عصاميا في مجتمع نخر لحمه الفساد كاشفا عظامه للذباب...
- " مريم " الغدا جاهز يا حبيبتي.
طرق أذني صوت " أمي " معلنا إنتهاء فترة إختلائي بكتبي وها أنا ألبي نداء إستغاثة معدتي بالنزول إلا طاولة الغداء التي تضم أسرتي الحبيبة بجميع أفرادها المتشابهين المختلفين...
يجمعهم الحب وتفرقهم الشخصيات...
والدي " كمال الدين " رئيس تحرير أحد الجرائد المشهورة- أحد أولئك الصحفيين الذين يكرهون الأضواء- الجميع يعرف قلمه ولكن يجهلون وجهه قضى حياته محاربا للفساد بكل وجوهه...
في بداية حياته عندما كان في سن الخامسة بعد العقد الثاني من حياته سافر وزوجته إلى اوروبا مهاجرا من بطش النظام في بلادي بعد أن زاعت مقالاته اللازعة وأفكاره المتحررة وأراؤه السياسية في وطن حرم أبناؤه حتى حق التنفس بطريقة غير التي لقنوها لهم في المدارس، عاش متنقلا في أوروبا يكتب مقالاته باللغتين الإنجليزية والفرنسية التي أجادهما كالعربية لغته الأم ولاقى هناك النجاح المتوقع لعقل بارع كعقله وشخصية كشخصيته وهناك أنجب أول أطفاله، ثم عاد إلى وطنه بعد أن ظن هدوء الأحوال واستقرارها، كان أكبرنا يبلغ حينها الرابعة عشر، عاد وهو يردد أن الوطن يحتاج من يساعد في بناؤه بعد أن صار قاعا صفصفا، وهكذا أصبحنا جزءا من ثقافتين مختلفتين وكما حملنا الوطن بداخلنا ونحن في أوروبا، حملنا اوروبا بأكملها داخلنا ونحن نضع أولى أقدامنا بأرض الوطن القديم الجديد، قديم بداخلنا وجديد على عقولنا ...
وأمي " أمال " ربة منزل ورفيقة كمال الدين في الكفاح كانت معلمة للغة العربية فيما مضى ولكن قررت الاستقالة والتفرغ لتربيتنا وزرع قيم العرب بداخلنا، وهذا ما جعلنا نحمل داخلنا بذرة وطن لم نراه...
أخي الأكبر مني بعامين " وائل " طالب في كلية الهندسة أعتاد الرسوب بطريقة فريدة من نوعها،* حيث أنه يبهرنا بفشله في كل مرة...
أخي الأصغر مني بسبع أعوام " جلال " كل ما أستطيع قوله أنه أغنى أغنياء البيت- من حقه آخر العنقود- وأنا سبق وأن عرفتكم بنفسي " مريم " عمري الآن 25 طبيبة نفسية حديثة التخرج...
جلس خمستنا لتناول الطعام الذي لا يخلو من المشاحنات بين الجميع...
- انتي وعدتيني هتاخديني معاك العيادة يا" مريم ".
قالها جلال وفمه يمتلئ بالطعام،* ليرد عليه"* وائل " الرد المعتاد وهو يملئ فمه بالطعام...
- قلتلك ميت مره متتكلمش وبقك فيه أكل.
لينفجر الجميع ضاحكا،* بينما يصبح وجه " وائل " ك****ب،* حقا هناك شيئا خاطئا،* بينما يؤدي " وائل " دور الأخ الأكبر " الناضج " لا ينتبه إلا طبيعة شخصيته العبثية،* فيتصرف كأنه أحد الشخصيات الكارتونية المضحكة...
فتجده يوزع النصائح هنا وهناك وجميعنا يرى أنه من يحتاج للنصح بحق.
أحببت هذا الجو الأسري الذي يجمع عائلتنا الصغيرة،* ولكن رغم كل هذا كنت أحب أن أعيش تجربة الاستقلال كما في أوروبا ، التجربة التي لا يمنحها مجتمعنا الحالي إلا للرجال...
فهنا نحن- النساء- كالمزهريات التعليم والثقافة والجمال والأدب كلها كالزينة على وجه تلك الزهرية البائسة حتى إذا وضعوها في مكان فهي تجمله كباقي الأشياء، سواء كانت لوحة أو ستارة أو أريكة عثمانلية مزركشة أو حتى سجادة...
لحسن حظي انني ولدت لأب مثقف متحرر وولدت في بلاد تدرس بها جميع أنواع الحريات ، منحانا الحرية في كل اختياراتنا، نوع التعليم والعمل وحتى الزواج فعلى الرغم من " زن " والدتي المتواصل إلا انني أحبطت كل محاولاتها في إقناعي، فهي تريدني نسخة منها متعلمة تزوجت من ابن صديق والدها في سن لا أتصور أن أحد قادر على تحمل المسؤلية فيه، فبمجرد أن أنهت تعليمها تزوجت وبعدها بعامين سافرت إلى أوروبا بصحبة زوجها الهارب ...
حسنا لقد منحها القدر رمية أخرى لكي لا تصير " مزهرية " أخري، وتبدأ ببناء كيان خاص بها فأتقنت الإنجليزية وصارت مدرسة للغة العربية هناك، لماذا إذن لا تريد إعطائي تلك الفرصة؟، ودائما ما تقول تزوجي وبعدها اصنعي ما شئتي...
إنني وببساطة رافضة من الزواج من شخص لا يناسبني فكريا لمجرد أنه " لقطة ومناسب لوضعنا الاجتماعي "، أو لمجرد انني خائفة من" قطار الزواج هيفوتك "، انني رافضة لأي شئ يصنع مني" مزهرية " أخرى كباقي المزهريات...
لن أتزوج حتى أشارك زوجي في كل شئ،* فكره، وبيته،* وماله،* واهتماماته،* وكل شئ حرفيا، فأنا لا أريد أن ينفق أحدهم أجمل أيام حياته ليجني المال ويشيد لي قصرا من تعبه وكد لياليه لأصبح أحد مزهرياته يوما ما، سأظن أنه اشتراني وسيظن أنه امتلكني...
وللأسف جميع الفتيات هنا يخضعن لهذا القص الجائر للحرية، لدرجة أنهن أصبحن كسولات وأنانيات، لا يعملن وينتظرن الزواج وإذا عملت لا تشارك خطيبها في بناء البيت أو في أي شئ، وتنتظر منه أن يفعل كل شئ وكأنه خرج من مصباح علاء الدين رأسا إلى يديها ليحقق لها أحلاما كان ينبغي عليها أن تحققها بنفسها...
أظن أن حياتي ستكون بلا معنى حتى أستقل بها وهذا ما سأقنع والدي به...
ومن حسن حظي أن والدي اشترى لي شقة واسعة في المدينة لأجعل فيها عيادتي، فسأقنعه أن أستقل بحياتي هناك في المدينة حيث الصخب ولا وجود للنوم، وحيث المرضى النفسيين في كل مكان سيتهافتون على خدماتي...
الجزء الثاني ' سودوي '
********
مرت ثلاثة أيام على حياتي الجديدة في شقة وعيادة الدكتورة النفسية "مريم كمال الدين" رتبت فيها أغراضي وديكور عالمي الجديد ونسقت فيها مع نفسي خطة سير رحلتي نحو الاستقلال...
ثلاثة أيام كانت والدتي تهاتفني كل ساعة تقريبا، أنا أقدر قلقها كأم، ولكن هذا حلمي الذي حلمت بتحقيقه...
ثلاثة أيام خرجت منها بعدة قواعد وقوانين...
أولا:- مراعاة الميزانية، لا تسوق إلا مرة أسبوعيا...
ثانيا:- يجب أن أجد عملا مؤقتا في الصباح...
ثالثا:- العيادة لا تفتح إلا بعد الخامسة مساءا، وتغلق في العاشرة...
رابعا:- لا خروج من المنزل بعد العاشرة...
خامسا:- اممممم، لا يوجد خامسا
وفي ظرف أسبوع فقط كنت قد وجدت عملا كمحررة في جريدة انشر مقالاتي بها تحت اسم مستعار ، وكنت قد علقت ملصقات للإعلان عن عيادتي الصغيرة وأعلنت عنها على مواقع التواصل الاجتماعي، وحتى في الجريدة التي أعمل بها بالمراسلة وكلفني هذا ثروة صغيرة كنت في حاجة اليها...
مرت الحياة رتيبة في أول شهر، لم أتلقى أي مكالمة من مريض يحتاج لخبراتي العملاقة، ولم يزر عيادتي النفسية إلا شخص واحد، والدي الذي جاء ليطمئن على حياتي واقترح عليا أن أقدم على الماجستير وأكمل دراساتي العليا وهو طبعا من سيدفع المصاريف، فأنا وكما تعلمون أصبحت فقيرة الآن...
وهكذا عدت إلى الجامعة مرة أخرى مستعينة ببعض الأموال- على سبيل الاقتراض- من والدي...
استمرت حياتي على هذا الحال أكثر من سنة، حصلت فيها على الماجستير وعلى شهرة كبيرة في عالم الصحافة من خلال اسمي المستعار "جيداء" والجزء المبهج في سلسلة نجاحاتي هو عيادتي الجديدة، تبعد عن شقتي وعيادتي القديمة مقدار ربع ساعة بالسيارة، هذا مفيد للخصوصية بعض الشئ، فمن غير المقبول أن أعيش في نفس مكان العمل...
طرقت الممرضة الباب برفق لتعلن قدوم " زبون "...
ودعوني أصارحكم بأن العيادات النفسية عموما، روادها ليسوا كثرا، فهنا يعتبر الجميع ان العلاج النفسي نوع من الترف، ومن لا يراه كذلك يكابر ولا يعترف انه محتاج للعلاج، فبرغم ما حققته من نجاح إلا أن عيادتي روادها معدودين على الأصابع...
على كل حال، دخل " زبوني " الوحيد لهذا اليوم إلى غرفة الكشف لأرى أمامي شابا في الثلاثين من عمره بحد أقصى طويل القامة يكاد طوله يصل لأكثر من مائة وثمانين سنتيمترا، وهو ما يبدو لي عملاقا نظرا لقصر قامتي التي تبلغ مائة وخمس وخمسين سنتيمترا و يلبس بدلة سوداء على قميص أبيض ترتعش شفتاه من حين إلى آخر مما يدل على شدة توتره...
طلبت منه التفضل بالإسترخاء في أي مكان يراه مناسبا ليتخذ من " الشيزلونج " مستقرا له ممدا عليها...
حسسته على الكلام لينطق أول كلماته بلغة عربية فصحى...
- هل تسمحين بتدخين السجائر؟!
- أي شئ يجعلك مرتاحا...
أخرج سجائره التي تبدو من النوع الرخيص ولا تتناسب مع مظهره الدال على مدى ارستقراطيته، وامسكت ورقة بياناته التي أحضرتها الممرضة...
- محمود عيسى، إثنان وثلاثون عام... احكيلي ايه اللي مضايقك؟!
- ومين قال ان انا متضايق
- طيب إيه سبب مجيتك عندي؟؟
انهى نصف علبة سجائره تقريبا، ياله من مدخن شره، ولم تغره أسألتي أن ينطق بحرف واحد مما دفعه للمجئ لعيادتي، ورغم هذا لم أشعر بالملل وحاولت مرارا وتكرارا دون فائدة...
ولكن جذبتني إليه طريقته المسرحية في تدخين السجائر، ينظر إليها، يفركها بين إصبعيه كأنه يحتضنها، ويقربها ببطئ حتى تصل إلى شفاهه وكأنه يقبلها، جعلني أتمنى لو كنت سيجارة بين شفتيه...
تأملته على نحو أثار تعجبي حتى فاجأني بنظرة إلى عيني وكأنه قرأ كل شئ فكرت فيه، ارتبكت، ارتعشت أوصالي، لا ينبغي ان أرتبك فأنا الطبيبة لا هو، هو ليس الزبون الأول ولن يكون الأخير، ولكنه مختلف...
لا يجب أن يكون موقفي ضعيفا هكذا، وقف على قدميه واقترب مني ولم أجرؤ على إخراج حرف يتيم، كأن الأبجدية تخاصم شفاهي، مال بجزعه ليعبر نصفه العلوي مكتبا كان يفصلنا، وصلت شفتاه إلى أذني هامستا...
- " انا مفلس ليس لدي مال... للاسف لن يمكنني دفع حق الجلسة ".
قالها واعتدل بجسده واقفا يعدل ملابسه بطريقة تشبه برنسات العصر القديم وكأنه " أحمد مظهر " في فيلم " الأيدي الناعمة"، فلم يكن مني إلا أن جاوبته مبهورة بوسامته الفائقة
- لا عليك.
- اممممم... ولكن يمكنني أن أكون سائقك الخاص غدا بدلا من دفع نقودا لا أمتلكها.
- ولكن ليس لدي سيارة.
- أنا لدي واحدة.
ولكن ما الذي يجعله مختلفا، سأفقد عقلي، وعملي قريبا...
لا يجب أن يكون هناك أي نوع من المشاعر بيني وبين مرضاي ، لماذا وافقته وانا لا أحتاج لسائق ، أريد أن أراه كرة أخرى ...
دخل مريض آخر مع الممرضة ولم انتبه لها الا بعد أن وضعت بيانات المريض أمامي – الذي بدى عليه علامات القلق كأنه يواجه وحشا حقيقيا بالخارج – لم يحتج أي كلمات مني ليبدأ بقص قصة حياته أمامي ...
' انا 'رامز' عمري أربعون عاما مدير شركة ال.... المعروفة ، تزوجت في سن الخامسة والثلاثين لم يكن لي أي علاقات جنسية أو صداقة من الجنس الآخر ، كل ما كان يشغل رأسي هو العمل ... فقط العمل ومع مرور الأعوام نصحني أصدقائي بالزواج ، فأنا مليونير صغير ووسيم وسأحتاج من يرث بعدي كل ثروتي وحتى بعض وسامتي ...
ترددت كثيرا فأنا لم أقع في الحب من قبل ولا أريد أن أكون خائنا أو زير نساء لمجرد أنني تسرعت بالزواج من إحداهن دون الرجوع لقلبي بحثت عن المناسبة لما يزيد عن خمس سنوات كاملة ، لا أستمر في علاقة أكثر من أسبوعين ، فقلبي على ما يبدو لم يعد مهتما ...
وأخيرا وصلت لسن الخامسة والثلاثين وقررت أن هذا العام لن يمر إلا وأنا متزوج ، وما دام قلبي أهمل المهمة الوحيدة الموكلة إليه ، سأحول الأوراق حالا تحت إدارة عقلي الذري الذي أكسبني على مر السنوات الملايين من الدولارات ...
فمن مطبعة صغيرة ورثتها عن والدي أصبح لدي شركة عملاقة تدير العديد من المصانع المختلفة ، لا أظن عقلا كعقلي سيفشل في مهمة ضئيلة كهذه ...
وفعلا في أقل من شهر كنت متزوجا من ابنة الوزير ...... اسمها 'سوسن' زواج ممتاز من الزوجة المثالية ، سلطة وجمال وتعليم فائق وتربية قيمة تتفق مع قيمي ونزاهتي حقا أجاد عقلي الإختيار زواج او فلنقل 'صفقة' تخدم جميع طموحاتي ...
صفقة العمر ...
في أسبوع زواجنا الأول سافرنا إلى فرنسا ، لم نكن نغادر الفراش شعرت أن قلبي انتعش أخيرا ولكن سرعان ما انخمد كل شئ أنا أريد العودة إلى العمل فأنا لم اتغيب كل هذه المدة عن العمل الذي أعشقه ، ولكن ... هذا هو شهر العسل ، لن يُسَّروا أهلنا بعودتنا مبكرا فالجميع متوقع ان الشهر سيجذب في ذيله أشهرا ...
بدأت أشعر بالملل ، زوجتي تحبني وهي جميلة تطلبني كل يوم في الفراش وأنا أؤدي الخدمة مثلما يفعل جندي في الجيش تم تجنيده إجباريا مكرها أخاك لا بطل ...
شفتاها الحمراوتان لا تغريانني وهي تقترب مني صاهرتا كل ما يلامسها من هواء ، فيغلي الجو وتفور براكين الدنيا ويتحول كل شئ إلى لهب – إلا أنا – ذلك البائس الذي يبدو أنه لن يرى السعادة مطلقا ...
لسانها الصغير يدخل إلى فمي مستكشفا وغازيا فيقابل لساني المرتخي – كباقي أعضائي – يسلم عليه فلا يرد التحية ، هي تريد إثارتي ، والحق يقال انها تثير الحجر والطير ولكن لم تستطع إثارة ذاك الشئ المتخازل تحتي ، امسكت يدي توجهها إلى ثديها الذي يطلب الإسعاف ، الشغف غير موجود ، فتوقفت عما تفعل لتسألني ...
- حبيبي ... في حاجة ؟؟
أجبتها وعيني تتفحص ذاك الثوب الشفاف الذي لا يكاد يستر ملحمة جسدها ...
- مش عارف ، مش حاسس !.
- ممكن إرهاق يا قلبي متتعبش نفسك .
قبلت جبهتي قبلة بلون الأم الحنون ، والغريب اني لم أشعر بالضيق أو بالأسف ....
ومر شهر العسل على هذا النحو ، عدنا إلى بيتنا وعدت إلى عملي وتوالت الأشهر على نفس النحو لا أقربها ، أصبحت مزاجيا وأي شئ قادر على إثارة غضبي ، وأصبحت المسكينة حزينة تندب حظها ، تزوجت رجلا وسيما ويملك بحارا من المال وهي تملك بحارا بل محيطات من الجمال ومع هذا لا تشعر بالراحة أو السعادة ...
إستشرت صديقي 'سعيد' ، الذي هدأني وقال بكل بساطة أنه شئ طبيعي أكيد هي لم تعد تهتم بنفسها كأول إسبوع من الزواج ، وهذا ما نفرك منها ...
- سعيد ... لابد انك تمزح يا صديقي ، زوجتي قادرة على إثارة كاهن في الثمانين من عمره إذا خرجت عليه بخمار كامل ، انها مثال حي للفتنة ، المشكلة بداخلي يا صديقي ، المشكلة هنا بقلبي الذي يرفض أن يحب كأي شخص طبيعي .
- أنا عارف مشكلتك إيه ، انت محتاج تفرفش يا بوب ، انت تسيبلي نفسك وانا هخليك ترجع البيت زي الحصان .
وبعد الكثير الكثير من الإلحاح وافقت على دعوة صديقي إلى بار خاص لا يدخله إلا أصحاب الملايين ، جنة الأرض كما يصفها صاحبي ، وكانت هذه اول مرة أدخل فيها بار أو أشرب فيها الكحول او الحشيش .
مع أول خطوة خطيت فيها داخل البار تنبه عقلي لشئ محوري سيحدث الليلة ، وهذا ما حدث عندما رأيت لولا ...'
- مهلا أنا لم تذهب لأي طبيب أمراض ذكورة ؟!
- كنت مستبعد هذا الخيار تماما أيتها الطبيبة ، فأنا أشعر أنني طبيعي فقضيبي ينتصب لرؤية الفاتنات أمثالك وعذرا لقباحة لفظي .
- لا عليك ... ولكن أنا أنصحك برؤية الطبيب ، فأنا لا أرى إنتصاب قضيبك على الفاتنات أمثالي شيئا طبيعيا وأنت لا تستطيع حتى مضاجعة زوجتك الفاتنة كما تصفها ، هذا مئة في المئة مرض نفسي ولكني أفضل أن تزور طبيبا لأمراض الذكورة وتعطيني نتائج الفحص لأقرر حالتك من خلالها .
- للأسف لقد فات الأوان .
- لماذا ؟!
- استمعي لباقي القصة وستعرفين .
*******
نهاية الجزء الثاني وآسف على التأخير