faryak
02-25-2020, 05:59 PM
على سبيل التقديم :
ما الجنس الأدبي الذي يُتحدث فيه باسم شخصية متخيلة بلا اسم ولا ملامح ولا توصيف، وتستمر هذه الشخصية في مونولج منفرد نحوًا من ثمانمئة كلمة؟
على أية حالٍ، أعتقد أن مكان مثلِ هذا مثلُ هذا المكان (وهذا الأولى عائدة على الجنس الأدبي المستفسَرِ عنه بأَخَرَةٍ فانتبه..)
فإن لم يكن ذاك كذلك فخالص الاعتذار للسادة القائمين على التصنيف والإشراف.. :smi:
---
العمر يمضي يا ابن أخي.. مثل الدراجة يا ابن أخي.. فراكب الدراجة _يا ابن أخي_ إما أن يقف فتهوي به إلى الأرض (أو إلى جوف الأرض).. أو يمضي مسرعًا متحسرًا في كل لحظة على ما فات ويفوت من اللذائذ اللائي لن يعُدْنَ وقد يمرُرْنَ مرَّ السحابِ!.. إيه يا زمانُ إيهِ... حتى الحواس فقدْن رونقهنَّ لما خفَتْ حدَّتُهُنَّ.. قل للشباب المستهتر بما يرفل فيه من الثراء: ما يُحْسِنُ الشيخ يشم عبق العشب الأخضر ولو مرغ فيه أنفَه؛ لا يدرك النضرَ إلا النضرُ!
إيه يا عمري الضائع فيما لا يُذْكَرُ فتفترَّ لذكراه الشفاهُ في ابتساماتٍ ذئبياتٍ بناتِ كلب (في تداخل نادر بين الجنسَين الحيوانيَّين).. "ما كنْتُ أوفي شبابي كُنْهَ غُرَّتِه ||| حتى انقضى فإذا الدنيا له تَبَعُ".. صدَقْتَ يا مولانا، صدقْتَ... الدنيا سُكَّرٌ ذائبٌ في شاي الشباب، فلما فرغْنا منه فرغْنا منها..
قل لي يا ابن أخي (واصدقني _هداك_ فإنه لا يحسُنُ بالفتى أنْ يكذب على الشيخ الفاني) أتمد يديك حينًا فتقبض بهما على ردفَيك الريانَيين؟ فيعجبك التكور والبضاضة؟ فتُتْبِعُ القبضَ الصفعَ، والصفع القبض؟.. أوَتقول لنفسِك حينَها _أو تقول لك نفسُك_: «يا ليتَ عندَنا من يسمع ويرى (ويلمس ويُقَبِّلُ ويَعَضُّ ويَفْرُكُ) كلَّ هذا الثقلِ وكلَّ هذه النضرةِ، فيُمْتِعُ ويستمتع! »؟.. أوَتصوِّرُ لنفسِكَ _أو تصوِّرُ لك نفسُك_ حينئذٍ صورةَ هذا المُعْجَبِ المتخَيَّلِ- فارعَ القامة، عظيمَ الهامة، أشيب الفودَين، شلولخ، يتقن ستَّ لغاتٍ (وهو بسبيله لإتقان السابعة)، اختارَتْ له الإدارة فيما اختارَتْ كودًا _به يتميز عن نظرائه_ فاختارَتْ له: (ن-1)، تشبهًا بأغنية شهيرة لمغنٍّ محدَثٍ..
المهم _يا ابن أخي_: هل تتخيل في حالتك تلك موقفك أنت و(ن-1) وقد ضمك وإياه مكانٌ خالٍ، فنظر إليك في محل الريبة نظرةَ الريبة، فعلاك البهرُ، واسترخَى منك المرفقان والركبتان، وقالَتْ لك نفسُك: «ويلي عليك وويلي منك يا رجلُ؛ اركض ويلك، فإنك مأتيٌّ لا محالة... مطروقٌ لا مندوحة... مطلوبٌ لا مهرب... مأكول لا مفرَّ... أو لا فانتظر، انتظر، انتظر! إنك إن تركضْ؛ هربًا منه، تولِّه دبرَكَ، وما أنت آنذاك بِنِدٍّ لمثله، ولا مُكَوَّرَتُك تقوم لثعبانه، ولا قفاك يتصدى لعدوانه، فيكون أنك مستدبِرُهُ وهو مستقبلك، والرغبة شديدة، و"المصلحة" منكشفة أمام قوات العدو لا يحول بينها وبينه شيءٌ، فينقض عليك، والرغبة جارفة، فيطرحك أرضًا، والرغبة متوقدة، ويُنْزِل السروال، والرغبة حارقة، فتزول المقدمات وتتداعى الخواتيم، وينكشف كل شيءٍ من مكان قريب، والرغبة ملتهبة، فتكون تحته وهو فوقك، متاحًا لك من الجو انصبابًا، والرغبة جهنمية، فيُدْخِلَ في جوفك من جهتك الخلفيـ-»فتضطر مع توالي الصور _يا ابن أخي_ أن تنهى نفسك عن الاسترسال؛ تقولُ لها: «يا نفسُ، أتغرينني من حيث تحذرينني؟! فذلك كما قال اللوطي الأكبر (أبو نواس): "دع عنك لومي فإن اللوم إغراء".. يا نفسُ، ما مثلي ومثلك إلا كمثل رجل كان عنده حمار وفرس وناقة، فباع الحمار وبقي الفرس والناقة، فقال الفرس للناقة يومًا- » فتقاطعك نفسُك _على شدة رغبتِها في إتمامك خبر الناقة والفرس_؛ تقول لك: «انتبه، انتبه، انتبه! أُتِيتَ أو كدْتَ.. » فما هي _يا ابن أخي_ إلا نظرة واحدة، فإذا (ن-1) قد قطع المسافة التي بينكما _ويقدرها العالمون من أهل الاختصاص بعشرة آلاف ألف فرسخ وخمس مئة وعشرين ونيف فرسخًا_ في جزء من الثانية، ثم استدار ليلْكُمَ الأول في رشاقة، ثم مزع ملابسك بقبضته الحديدية، وقبض على مؤخر رأسك كما تقبض الحاجة (أم عابد) على الدجاجة وقد شحذت شفرتها تضمر لها الهلاك، وقال (ن-1) بصوته الـ(ن-1)ـي: «أأغرَتْكَ نفسُك أن تهرب من قبضتي، وأنى لك المهرب! » فينعقد لسانُكَ ولا ينطلق، ويقول لسان حالك: «لبيك لبيك، عبدك بين يديك»، فيبتسم (ن-1) في ثقة، ويعلم من حالِهِ وحالِكَ ما يعلمه الهر قد أحاط بالفأرة من أقطارها، فسكنَتْ له وما كادَتْ قبل ذلك تسكنُ.. فيقول لك _وقد عضَّتْ عليا ثناياه سفلى شفتَيه_ : «ما ترى أني فاعلٌ بك؟» فتقول _وقد لنْتَ له أيَّ لينٍ_: «كل مرادكم نافذ يا مولاي».. فيقول _ثقةً ببلوغه ما هو فوق ذلك_:«قد ملكنا إنفاذَ أمرِنا، شئتَ أم أبيتَ، لكِنْ كيف حالُ من لا حكم لنا عليه؟» فيخفق قلبُك الصغيرُ لمّا سمع التعريض به، ويُلِحُّ القلبُ _يا ابن أخي_ أن تصارح، فتصارح بصوت خفيض: «نَفَذَ ورضينا يا مولاي!».. فتخفُتُ الأصوات وتعلو الموسيقى التصويرية حتى تكاد تصم السامع.. ويدعوه إليك عيناك وشفتاك.. وكُلُّكَ.. فيجيب الدعوة..ولو لم تدعُه لأخذ عنوةً ما فُتِحَ له طوعًا.. وقَبَضَ وضَمَّ وعانقَ وقَبَّلَ، وأخذ بمجامع عقله النشوةُ، فأغلى وأفرط حتى استحالَتِ اللذة ألمًا، ثم أغلى وأفرط فعاد الألم لذةً، ثم أغلى وأفرط فاختلطا اختلاط الروح بالجسد، فالآهات لذةُ ألم، والدموعُ ألمُ لذةٍ.. ولا يبقى منه شيء إلا غزا واقتحم، ولا منك شيءٌ إلا فُتِح واستسلم.. حتى قضى كلٌّ وطرَه، وزاد فيك ما نقص منه..ثم سكن كلُّ شيءٍ، وارتكنَتِ الجوارح للدعة حتى لم يعُدْ لها من اسمها نصيبٌ.. إلا ابتسامة _تعدي الناظر فيبتسم لها_ قد ارتسمَتْ على شفتيك، وأبَتْ أن تفارقهما وقد فارقك الوعيُ لتغرق في برزخ النوم..
أتعرف _يا ابن أخي_ تلك الأمانيَّ وهذه الأخيلة؟ أتأنس لها كما كنْتُ آنس لها يومَ كان إنفاذُها واقعًا لا يُحْوِجُني لأكثرَ مِنْ أن أدعوَ فيتداعى عليَّ مَنْ يجيبُ؟ قد زال ذلك _يا ابن أخي_ في حقي، ولو دعوْتُ لهزأ المدعوُّ وتفهَّمَ الداعي هزأه... فأعقب ذلك مرارة وحسرة لا يُرْجَى برؤها.. وأنَّى لها البرء! وأعقَبَ ذلك قولُ "كان" و"زال" و"عسى" و"ليت"!
فخذ عني النصيحة _يا ابن أخي_ فإني لك ناصحٌ شفيقٌ: اطلب ولا تحفلْ بالناس.. ومَنْ هَمَّ فاسْعَ له.. ومن طَلَبَ فَنَوِّلْه.. ولا تبيتنَّ ليلةً إلا وفوقك واحد أو تحتك واحد ما استطعْتَ إلى ذلك سبيلًا!.. وقد صدق الشاعر إذ يقول:
"من راقبَ الناسَ مات همًّا *** وفاز باللذة الجسورُ"!
— تَــــــــــــــــــمَّــــــــــتْ —
ما الجنس الأدبي الذي يُتحدث فيه باسم شخصية متخيلة بلا اسم ولا ملامح ولا توصيف، وتستمر هذه الشخصية في مونولج منفرد نحوًا من ثمانمئة كلمة؟
على أية حالٍ، أعتقد أن مكان مثلِ هذا مثلُ هذا المكان (وهذا الأولى عائدة على الجنس الأدبي المستفسَرِ عنه بأَخَرَةٍ فانتبه..)
فإن لم يكن ذاك كذلك فخالص الاعتذار للسادة القائمين على التصنيف والإشراف.. :smi:
---
العمر يمضي يا ابن أخي.. مثل الدراجة يا ابن أخي.. فراكب الدراجة _يا ابن أخي_ إما أن يقف فتهوي به إلى الأرض (أو إلى جوف الأرض).. أو يمضي مسرعًا متحسرًا في كل لحظة على ما فات ويفوت من اللذائذ اللائي لن يعُدْنَ وقد يمرُرْنَ مرَّ السحابِ!.. إيه يا زمانُ إيهِ... حتى الحواس فقدْن رونقهنَّ لما خفَتْ حدَّتُهُنَّ.. قل للشباب المستهتر بما يرفل فيه من الثراء: ما يُحْسِنُ الشيخ يشم عبق العشب الأخضر ولو مرغ فيه أنفَه؛ لا يدرك النضرَ إلا النضرُ!
إيه يا عمري الضائع فيما لا يُذْكَرُ فتفترَّ لذكراه الشفاهُ في ابتساماتٍ ذئبياتٍ بناتِ كلب (في تداخل نادر بين الجنسَين الحيوانيَّين).. "ما كنْتُ أوفي شبابي كُنْهَ غُرَّتِه ||| حتى انقضى فإذا الدنيا له تَبَعُ".. صدَقْتَ يا مولانا، صدقْتَ... الدنيا سُكَّرٌ ذائبٌ في شاي الشباب، فلما فرغْنا منه فرغْنا منها..
قل لي يا ابن أخي (واصدقني _هداك_ فإنه لا يحسُنُ بالفتى أنْ يكذب على الشيخ الفاني) أتمد يديك حينًا فتقبض بهما على ردفَيك الريانَيين؟ فيعجبك التكور والبضاضة؟ فتُتْبِعُ القبضَ الصفعَ، والصفع القبض؟.. أوَتقول لنفسِك حينَها _أو تقول لك نفسُك_: «يا ليتَ عندَنا من يسمع ويرى (ويلمس ويُقَبِّلُ ويَعَضُّ ويَفْرُكُ) كلَّ هذا الثقلِ وكلَّ هذه النضرةِ، فيُمْتِعُ ويستمتع! »؟.. أوَتصوِّرُ لنفسِكَ _أو تصوِّرُ لك نفسُك_ حينئذٍ صورةَ هذا المُعْجَبِ المتخَيَّلِ- فارعَ القامة، عظيمَ الهامة، أشيب الفودَين، شلولخ، يتقن ستَّ لغاتٍ (وهو بسبيله لإتقان السابعة)، اختارَتْ له الإدارة فيما اختارَتْ كودًا _به يتميز عن نظرائه_ فاختارَتْ له: (ن-1)، تشبهًا بأغنية شهيرة لمغنٍّ محدَثٍ..
المهم _يا ابن أخي_: هل تتخيل في حالتك تلك موقفك أنت و(ن-1) وقد ضمك وإياه مكانٌ خالٍ، فنظر إليك في محل الريبة نظرةَ الريبة، فعلاك البهرُ، واسترخَى منك المرفقان والركبتان، وقالَتْ لك نفسُك: «ويلي عليك وويلي منك يا رجلُ؛ اركض ويلك، فإنك مأتيٌّ لا محالة... مطروقٌ لا مندوحة... مطلوبٌ لا مهرب... مأكول لا مفرَّ... أو لا فانتظر، انتظر، انتظر! إنك إن تركضْ؛ هربًا منه، تولِّه دبرَكَ، وما أنت آنذاك بِنِدٍّ لمثله، ولا مُكَوَّرَتُك تقوم لثعبانه، ولا قفاك يتصدى لعدوانه، فيكون أنك مستدبِرُهُ وهو مستقبلك، والرغبة شديدة، و"المصلحة" منكشفة أمام قوات العدو لا يحول بينها وبينه شيءٌ، فينقض عليك، والرغبة جارفة، فيطرحك أرضًا، والرغبة متوقدة، ويُنْزِل السروال، والرغبة حارقة، فتزول المقدمات وتتداعى الخواتيم، وينكشف كل شيءٍ من مكان قريب، والرغبة ملتهبة، فتكون تحته وهو فوقك، متاحًا لك من الجو انصبابًا، والرغبة جهنمية، فيُدْخِلَ في جوفك من جهتك الخلفيـ-»فتضطر مع توالي الصور _يا ابن أخي_ أن تنهى نفسك عن الاسترسال؛ تقولُ لها: «يا نفسُ، أتغرينني من حيث تحذرينني؟! فذلك كما قال اللوطي الأكبر (أبو نواس): "دع عنك لومي فإن اللوم إغراء".. يا نفسُ، ما مثلي ومثلك إلا كمثل رجل كان عنده حمار وفرس وناقة، فباع الحمار وبقي الفرس والناقة، فقال الفرس للناقة يومًا- » فتقاطعك نفسُك _على شدة رغبتِها في إتمامك خبر الناقة والفرس_؛ تقول لك: «انتبه، انتبه، انتبه! أُتِيتَ أو كدْتَ.. » فما هي _يا ابن أخي_ إلا نظرة واحدة، فإذا (ن-1) قد قطع المسافة التي بينكما _ويقدرها العالمون من أهل الاختصاص بعشرة آلاف ألف فرسخ وخمس مئة وعشرين ونيف فرسخًا_ في جزء من الثانية، ثم استدار ليلْكُمَ الأول في رشاقة، ثم مزع ملابسك بقبضته الحديدية، وقبض على مؤخر رأسك كما تقبض الحاجة (أم عابد) على الدجاجة وقد شحذت شفرتها تضمر لها الهلاك، وقال (ن-1) بصوته الـ(ن-1)ـي: «أأغرَتْكَ نفسُك أن تهرب من قبضتي، وأنى لك المهرب! » فينعقد لسانُكَ ولا ينطلق، ويقول لسان حالك: «لبيك لبيك، عبدك بين يديك»، فيبتسم (ن-1) في ثقة، ويعلم من حالِهِ وحالِكَ ما يعلمه الهر قد أحاط بالفأرة من أقطارها، فسكنَتْ له وما كادَتْ قبل ذلك تسكنُ.. فيقول لك _وقد عضَّتْ عليا ثناياه سفلى شفتَيه_ : «ما ترى أني فاعلٌ بك؟» فتقول _وقد لنْتَ له أيَّ لينٍ_: «كل مرادكم نافذ يا مولاي».. فيقول _ثقةً ببلوغه ما هو فوق ذلك_:«قد ملكنا إنفاذَ أمرِنا، شئتَ أم أبيتَ، لكِنْ كيف حالُ من لا حكم لنا عليه؟» فيخفق قلبُك الصغيرُ لمّا سمع التعريض به، ويُلِحُّ القلبُ _يا ابن أخي_ أن تصارح، فتصارح بصوت خفيض: «نَفَذَ ورضينا يا مولاي!».. فتخفُتُ الأصوات وتعلو الموسيقى التصويرية حتى تكاد تصم السامع.. ويدعوه إليك عيناك وشفتاك.. وكُلُّكَ.. فيجيب الدعوة..ولو لم تدعُه لأخذ عنوةً ما فُتِحَ له طوعًا.. وقَبَضَ وضَمَّ وعانقَ وقَبَّلَ، وأخذ بمجامع عقله النشوةُ، فأغلى وأفرط حتى استحالَتِ اللذة ألمًا، ثم أغلى وأفرط فعاد الألم لذةً، ثم أغلى وأفرط فاختلطا اختلاط الروح بالجسد، فالآهات لذةُ ألم، والدموعُ ألمُ لذةٍ.. ولا يبقى منه شيء إلا غزا واقتحم، ولا منك شيءٌ إلا فُتِح واستسلم.. حتى قضى كلٌّ وطرَه، وزاد فيك ما نقص منه..ثم سكن كلُّ شيءٍ، وارتكنَتِ الجوارح للدعة حتى لم يعُدْ لها من اسمها نصيبٌ.. إلا ابتسامة _تعدي الناظر فيبتسم لها_ قد ارتسمَتْ على شفتيك، وأبَتْ أن تفارقهما وقد فارقك الوعيُ لتغرق في برزخ النوم..
أتعرف _يا ابن أخي_ تلك الأمانيَّ وهذه الأخيلة؟ أتأنس لها كما كنْتُ آنس لها يومَ كان إنفاذُها واقعًا لا يُحْوِجُني لأكثرَ مِنْ أن أدعوَ فيتداعى عليَّ مَنْ يجيبُ؟ قد زال ذلك _يا ابن أخي_ في حقي، ولو دعوْتُ لهزأ المدعوُّ وتفهَّمَ الداعي هزأه... فأعقب ذلك مرارة وحسرة لا يُرْجَى برؤها.. وأنَّى لها البرء! وأعقَبَ ذلك قولُ "كان" و"زال" و"عسى" و"ليت"!
فخذ عني النصيحة _يا ابن أخي_ فإني لك ناصحٌ شفيقٌ: اطلب ولا تحفلْ بالناس.. ومَنْ هَمَّ فاسْعَ له.. ومن طَلَبَ فَنَوِّلْه.. ولا تبيتنَّ ليلةً إلا وفوقك واحد أو تحتك واحد ما استطعْتَ إلى ذلك سبيلًا!.. وقد صدق الشاعر إذ يقول:
"من راقبَ الناسَ مات همًّا *** وفاز باللذة الجسورُ"!
— تَــــــــــــــــــمَّــــــــــتْ —